حمامات عفرا المعدنية في الأردن
تقع حمامات عفرا المعدنية في وادي البريص المتفرّع عن وادي اللعبان على بعد (27) كم شمال مدينة الطفيلة، وترتفع عن مستوى البحر حوالي (300) متر تقريبا، وقد تم ادراجه على برنامج توثيق التراث الحضاري الأردني (Mega Jordan).
وحمامات عفرا من أهم مقاصد السياحة العلاجية والترفيهية الداخلية على مستوى المملكة، بخاصة في محافظتي الكرك والطفيلة لقربها منهما، إذ تنبع مياهها المعدنية الساخنة من ثغرات جيولوجية وتتدفق بمعدل (500) لتر/الثانية نحو السطح. وتبلغ درجة حرارتها مابين (46-49) درجة سلسيوسية، وهي ثابتة على مدار العام. ومياهها قلوية وغنية بمضادات الأكسدة والأكسجين، مما يفيد الصحة، وفقا لما أظهرته دراسات عدة، ومن ذلك معالجة الأمراض الروماتزمية المزمنة وزيادة إفراز حمض البوليك من الدم عند مرضى النقرس وتنشيط الغدد الصماء والجهاز العصبي وبعض الأمراض النسائية المزمنة .
كما كشفت دراسة علمية لفريق فيزيائي من جامعة الطفيلة التقنية تسجيل أعلى قيمة إشعاعية في العالم في مياه حمامات عفرا بلغت نحو (1000) مايكروغراي/ساعة، وهو ما يفيد الصحة أيضاً، إذ تحتوي هذه المياه على غاز الرادون المشع وعناصر الحديد، والبروم، واليود، والمغنيزيوم. وهي عناصر تفيد في علاج بعض الأمراض الروماتزمية، وآلام العضلات، وأمراض الجهاز العصبي، وإصابات الجهاز الحركي بعد الكسور، وبعض أنواع فقر الدم الناتج عن نقص الحديد، والأمراض الإشعاعية والإصابات الرياضية. كما تفيد في زيادة الخصوبة والتئام الجروح وزيادة المناعة ومقاومة العدوى بالإضافة إلى الإستجمام والنقاهة للأشخاص الأصحاء بدنياً.
وبالإضافة إلى الأهمية العلاجية الإستشفائية لحمامات عفرا توجد أهمية دينية تتمثل بوجود مقام الصحابي الجليل فروة بن عمرو الجذامي بالقرب من الحمامات، وهو أول شهيد في الإسلام خارج الجزيرة العربية. كما يوجد أهمية أثرية وتاريخية تظهرها مجموعة من الكهوف الأثرية على الوادي، بعضها يعتقد أنها تمثل كنيسة بيزنطية تعود للقرن السادس الميلادي .
ومن المعروف أنه بعد غروب النفوذ النبطي وسيطرة الرومان على المنطقة، واعتناق بعض القبائل الديانة المسيحية، كان لا بد لها من مراكز عبادة، وقد كانت أودية عفرا ذات كثافة سكانية كبيرة واستخدمت بعض كهوفها المحفورة في الصخر الرملي أماكن للعبادة. ويمكن للزائر مشاهدة مجموعة من الكهوف في أعلى الحمامات على جانبي الوادي، ففي الجهة الشمالية من الوادي وفوق منحدر صخري شديد الانحدار يرتفع حوالي (70) متراً، يوجد ثلاثة كهوف متلاصقة وعلى مستوى واحد محفورة في الصخر الرملي ذي اللون الوردي. ويبلغ عرض الكهوف الثلاثة حوالي (20) متراً، ويحتوي الكهف الأول الواقع على يمين الناظر والمنحوت على سقفه أحد اضلاع الصليب على أقواس متقابلة داخل دائرة، وضمن مستطيل مزركش برسومات هندسية وباللونين الأحمر والأصفر، مع خطوط وإطارات بيضاء وسوداء. وقد نحتت كتابة يونانية على الجدار الشرقي للكهف من الداخل ضمن فجوة مستطيلة تتكوّن من ثلاثة سطور، هي:
السطر الأول : يمكن ترجمته الى القول بأن "........اكتمل بناؤها بحماس من رئيس الرهبان جون في الثامن عشر من السنة......."
السطر الثاني : "ثيودورن"
السطر الثالث: ترجم الى " سيدي عيسى المسيح الملاك الأعظم احفظ خادمك".
أما الكهف الثاني (الأوسط) : وهو أكبرها، فعرضه حوالي (9) أمتار، ويفتح على الكهف الأول بممر ربما كان يغلق بباب صغير، وفي سقف الكهف نحت صليب يشبه الموجود في الكهف الأول لكنه أبسط في تركيبه وعليه أربعة رموز كنسية تمثل أسماكاً وطيوراً.
أما الكهف الثالث فهو يمثل في الغالب حجرة راعي الكنيسة.
ويوجد حالياً درج هيكلي معدني من منطقة مجرى الوادي وبمسافة (80) مترا يؤدي الى هذه الكهوف بهدف منح الزائر فرصة مشاهدة هذه الكهوف الفريدة والقيمة، والحصول على إطلالة جميلة على منطقة حمامات عفرا .
أهم التحديات التي تواجه موقع حمامات عفرا المعدنية
الفيضانات التي تأتي غالبا في فصل الشتاء وتتدفق فيها المياه من سفح الجبل، تكون من الشدة بحيث أنها تحمل معها الصخور والحجارة، وتعمل أثناء جريانها على تجريف أرضية مجرى الوادي لأعماق تتراوح بين (40 – 100) سم سنوياً مما يشكل خطورة كبيرة على المنشآت القائمة على جانبي الوادي من برك سباحة وشاليهات ومرافق خدمية متنوعة. إذ تتعرض أساسات الجدران الإستنادية، التي تحمل فوقها جسم الشارع الرئيسي المؤدي الى الموقع، الى التعرية، مما يكوّن مساحات كبيرة أسفل تلك الأساسات لتصبح معلقة ومعرّضة الى الإنهيار بفعل زيادة الأحمال فوقها .
تقوم الجهات المعنية وعلى مدى سنوات سابقة بجهود مضنية في سبيل حماية الموقع وإدامة المرافق القليلة المتوفرة، وذلك من خلال أعمال انشاء لمصدّ معدني عند مجرى الوادي بداية منطقة الكهوف، يهدف الى الحدّ من اندفاع المياه المصحوبة بصخور كب