كيف تصبح عالما من منزلك؟
علوم العامة Citizen Science أو علوم الإنترنت، نمط من البحث العلمي يشارك فيه بصورة او بأخرى، هواة من عامة الناس من جميع أنحاء العالم. وهو يشتمل بصورة رئيسة على جمع بيانات أو تحليلها، وتطوير تقنيات، وإختبار ظواهر طبيعية، وطرح أسئلة وأفكار جديدة، وإبداء رأي، وإقتراح تصاميم وتجارب. وفي الوقت الذي يوفر فيه عمل هؤلاء الهواة إضافة للمعرفة العلمية، فإنهم بالمقابل يتعلمون ويكتسبون مهارات جديدة وتتعمق معرفتهم بطبيعة العلم وطرائقه ويشبعون رغبتهم في البحث والإستطلاع والعمل.
ومن الأمثلة على الأعمال التي يمكن أن يساهم بها المشاركون في هذا العلم، تحديد أماكن تواجد أنواع معينة من الحيوانات وتعدادها، وجمع بيانات عن النجوم والكواكب وغيرها من الأجرام الفضائية، وتحليل بيانات جمعها العلماء، والمساهمة في إيجاد حلول لمسائل ومشكلات رياضية وعلمية مختلفة، والمشاركة في مسابقات علمية دولية، وصنع الأدوات اللازمة لتجاربهم ومشاركتهم في المشاريع العالمية وتشغيلها، والوصول إلى أماكن يصعب وصول الباحثين إليها لسبب أو لآخر.
ويمكن للمشاركين في هذا العلم أن يعملوا بصورة فردية أو في مجموعات أو من خلال شبكة متطوّعين، وبالتعاون مع باحثين محترفين في جامعات أو مراكز بحث علمي. وتفيد شبكات المتطوّعين الكبيرة في أداء مهمات تتطلب أموالاً كثيرة أو جهوداً كبيرة من العلماء فيما لو قاموا بها لوحدهم. ومن ذلك: مراقبة تأثيرات إرتفاع درجة حرارة الأرض على النباتات والحيوانات في مختلف أنحاء العالم، ومراقبة برامج إدارة الموارد الطبيعية.
في السنوات الأخيرة، أخذت الهواتف الخلوية والانترنت وغيرها من الأجهزة الإلكترونية المتنوعة توفر وسيلة تواصل أكثر سهولة بين العلماء والمشاركين في هذا العلم من عامة الناس، والذين يصل عددهم في معظم المشاريع إلى مئات الآلاف.
ويشار إلى أن علوم العامة مصطلح جديد لممارسة قديمة. فما قبل القرن العشرين، تحققت إنجازات علمية بالغة الأهمية على أيدي أشخاص هواة وإعتماداً على مواردهم الذاتية، ومن الأمثلة على هؤلاء: اسحق نيوتن، وبنجامين فرانكلين، وتشارلز داروين. ومنذ منتصف القرن العشرين، أصبح العلم نشاطاً يقوم به علماء يعملون في الجامعات أو في مختبرات ومراكز البحث، الحكومية والخاصة. وفي منتصف السبعينات من القرن الماضي، أخذ العديد من المفكرين ينادون بديموقراطية العلم، وبالعودة إلى الإستفادة من قدرات الهواة في البحث العلمي. وفي العقود الأربعة الأخيرة، أخذت تظهر مئات المشاريع البحثية، من مختلف دول العالم المتقدمة، التي تتطلب مشاركة الهواة. وعقد أول مؤتمر عالمي حول علوم العامة في بورتلاند/ الولايات المتحدة في آب 2012م.
ومن المشاريع الكبيرة التي يمكن للهواة على مستوى العالم المشاركة فيها حالياً: دراسة أنواع الصخور، مراقبة الحياة البحرية، تعداد الفراش، تعداد الزهور البرية، تعداد السناجب، مراقبة الضفادع والزواحف، مسح صحة الأشجار، إقتراح تفسير لسلوك الإنثناء في مادة الوراثة RNA، تحديد نوع الضحكة إن كانت حقيقية أو زائفة في قائمة طويلة من الوجوه الضاحكة، تحديد أنواع الكائنات الحية في بيئة المنزل وما حوله، تحديد خصائص التربة المحلية.
وبالطبع، يمكن الرجوع الى مواقع الإنترنت ذات الصلة، لتعرّف المزيد عن أنواع المشاريع وطبيعتها وكيفية المشاركة فيها.