ماتأثير العلاقة مع المال على الصحة؟
يشكل القلق والتوتر حول المال جزءاً من حياتنا اليومية بدءاً من أقساط الرهن والإيجار إلى المصاريف الصحية وتكاليف العناية بالأطفال ولائحة لا نهاية لها ولا يعيش أحدنا وحيداً في هذا المأزق، فقد أظهرت عدة دراسات في العالم وجود نوع من الضغط أو التوتر بسبب المال. هذا على الرغم من حقيقة أنه لا يوجد ما يثبت دور المال في زيادة سعادة الإنسان. فقد توصلت دراسة واسعة قامت بها جامعة برينستون أن دخلاً يقل عن (75000) دولار سنوياً قد يسبب التعاسة، إلا أن الوصول إلى هذا المستوى من الدخل لن يكون له تأثير على السعادة
يرى براد كلونتز مؤسس معهد علم النفس المالي والأستاذ الجامعي بأن العلاقة بين المال والسعادة تنتفي عندما يشعر المرء بأن حاجاته الأساسية مؤمنة كالغذاء والمأوى، أما الأسباب وراء التوتر الذي يسببه المال فهي بيولوجية ونفسية مع السبب الأساسي وهو أننا نقارن المستوى المالي الذي وصلنا إليه مع مستوى الآخرين حولنا، ولهذا السبب نجد الفقراء في البلدان الأخرى أكثر موضوعية وإحساساً بالسعادة، في حين أن من يملكون أكثر منهم مئات المرات في هذا البلد مثلاً يشعرون بالتعاسة والفقر لأنهم يقارنون ما لديهم مع من يفوقهم ثروة.
في كتابه (علاج قلق المال) يدعو كوروشي اوستواري ذلك باضطراب قلق المال. إن الاعتقاد أن كسب مبلغ معين من المال يمنح شعوراً بالأمان صحيح إلى حد ما، وسواء كانت المتطلبات حقيقية أو وهمية فإنها تبعث بإشارات إلى الجسم بوجود خطر ما. فالخوف من الخطر أو الإحساس بعدم تجاوزه حقيقي ويمكن للتوتر أن يولد ردود فعل جسمية تشبه ردود فعل الحيوان عندما يكون في حالة الدفاع أو الصيد، كتشنج الحلق، والأكتاف المحدبة وتسارع نبضات القلب والألم في ناحية الصدر، كلها عبارة عن انعكاس بأن الجسم أصبح جاهزاً للقتال أو الهرب.
وينوه اوستواري بأن من المفيد الإحساس ببعض التوتر تجاه المال، فالضغط الجيد يحرك الإنسان وينبهه لضرورة الاحتراس وعدم التوسع أو المبالغة بالاستدانة أو بالكرم، ثم هناك رد الفعل الخارجي الذي يوحي للمرء بأن ما لديه لا يكفي وهذا ما يؤثر على الإحساس بالقيمة الذاتية.
أما الناحية الجيدة فوجود طرق سليمة لمعالجة قلق المال، والنقاط التالية جديرة بالدراسة:
1- التفكير بالآراء المتوارثة حول المال:
تنتقل معتقداتنا حول المال من الآباء والأجداد والثقافة والمجتمع فالأمران اللذان نحتاج إليهما للأمان والرخاء الماديين هما ادخار المال من أجل المستقبل، وعدم الإنفاق أكثر من الدخل، فإذا كنت تشعر بالقلق حيال المال عليك أن تسأل نفسك:
- ما هي الطبقة الاقتصادية التي نشأت فيها؟
- كيف كانت آراء الأهل حول المال؟
- ما هي أول ذكرياتك حول المال؟
- ما هي أكثر الذكريات إيلاماً حول المال؟
وقد تكشف لك الإجابات عن الكثير.
2- فكر بالمال كوسيلة:
إن النظر إلى المال على أنه وسيلة يمنح شعوراً بالتحكم، فهو كالمطرقة قد تستعمل لبناء منزل أو لهدمه، إنه مجرد وسيلة ويمكن أن يستخدم لخلق أشياء جميلة إذا وضع في اليد المناسبة، وإلا فيمكنه تدمير الأشياء وإلحاق الأذى بالناس.
3- اليقظة والتنبه:
غالباً ما ننفق المال لسد ثغرة عاطفية، كالشعور بالوحدة أو الاكتئاب، وقد يساعد ذلك لفترة قصيرة ثم يتلاشى. إن الانتباه طريقة جيدة للإحساس بالكمال، ومن المستحسن تجربة ذلك عند شراء الهدايا والطعام ودفع الفواتير.
4- تقليد سلوك الأغنياء:
يظهر الشخص الثري بعض القلق حول المال، فالقلق الحسن يسمح له بأن يدرك أنه إذا أنفق كل ما لديه لن يبق له شيء. فأصحاب الملايين هم عادة من لا ينفق الكثير من المال، فقد وصل معظمهم إلى هذا المستوى من خلال حياة مليئة بالكد والاجتهاد والادخار، وقد تزيد ثروتهم أكثر من 18 مرة عن شخص من الطبقة الوسطى إلا أن منازلهم بذات المساحة.
كما أن لدى الأثرياء:
- ديون استهلاك قليلة، كالديون على البطاقة الائتمانية.
- خطة فعالة للادخار ومبلغاً من المال وضع جانباً للطوارئ.
- خطة فعالة لمدخرات التقاعد.
- علاقات جيدة مع الشريك والأولاد فيما يتعلق بالمال.
- إحساس بالاعتزاز لأنهم يعيشون ضمن إمكانياتهم.
5- طلب المساعدة.
إن بقاء نضالك من أجل المال لنفسك يزيد من التوتر ولا بد من الاتصال بأحد الأشخاص الذين يتمتعون بالثروة وطلب النصيحة عنه، إذ يحب الناس الحديث عن أنفسهم وتبادل المعرفة.
لا داعي أن يتحكم بك المال. يمكنك أن تتحكم بمدى تأثيره على حياتك وصحتك يوماً بيوم، فمن المساعدة المختصة إلى المهام اليومية التي تقوم بها بنفسك هناك العديد من المصادر المتوفرة لتساعدك في وضع مواردك المالية على الطريق الصحيح.