ما ضرر الاهتمام المفرط بالأطفال؟
ظهر مصطلح "الآباء الهليكوبتر Helicopter Parenting" لوصف شريحة من الآباء والأمهات الذين تجمعهم سمة بارزة وهي ( الإفراط في الاهتمام بأطفالهم ) والتي تزايدت لدى الجيلين الأخيرين من الآباء والأمهات.
من هم الآباء المفرطون بالاهتمام:
بالرغم من أن هذا المصطلح غالباً ما يطبق على أهالي طلبة المرحلة الثانوية أو من هم بعمر المرحلة الجامعية، والذين يؤدون مهام يمكن للطفل أن ينجزها بمفرده (مثلاً زيارة أحد الأساتذة بخصوص علامات سيئة، تحضير جدول للصف، تدبير عادة التمارين)، إلا أن هذا المصطلح يمكن أن يطبق لأي عمر. ففي مرحلة الطفولة المبكرة، قد يهيمن هؤلاء الأهل على الطفل باستمرار، يلعبون معه دائماً ويوجهون تصرفاته، ولا يسمحون بأي فترة انفراد. أما في المدرسة الإعدادية، فيمكن أن يظهر هذا النوع من الأهل عبر التأكيد على وجود معلم أو مدرب معين، واختيار أصدقاء الطفل ونشاطاته، أو تقديم مساعدة غير متكافئة لانجاز الوظائف المنزلية والمشاريع المدرسية.
أسباب إفراط الأهل باحتضان الطفل:
يمكن للأهل المفرطون بالاهتمام أن يظهروا لعدة أسباب، وفيما يلي أكثرها شيوعاً:
1- الخوف من النتائج المؤلمة: إن العلامات الضعيفة، عدم النجاح ضمن الفريق، أو عدم الحصول على وظيفة معينة، يمكن أن يبدو كارثياً بالنسبة للأهل، خاصة عندما يبدو الأمر كأنه كان يمكن تفاديه من خلال تدخل الأهل، ولكن حسب رأي الدكتورة ديبورا جيلبوا فإن العديد من النتائج التي يحاول الأهل تجنبها ـ كالتعاسة، التقدم بصعوبة، عدم التميز، العمل الشاق، لا نتائج مضمونة ـ هي أكبر معلم للصغار ولا تهدد حياتهم.
2- الشعور بالقلق: إن القلق حولالاالاقتصادسوق العمل، والعالم بشكل عام، يمكن أن يدفع الأهل نحو مزيد من التحكم بحياة أولادهم في محاولة منهم لحمايتهم. فالقلق يمكن أن يدفع الأهل للتحكم باعتقاد أن بإمكانهم إبعاد الأذى أو خيبة الأمل عن أولادهم.
3- المبالغة بالتعويض: إن الشخص البالغ والذي سبق أن شعر بالإهمال أو التجاهل أو أنه لم يكن محبوباً خلال طفولته، قد يبالغ في التعويض عن ذلك مع أطفاله، إن الاهتمام المبالغ فيه والمراقبة هما محاولات لمعالجة نقص شعر به الأهل خلال نشأتهم.
4- الضغوط من الأهل الآخرين: حين يرى الأهل أقرانهم وهم يبالغون بالتدخل، يمكن أن يحفز هذا الأمر رد فعل مشابه، حيث ترى الدكتورة دايتش أننا في بعض الأحيان حين نلاحظ زيادة الاهتمام من قبل غيرنا من الآباء، فإن ذلك يشكل ضغطاً لنقوم بالمثل، ويكون من السهل أن نشعر بأننا سيئون إذا لم ننغمس في حياة أطفالنا بشكل كامل. إن الشعور بالذنب عنصر كبير في هذا الأمر.
ما تبعات إفراط الأهل بالاهتمام:
إن ارتباط الأهل بحياة أبنائهم مفيد في زيادة الشعور بالقبول والحب، وبناء الثقة بالنفس، وتقديم التوجيه وإتاحة الفرص للتطور، ولكن تكمن المشكلة في أنه متى تملك الخوف الأهل وأصبح اتخاذ القرارات مبني على ما قد يحدث، يصبح من الصعب تذكر كل الأمور التي يمكن للطفل أن يتعلمها عندما لا نكون بجانبه دائماً أو عندما لا نوجه كل خطوة يتخذها. فالفشل والتحدي يعلمان الأطفال مهارات جديدة، والأهم من ذلك، أنهما يعلمانه أن بمقدوره التعامل مع الفشل والتحديات.
ضعف الثقة بالنفس وباحترام الذات:
هذا النوع من الأهل هو بمثابة نيران مرتدة، فالرسالة الخفية التي يرسلها فرط الاهتمام من الأهل للطفل، تعني أنهم لا يثقون بقدرته على التصرف بمفرده وهذا يؤدي إلى ضعف الثقة بالنفس.
عدم تطوير مهارات التأقلم:
كيف يمكن للطفل أن يتعلم التأقلم مع الخسارة، والخيبة، أو الفشل؟ إذا تواجد الأهل دائماً لتصحيح أخطائه، أو تجنب وقوع المشكلة أساساً. لقد وجدت الدراسات أن الإفراط بالاهتمام يمكن أن يخلق لدى الطفل إحساساً بعدم كفاءته للتعامل مع ضغوط الحياة بمفرده.
ازدياد القلق:
أظهرت إحدى الدراسات في جامعة ماري واشنطن أن المبالغة بدور الأهل يرتبط بارتفاع مستوى القلق والاكتئاب عند الطفل.
الإحساس بالأحقية:
إن الأطفال الذين يقوم أهلهم بتعديل حياتهم الاجتماعية، الدراسية والرياضية، لكي تتناسب مع حاجاتهم، يمكن أن يعتادوا على فكرة أن طريقهم مفتوح، وبذلك ينشأ لديهم إحساس بالأحقية.
ضعف المهارات الحياتية:
إن الأهل الذين يقومون بأصغر الوظائف كربط شريط الحذاء، وتنظيف الأطباق، وغسيل الثياب، ومراقبة التقدم في الدراسة، حتى بعد أن يصبح بمقدور الأطفال من الناحيتين العقلية والجسدية أن يقوموا بهذه الأمور، سيحولون دون تطور القدرة لدى الطفل على إتقان هذه المهارات بنفسه.
كيف يمكن تفادي ذلك:
كيف يمكن للأهل أن يحبوا أطفالهم ويعتنوا بهم دون تقييد قدرتهم على تعلم مهارات الحياة الضرورية؟ تقدم الدكتورة جيلبوا هذه النصيحة: "إننا كأهل أمام مهمة صعبة، إذ علينا أن نبقي عيناً واحدة على أطفالنا في المرحلة الحاضرة ـ الضغوط، نقاط القوة، المشاعر ـ وعيناً على الشخص البالغ الذي نحاول تنشئته. إن نقلهم من مرحلة إلى أخرى يتطلب بعض المعاناة لأطفالنا ولنا على حد السواء". وبعبارة أبسط، علينا أن ندع أطفالنا يكافحون، ونسمح لهم بالإحساس بالخيبة، وأن نساعدهم لتجاوز الفشل حين يقع.