المقارنة تسرق السعادة هو أحد أسرار الأشخاص السعداء
ما الذي يمنع الإنسان من الشعور بالهناء والراحة ؟ ماالذي يمنعه من الشعور بأنه يعيش في نعمة ونعيم ؟ لقد اكتشفنا الخصال الست التي تساعد في اغتنام فرصة المتعة و السعادة وسنقدمها على عدة حلقات وفيما يلي الحلقة الأولى:
يذهب الكثيرون منا بعيداً في البحث عن السعادة ، دون أن يبحثوا عنها بالقرب منهم ولو فعلوا لربما يجدونها في داخل أنفسهم وفي بيوتهم ومع أقرب الناس اليهم ، من هنا توصل علماء النفس لمعرفة الخصال الست التي تجعل الإنسان يشعر بالرضى والهناء ، ونستعرض هذه الخصال الشخصية لأنها مفتاح السعادة ،و يمكن لمفتاح السعادة أن يكون بسيطاً مثل تقبل الإنسان لشخصيته ، قالت الممثلة الفكاهية الراحلة لوسيل بول " أحبب نفسك أولاً وعندها ستتوافق باقي الأشياء " .
ويؤكد علماء النفس أن الإنسان إذا لم يكن مرتاحاً مع نفسه في المقام الأول فربما يجد السعادة في رد الجميل للمجتمع و يقول غاندي " أفضل طريقة لتجد نفسك هي أن تخسرها في خدمة الآخرين " .
في نهاية الأمر هناك الكثير من الطرق نحو السعادة و المهم أن يجد المرء الطريق الصحيح فبالنسبة للقلة المحظوظة فإن القدرة على عيش حياة مليئة بالمرح هو " صدفة جينية " أما بالنسبة لمعظمنا فإن ذلك يتطلب جهوداً واعية لأن السعادة لا تحدث صدفة بل هي كمعظم الأشياء التي نرغب بها في الحياة علينا أن نجتهد للحصول عليها.
أما الخبر الجيد فهو أن الإنسان لديه القدرة على التحكم بالأفكار و الأفعال التي تساعده من اجل الوصول إلى السعادة في الحياة، وهذه الأفكار والأفعال تساعدنا على تخطي الأوقات الصعبة و تلهمنا للقيام بأمور رائعة و تمنحنا السلام الداخلي.
ربما حان الوقت للقيام بقفزة إلى الحياة تشعرك بالراحة والسرور، وقد تستغرب أن إعادة إحياء ميزة واحدة فقدتها قد تعيد إليك السعادة بعد غياب طويل.
وفي هذا المقال نقدم قصص نساء تمكن من ادراك السعادة من خلال قدرتهن على التحكم في أفكارهن وأفعالهن ، وسوف نستعرض هذه القصص على عدة حلقات.
الشعور بالامتنان – ليكن ممارسة فعالة :
عندما نختار عدم التركيز على ما ينقصنا في الحياة بل نقوم بالتركيز على شعورنا بالامتنان لما هو متوفر و ذلك حسب رأي الكاتبة الملهمة سارة بان بريثناك ، فإن هذا سيمنحنا شعوراً غامراً بالرضى والراحة.
كارين غراهام تبلغ من العمر 56 عاماً و هي مدربة و مستشارة ناجحة من باري / اونتاريو ساعدها الشعور بالامتنان على التأقلم مع نوبات من الاضطرابات العاطفية الموسمية ،حيث وجدت أنها أكثر ميلاً للسعادة عندما تكون قانعة بما تملك و غالباً ما يشعر المرء بعدم القناعة حين يقارن حياته بحياة الآخرين متوهماً أنها أفضل بكثير من حياته ، و قد اقتبست غراهام قولاً لتيودور روزفلت " المقارنة تسرق السعادة " .
إن الممارسة الواقعية للامتنان يمكنها أن تحول المزاج من الاكتئاب إلى السعادة كالاحتفاظ بمفكرة للامتنان أو تدوين ملاحظات عن الأمور الجيدة التي تحدث يومياً مهما كانت بسيطة، لذلك تحاول غراهام كل ليلة قبل النوم أن تتذكر ثلاثة أشياء كانت شاكرة لها ذلك اليوم قد يكون كبيراً كالصحة أو المنزل و قد يكون صغيراً كحبات أرز بسمتي و لأنها تشعر بالامتنان أكثر حين تكون خارج المنزل فهي تحرص على نزهتها اليومية سيراً على الأقدام ، لأن ذلك يشعرها بالامتنان حين تكون متواصلة مع الطبيعة من حولها.
المصداقية : أعد اكتشاف نفسك :
كتب كارل جانغ " امتياز الحياة أن تصبح من تكون حقاً " و تعني المصداقية امتلاك الوعي الذاتي لفهم ما يسعد الإنسان فعلاً عندها سيتمكن من اكتشاف هدف حياته و متابعته بشغف .
و هذا ما فعلته الدكتورة كاتي كلاين حين تخلت عن مهنة ذات دخل كبير كرئيسة لمدربي كرة القدم في جامعة أميركية متميزة كي تسعى وراء شغفها بالتدريس ،وذلك بخلق برنامج تدريب متقدم كان ذلك منذ مايزيد عن عشر سنوات مضت ولم تنظر إلى الوراءأبداً.
تبلغ الدكتورة كلاين 50 عاماً و هي من كارلايل/ اونتاريو و تقول بأنها قررت في ذات يوم أن تفعل الأشياء التي تحبها بشغف، وفعلاً وجدت سعادتها في العمل مع الأطفال و أعادت بذلك بناء حياتها بسعادة .
لقد كان دخل الدكتورة كلاين يتألف من ستة أرقام و حساب مصرفي ضخم ،أما الآن فهي تعيش في كوخ في الريف و تحيا حياة الكفاية و قد نزعت القشور لتكتشف من هي حقاً وتقول أنها لم تشعر بالسعادة أكثر مما هي عليه الآن .
وتضيف كلاين : " نحن نفقد المصداقية حين نجتهد لإرضاء الآخرين أو حين نتعلق بالانجازات ونكافح من أجلها وفي الطريق ننسى أنفسنا وماذا نحب وماذا نريد مما يفقدنا في النهاية شخصيتنا الحقيقية ".
لقد أمضت الدكتور كلاين عقوداً لإثبات نفسها قبل أن تلاحظ أن ذلك لم يشعرها بالسعادة , و على الرغم من أنها وصلت إلى أعلى مرتبة في كرة قدم السيدات إلا أن الأمر كان كمطاردة الهواء.
" كان دائماً هناك شيء مازال علي أن أحققه , كان يتم التعريف عني بأني في الفريق الوطني لقد كان لدي مهنة في مجال الرياضة على أعلى مستوى و حصلت على درجة الدكتوراه . لقد غرقت في معايير النجاح التي يتطلبها الآخرون مني ونسيت نفسي".
في بعض الأحيان نصادف حدثاً هاماً يجعلنا ندرك بأننا لا نحيا حياتنا كما يجب ، فالنسبة للدكتورة كلاين كانت إصابة والدها بسرطان دماغ قاتل هو ما جعلها تصحو حين عادت إلى المنزل للعناية به و بدأت بإعادة تقييم حياتها و عندها بدأ تحولها الحقيقي.