هل يوجد ذهب في الأردن؟
الذهب فلز ثمين جداً. وهو لين ولامع أصفر اللون، يوجد في الطبيعة على شكل معدن حر، أو مركبات كيميائية على شكل حبيبات داخل الصخور وفي قيعان الأنهار، أو على شكل عروق في باطن الأرض. وغالباً ما يوجد الذهب مع معادن أخرى كالنحاس والرصاص. ويعد الذهب أحد المعادن النفيسة الداعمة للإقتصاد، ومعظم استعماله كسبائك توضع كاحتياطي لإصدار النقود. كما يستعمل في صناعة الحلي والمجوهرات، وفي صناعة الأجهزة العلمية والطبية والكهربائية، ولطلي الزجاج والخزفيات، وفي الكتابة والزخرفة والأوسمة والميداليات والإلكترونيات.
تواجد الذهب بكثرة عند الفراعنة فكانوا يصنعون منه توابيت ملوكهم وعرباتهم، كما صنعوا منه للفرعون توت عنخ أمون قناعاً من أجمل الأقنعة التي عرفتها البشرية.
نبذة تاريخية:
يعود اكتشاف الذهب في الأردن إلى بداية أعمال مشروع المسح الجيوكيميائي العام الذي باشرت مديرية الجيولوجيا في سلطة المصادر الطبيعية بتنفيذه في بداية التسعينات من القرن الماضي، في مناطق تكشّف الصخور النارية في العقبة ووادي عربة في جنوب المملكة. حيث عثر على الذهب في منطقة جنوب شرق العقبة من خلال برنامج تعاوني بين السلطة وبرنامج الأمم المتحدة للإنماء ومجلس التنقيب المعدني في اليمن، تم تمويله من الأمم المتحدة للشركة العربية للتعدين بصفتها شركة استشارية أشرفت على المشروع. وكان من أهداف المشروع التنقيب عن المعادن النفيسة وخاصة الذهب، وتدريب الفنيين. وقد جمع وحلل في كندا ما مجموعه 28 عينة، وعثر على الذهب في بعض العينات وكانت أعلى نسبة هي 69 جزءا في البليون.
ونظراً لأن عملية التنقيب تحتاج إلى خبرات فنية متخصصة ومبالغ مالية كبيرة فقد بوشر في البحث عن الدعم المالي المطلوب والتعاون مع مؤسسات أو شركات أجنبية. ونجحت السلطة وبدعم من وزارة التخطيط في الحصول على منحة من السوق الأوروبية المشتركة، وأحيل عطاء تنفيذ المشروع الذي سمي مشروع الجيولوجيا الاقتصادية على المساحة الجيولوجية الفرنسية. وقد وقعت الاتفاقية ومدتها سنتان في 18/11/1991 وبإشراف وادارة كاتب هذا المقال. وانتهى العمل وقدم التقرير النهائي في شباط عام 1994م. وقد تكوّن المشروع من 3 مشاريع فرعية تتعلق بالمصادر المعدنية وهي:
• التنقيب عن المعادن الفلزية والنفيسة والمعادن الأرضية النادرة باتباع الطرائق الجيوكيميائية وهو موضوع المقال.
• اجراء دراسة موجهة للنحاس في الأردن.
• دراسة أحجار الزينة في الأردن.
وقد عمل في المشروع 14 خبيراً فرنسياً بمختلف التخصصات ولفترات زمنية متفاوتة، وعمل من الجانب الأردني 12 مهندسا وجيوكيميائياً وجيولوجياً. كما عمل 13 مهندساً وكيميائياً بأعمال مساندة.
قبل البدء بمشروع التنقيب عن المعادن الفلزية والنفيسة والمعادن الأرضية النادرة تم إجراء تجربة التولية، وذلك لتحديد حجم الحبيبات المناسب للتحليل وكثافة العينات التي ستؤخذ وتحضير العينات للتحليل، حيث تم جمع 32 عينة من 9 مواقع . وبعدها تم تنفيذ المشروع على ثلاث مراحل وذلك لتحديد الشواذ المعدنية، وهو تعبير يطلق على الزيادة في تركيز معدن معين في موقع معين والذي من الممكن أن يكون اقتصادياً.
