هل تؤدي وسائل التواصل الاجتماعي إلى ارتفاع نسبة التوتر والقلق وتفشيهما كالمرض المعدي؟
هل بإمكان موقع فيسبوك وتويتر أن يزيد من احساسك بالتوتر عندما تحصل أمور سيئة للأصدقاء والعائلة؟
هل شعرت بالندم على تغريدتك الأخيرة أو تذمرت من عدد أصدقائك على موقع فيسبوك؟
لا تقلق لأن الأمر طبيعي وهذه هي الأسباب :
يتبادر للذهن في بعض الأحيان أن استخدام وسائل التواصل الاجتماعي تزيد من التوتر في حياتنا، لكن وفقاً لدراسة أعدها مركز بيو للأبحاث Pew Research Center وهو مؤسسة أبحاث أمريكية مقرها في واشنطن تبين أن هذا الأمر ليس صحيحاً بالضرورة. فبعض الناس والمرأة بالتحديد بإمكانها الاستفادة من التواصل الاجتماعي، غير أن هناك مؤشرٌ بسيط يجب الحذر منه، وهو أن المعرفة المتزايدة لمشاكل الآخرين من شأنها ان تؤدي إلى انتشار حالة التوتر كالوباء المعدي مما يؤدي إلى زيادة "ضريبة الاهتمام" التي غالباً ما تدفعها النساء أكثر من الرجال.
وقد أجرت الدراسة مسحاً لمستويات التوتر شمل 1.801 بالغاً باستعمال مقياس التوتر الإدراكي المستخدم على نطاق واسع، وهو يعمل على طرح أسئلة مخصصة لقياس مدى شعور الناس بأن حياتهم مليئة بالأعباء غير المتوقعة ولا يمكن التحكم بها. ثم سأل الفريق الناس حول تفاصيل تتعلق باستعمالهم لوسائل التواصل الاجتماعي مثل المنصات الاجتماعية التي يستخدمونها، وكم من الوقت يمضون مع بعضهم، وكم عدد الاتصالات الموجودة لديهم، وما هو حجم تعليقاتهم أو مشاركاتهم ومدى تكرارها.
يقول المؤلف كيث هامبتون من جامعة روتجرز "إن الاعتقاد السائد أن مستخدمي وسائل التواصل الاجتماعي يشعرون بضغط هائل أثناء المشاركة في وسائل التواصل الاجتماعي ويزداد هذا الضغط مع ما يشعر به المستخدمون من أهمية بل وضرورة البقاء على إطلاع عليها خوفاً من فقدان أي نشاطات قد يُشارك بها الآخرون من دونهم ، وأنهم يشعرون بالقلق بعد مشاهدة الصور الناجحة التي يعرضها أصدقائهم على موقع فيسبوك". غير أن تقرير مركز بيو للأبحاث لا يؤيد هذه الفكرة، حيث يزعم أنه "لا يوجد أي دليل في قاعدة بياناتنا يرجح أن مستخدمي وسائل التواصل الاجتماعي يشعرون بتوتر أكبر مقارنةً بأولئك الذين يستعملون التقنيات الرقمية على الأقل أو غيرهم الذين لا يستعملوها على الإطلاق."
أظهرت نتائج المسح أن كثيراً من الإناث اللاتي يستعملن موقع تويتر والبريدالاالالكترونيمشاركة صور الموبايل أقل توتراً من أولئك الذين لا يفعلون ذلك. وعلى سبيل المثال سجلت المرأة التي يتضمن يومها الطبيعي إرسال أو قراءة 25 بريداً الكترونياً واستعمال موقع تويتر عدة مرات ومشاركة صورتين من هاتفها نسبة توتر أقل بمقدار 21% على مقياس التوتر الإدراكي مقارنة بالمرأة التي تتجنب هذه التقنيات.
في حين بينت النتائج أن الرجال أقل توتراً عموماً في حياتهم؛ في حين أن 7 بالمائة منهم أقل من النساء، لكن لم يظهر عليهم أي هبوط مماثل لمستويات التوتر المرتبط باستعمالهم لوسائل التواصل الاجتماعي.
تتوافق نتائج المسح مع كثير من المقالات الأكاديمية المعنية بموضوع وسائل التواصل الاجتماعي، يقول دهيراج مورثي، عالم اجتماع ومؤلف كتاب تويتر، والذي كان يعمل بشكل مستقل عن البحث يقول : " بإمكان التقنية الرقمية العمل كنظام إدراكي اجتماعي يبقينا على إطلاع بالأحداث التي تحصل في حياة الآخرين، وتسمح لنا بمشاركة هذه التحديثات بداية من اتفه الأمور حتى أكثرها أهمية! " .
يرى مورثي أن: "بإمكان هذا الوعي والمشاركة أن يحمل تأثيرات إيجابية على حياتنا الاجتماعية والنفسية". وبالتحديد إن أصبحنا في حياتنا المليئة بالمشاغل والتي تتزايد فيها عزلة الفرد اجتماعياً أكثر من خلال وسائل التواصل الاجتماعي، فإن ذلك من شأنه التقليل من مستويات التوتر لدينا، حيث أن المشاركة والسلوكيات المشتركة متصلة دائماً من الناحية التاريخية بصحة عقلية أفضل."
