الخيار الأعمى يخدعك لتغيير رأيك
تخيل هذا المشهد. أنت في مطعم مشهور بطبقين على لائحة الطعام: طبق سباغيتي بصلصة كاربونارا وطبق المحار المسفوع. تناقش خياراتك مع النادل قبل أن تقرر أخيراً أنك في مزاج لتناول بعض المأكولات البحرية فتطلب المحار. بعد 15 دقيقة يحضر لك النادل الوجبة، كم هو شهي هذا الطبق، انك تتناول طبق السباغيتي بشهية مع انك كنت ترغب بطبق آخر . فما الذي حدث؟
إن هذا النوع من ألعاب العقل قد يكون ممكناً أكثر مما يبدو. والآن سنعرفك على الاختيار الأعمى.
الاختيار الأعمى :
من خلال سلسلة من الدراسات التي قادها بيتر جوهانسون من جامعة لوند، وجد الباحثون أنه كان من السهل، بدرجة تثير الاستغراب، أن تقنع الناس بأنهم قد اتخذوا قراراً مختلفاً عن ذلك الذي اتخذوه فعلاً. وإليك كيف جرت الدراسة الأولى.
أعطي المشاركون خياراً بين وجهين مختلفين وطلب اليهم أن يقرروا أي من الوجهين أكثر جاذبية، ثم تم اطلاعهم على خياراتهم ولكن دون علمهم. كان الباحثون في بعض الأحيان ينفذون حيلة صغيرة ويبدلون الخيارات التي اختارها المشاركون بالخيارات التي رفضوها. قد تعتقد أنه من السهل ملاحظة هذا الأمر، إلا أن المشاركين علقوا على التبديل بأقل من ثلث الوقت. ومما يثير الاستغراب أكثر، أن التبديل أثر على خياراتهم اللاحقة. وعندما تواصلت الخيارات، تم اطلاع المشاركين على بعض من نفس الوجوه مرة أخرى وطلب اليهم مقارنتها مع الخيارات الأخرى.
ومن المدهش ان المشاركون الذين حضروا التبديل القديم قاموا بإختيار الوجه الذي تم استبداله تكراراً أكثر من الذي لم يستبدل كثيراً، ما يوحي بأنهم اقتنعوا فعلاً أن الوجه الذي لم يختاروه كان في نهاية الأمر هو الأكثر جاذبية.
العاب العقل:
إن التحكيم في مسابقات الجمال ظاهرة لا يمكن تطبيقها على المعتقدات والآراء السياسية أو الأخلاقية التي يتمسك بها المرء. ربما تعرف إلى أين يقودنا هذا الحديث. ففي دراسة حديثة جنّد الباحثون بعض الناس الذين التقوا بهم مصادفة في الحديقة، وطلبوا اليهم ملء استبانة حيث صنفوا فيها مدى قبولهم أو رفضهم لمسائل أخلاقية معينة، مثل إن تعزيز رفاهية المواطنين بالنسبة للمجتمع أهم من حماية كرامتهم الشخصية. بعد عدة دقائق طلب الباحثون اليهم استعراض مواقفهم ومناقشتها وتبريرها. ودون علم منهم بدل الباحثون المواقف الأصلية للمشاركين بالمواقف المعاكسة (في هذه الحالة فإن تعزيز الكرامة الشخصية للمواطنين أهم بالنسبة للمجتمع من حماية رفاهيتهم).
مرة أخرى، فشل أكثر من ثلثي المشاركين في ملاحظة عملية التبديل هذه. بالإضافة إلى ذلك: سأل الباحثون كل مشترك أسئلة مثل "إذاً أنت لا توافق على هذا الأمر"، أو "إذاً أنت توافق على هذا الأمر" لكي يتأكدوا من أنهم فهموا تماماً المسألة الجديدة التي يقدمونها. ولكن لم يكن الأمر مختلفاً، فالأشخاص الذين وقعوا في كمين مجموعة مستبدلة من الآراء السياسية والأخلاقية، كانوا قادرين تماماً على تبرير إجابتهم بالرغم من أنهم وقبل بضع دقائق أعلنوا إيمانهم بشكل مختلف كلياً.
وأخيراً نقول يجب أن لا تلوم نفسك كثيراً على ما يحدث معك ومن حولك ، فالآراء التي تؤمن بها ليست صارمة كما تعتقد.