المرحلة الأولى: المسح الجيوكيميائي الاستطلاعي
تم خلال تنفيذ هذه المرحلة التي غطت ما مساحته 1650 كيلومتر مربع، جمع 2654 عينة حللت ما مجموعه 32 عنصراً و757 عينة لمعرفة نسبة الذهب، و388 عينة معادن ثقيلة تمت دراستها مجهرياً، وكان من بين العينات التي حللت للذهب 45 عينة زادت نتائجها عن 10 أجزاء في البليون.
المرحلة الثانية: المسح الجيوكيميائي شبه التفصيلي
بناء على نتائج المرحلة الأولى تم اختيار 30 قطاعاً لجمع 1234 عينة من الرسوبيات، 257 عينة معادن ثقيلة. كما جرى أيضاً دراسة نتائج المسح الإشعاعي الجوي الذي نفذته السلطة خلال الفترة 1979- 1980 حيث تم جمع 138 عينة من الرسوبيات، و 54 عينة معادن ثقيلة.
ونتج عن المشروع تحديد 27 شاذة معدنية 22 منها تتضمن الذهب. وكانت أهم هذه الشواذ تلك الموجودة في منطقة أبو خشيبة - وادي عربة التي تبعد 95 كم شمال العقبة ويبعد الموقع نحو 4 كيلو مترات إلى الشرق من طريق الصافي- العقبة. ولتقييم هذا الإكتشاف تم الاستعانة بخبير من جنوب أفريقيا في نهاية عام 1995 الذي أكد أهمية الاكتشاف ووضع مع فريق العمل في السلطة خطة عمل من ثلاث مراحل وذلك لتقليل تكاليف التنقيب.
المرحلة الثالثة: المسح الجيوكيميائي التفصيلي
لمعرفة الامتداد السطحي والتوزيع الأفقي لمنطقة تمعدن الذهب وعلاقته بالصخور المحيطة، استمرت سلطة المصادر الطبيعية بمحاولات البحث والتنقيب عن الذهب ضمن مسارين متوازيين، هما:
المسار الأول: النشاطات الذاتية للسلطة من خلال مشروع المسح الجيوكيميائي التفصيلي
• تتبع مصدر الذهب حيث أمكن إثبات وجود الذهب على شكل حبيبات دقيقة منظورة تظهر بالعين المجردة بحجم 1 ملم وبنسبة 3 غرام/ طن في العينات الرسوبية و 40 غرام/ طن في المعادن الثقيلة وأطلق عليها لاحقاً تمعدن أبو خشيبة.
• أمكن لاحقاً تحديد تواجد الذهب في منطقة مساحتها 1.4 كيلومتر مربع وبنسبة تتراوح ما بين 2 – 5 غم / طن.
• القيام بأعمال المسح الجيولوجي وإجراء الدراسات الجيولوجية والجيوفيزيائية التفصيلية.
• حفر عدة آبار استكشافية وخنادق منها بئر استكشافي مائل بزاوية 42 درجة إلى عمق 117.5 متر في عام 2001، جمع منه 240 عينة أشارت إلى وجود نسب مشجعة من الذهب. كما حفرت بئر واحدة وخندق واحد لاستكمال المعلومات عن عمق عرق الذهب في عام 2005.
• اعداد عدة تقارير خلال الفترة 1999- 2008.
المسار الثاني: مذكرات التفاهم
بناء على المؤشرات الأولية التي صدرت عن سلطة المصادر الطبيعية، تقدمت شركة محلية بطلب رسمي للحصول على رخصة للتنقيب عن الذهب في منطقة وادي أبو خشيبة عام 2006. ولكن اقترح لاحقاً تحويل الرخصة إلى مذكرة تفاهم تؤدي إلى توقيع اتفاقية. غير أنه تقرر لاحقاً تحويل الاتفاقية إلى عطاء دولي، علماً أنه لم تتقدم منذ تاريخ اكتشاف الذهب في المملكة أي شركة محلية أو دولية بطلب للتنقيب أو الاستثمار، وبقي قرار السماح بالتنقيب والاستثمار في الذهب يراواح مكانه حتى عام 2017م.
أعلنت الحكومة، عام 2017 من خلال وزارة الطاقة والثروة المعدنية، عن اهتمامها باستقطاب شركات تعدين مؤهلة لاستكشاف احتياطيات خامات الذهب. ويجري حالياً تقييم الشركات.