تفيد بعض البحوث أن ثمة تأثيرات سلبية لاستعمال وسائل التواصل الاجتماعي بما في ذلك مقالة نشرت في شهر أغسطس 2014، والتي ترى أن موقع فيسبوك قد يهدد صحة البالغين. وعلى الرغم من أن العلاقة بين وسائل التواصل الاجتماعي والتوتر علاقة معقدة، إلا أن كثيراً من الدراسات ركزت على المستخدمين المفرطين حسب رأي مورث. عموماً الإدراك المشترك لمعظم مستخدمي وسائل التواصل الاجتماعي هو أنهم حالات توتر مرتبطة بأدوات لا تقوم على أساس النظرة المتمعنة والبحث المتعمق.
"هنالك بالطبع أفراد في هذا المخيم لكنهم يشكلون استثناءً وليس قاعدة" يقول مورثي. "كثير منهم يضحكون عندما يشاهدون صور أطفال حديثي الولادة في العائلة على وسائل التواصل الاجتماعي، وعندما يشارك الآخرون الطعام الذي تناولوه أو الفيلم الذي انتهوا من مشاهدته للتو. مرة أخرى هذه الأنواع من التواصل الاجتماعي بإمكانها تقليل التوتر لبعضهم وهي ليست مهيجة لأي توتر".
من ناحية أخرى يُشير تقرير مركز بيو للأبحاث أن بوسع وسائل التواصل الاجتماعي جعل المستخدمين أكثر إدراكاً لأحداث سلبية في حياة أصدقائهم والعائلة. وعندما يعلم المستخدمون عن حالات الوفاة أو المرض أو خسارة العمل أو أي مشاكل أخرى ضمن دائرة أصدقائهم، يشعرون بدورهم بتوتر إضافي كان بإمكانهم تلافيه.
"عندما يصطدم المستخدمون بأشياء محزنة جداً في حياة أصدقائهم فهذا من شأنه أن يلقي بثقله عليهم" حسب رأي لي رايني من مركز بيو للبحوث.
وعند النظر إلى "ضريبة الاهتمام" نجد أن نصيب المرأة أكبر من نصيب الرجال ، لكن هذا جزئي لأنهم أكثر إدراكاً لحوادث مؤلمة بين أصدقائهم والعائلة. ووفقاً لمسح بيو، فإن الإدراك الوسطي لأي أنثى تستعمل موقع فيسبوك يتراوح ما بين 13 إلى 14 بالمائة لحالات أكثر توتراً في حياة الصلات الاجتماعية القريبة والمعارف مقارنةً بأي امرأة لا تستعمل موقع فيسبوك. أما الذكور فهم أكثر إدراكاً بنسبة 8% لتلك الأحداث ضمن الصلات الاجتماعية القريبة، و6% بالمائة فقط في حياة المعارف.
تنضم النساء غالباً إلى مناسبات غير مرغوب بها حياة الأصدقاء والعائلة الذين لديهم ارتفاع كبير في مستويات التوتر لديهم. وهذا يتضمن وفاة زوج او قريبة أو شريك أو طفل ، كما أن المرأة تصبح متوترةً عندما يتهم أحد اصدقائها مثلاً بأي جريمة أو يُخفض مستواه الوظيفي أو راتبه، لكن الرجال من ناحية أخرى ترتفع لديهم مستويات التوتر فقط عند اتهام شخص من أقربائهم بأي جريمة، أو عندما يتعرض أحد معارفهم لأي تخفيض للراتب أو المستوى الوظيفي.
وكشف التقرير أن الرجال والنساء يختبرون ضريبة الاهتمام عبر منصات التواصل الاجتماعي المختلفة. وإضافة إلى موقع فيسبوك، أصبحت النساء أكثر إدراكاً لعوامل توتر أخرى عبر مشاركة الصور عبر الشبكة مثل موقع تويتر و Pinterest. لكن يبدو أن الرجال أكثر إدراكاً من خلال الرسائل النصية أو البريد الالكتروني أو موقع LinkedIn. ووفقاً لتقرير مركز بيوللأبحاث فإن هذه الفروقات تسلط الضوء على طرق استعمال الرجال والنساء للتقنيات المتاحة للتواصل مع المجموعات المتنوعة بما في ذلك العائلة وزملاء العمل والأصدقاء والمعارف.
وبصرف النظر عن منصة التواصل الاجتماعي، يرى التقرير أن فكرة التوتر بإمكانها العمل كداء معدي، ويبدو أن وسائل التواصل الاجتماعي بإمكانها تسهيل تفشيه: "من المؤكد أن زيادة الوعي الاجتماعي بإمكانه أن يكون سلاح ذو حدين" حسب قول مورثي.