ضمادة من جلد السمك قادرة على شفاء جروحك بسرعة
عندما تصاب المرة القادمة بأي خدش أو جرح، قد لا يخطر في بالك أن وضع جلد بعض السمك عليه قد يكون الفكرة الأمثل، لكن هذا ما يقوم به فريق من الباحثين من جامعة شنغهاي جياوتونج لعلوم الطب. فقد اثبت الفريق الذي يقوده "جياو سن" أن الكولاجين المستخلص من السمك بالإمكان استعماله لتسريع عملية شفاء الجروح دون حصول مضاعفات كثيرة، والتي تقع عند استعمال كولاجين من مصادر أخرى. وعلى أية حال هذا لا يعني أنه لدينا أطنان من استعمالات جلد السمك.
يعرف العلماء حالياً أن الكولاجين مفيد لشفاء الجروح، وهنالك عدد ليس بالقليل من المنتجات التي تحتوي هذه المادة، بيد أنها باهظة الثمن للغاية، وقد تبلغ قيمة الطلبية منها 10 – 15 دولار لضمادة بسيطة جداً، إلا أن كولاجين السمك قد يكون ارخص بكثير. والسؤال الذي يطرح نفسه هاهنا، ما هو الكولاجين؟ والإجابة هي أنه أكثر بروتين موجود في جسدك. أما نظرة العلم الاعتيادية لهذا البروتين فكانت أنه بروتين هيكلي يساعد خلايا وأعضاء الجسم، بيد أن الدراسات الأخيرة اظهرت أن للكولاجين أدواراً مهمة في نظام تأشير الخلايا ونموها وتنظيم الجينات. كما أن وجود الكولاجين يغير كيفية سلوك الخلايا.
وبالتأكيد لا مجال للشك في الفائدة الكامنة في ذلك البروتين لشفاء الجروح. إن تغطية أي جرح بالكولاجين يمنحه قاعدة طبيعية لنمو الخلايا الجديدة وخلق البروتينات الجديدة؛ مما يؤدي بدوره إلى تقليص زمن الشفاء. إلا أن معظم الكولاجين المستعمل في التقنية الطبية في الوقت الحالي يأتي من ثديات أخرى مثل الخنازير والأبقار. وهذه البروتينات تتطابق إلى حد كبير مع تلك الموجودة لدى الإنسان، لكن الشوائب الموجودة في البروتينات قد تنقل الأمراض بين هذه الأنواع وبين الإنسان. لذا فهنالك عدة اجراءات يجب اتباعها في سبيل الوقاية من ذلك وضمان عدم حصوله. أما في حالة السمك، فليس ذلك بالأمر الخطير لأنها لا تملك أي تشابك مرضي مع الإنسان.
وفي سبيل فحص كولاجين السمك كوسيط لعلاج أي جرح، أخذ الفريق نماذج من جلد سمك البلطي واستخرجوا الكولاجين منه كيميائياً. بعد ذلك انتسجت الأشرطة الطويلة للكولاجين فيما بينها لتنشئ "ألياف دقيقة بحجم النانو" تُسهل لها عملية استعمالها على أي جرح. كما أظهر الاختبار أن تلك الألياف النانونية الدقيقة لكولاجين السمك تتمتع بسمات هيكلية مشابهة لتلك الموجودة لدى الإنسان. فهي مضادة للمياه ومستقرة حتى خمسة وأربعين درجة مئوية (114 درجة فهرنهايتية)، وهذا يعني أنه يجب إبقائها على الدرجة الطبيعية لجسم الإنسان البالغة 38 درجة مئوية (98.6 درجة فهرنهايتية).
لقد اختُبر كولاجين السمك فعلياً على عملية شفاء الجروح باستعمال فئران التجارب، ولاحظ الباحثون أنه لم تكن هناك استجابة مناعية عند تلك الفئران من استعمال الكولاجين، وبالفعل شُفيت تلك الفئران بسرعة أكبر من نظيراتها التي عولجت باستعمال الضمادات الألجينية التقليدية. وهذا يُشير إلى أن استجابة جسم الإنسان قد تكون مماثلة، لكن لن نعرف حتى يتم اختبار الضمادات التي تستخدم السمك على حيوانات أكبر وفي النهاية على الإنسان. وقد يحتاج هذا الأمر لعدة سنوات لكن في الوقت الراهن، يعمل جياو سن وزملائه على تعديل كولاجين السمك لمنحه مواصفات مضادة للميكروبات.