أسرار المعمرين
لن يتمكن أغلبنا عند بلوغ التسعين من العمر من قص قطعة من القماش، ولكن بعض الأشخاص لا يرقصون فحسب بل يطهون ويقودون السيارات ويتطوعون في عمر يفترض أن يكونوا فيه ضعفاء ومصابين بالعته. يحاول الباحثون من خلال دراستهم للمعمرين أن يعرفوا السبب وراء ذلك.
يدرس العلماء "المعمرين الكبار" ـ أي من تجاوز التسعين من العمر ويعيش دون مشاكل تذكر سواء من ناحية الذاكرة أو صحة الجسم ـ من أجل التركيز على أنواع العادات الصحية التي يمكن أن تجعلنا نعيش فترة أطول وبشكل أفضل.
يحالف الحظ بعض الناس وراثياً فيعيشون حياة أطول وأفضل، وحسب رأي الخبراء فإن الجينات مسؤولة فقط عن نسبة 20 ـ 30% من طول العمر، ويعني ذلك أننا نستطيع التأثير على الجزء الأكبر من تقدمنا بالعمر ـ حوالي 70 ـ 80% ـ وذلك من خلال طريقة الحياة. فما هي العادات الأكثر أهمية؟
لا يوجد مخطط واضح لهذا الأمر، ولكن يمكن للدراسات أن تقدم بعض الملامح. ليس من المستغرب أن يكون للطعام الصحي وممارسة الرياضة دوراً في الوصول إلى مرحلة الشيخوخة بشكل جيد، ولكنها ليست الأسباب الوحيدة لذلك، بل ربما لا تكون الأسباب الأكثر أهمية.
لقد توصل الباحثون إلى النتائج التالية:
الدروس من "المناطق الزرقاء":
قام الكاتب دان بوتنر بإجراء دراسة على الأشخاص الذين تتجاوز أعمارهم المئة منذ عام 2000، فقد عمل بالتعاون مع "ناشونال جيوغرافيك" لتحديد خمس "مناطق زرقاء" والتي تضم أعلى نسبة من المعمرين في العالم، كما يعيش السكان في تلك المناطق دون الإصابة نسبياً بالأمراض الشائعة في مرحلة الشيخوخة مثل أمراض القلب والسكري والسرطان، وكانوا يشتركون بالصفات التالية:
- الغذاء النباتي: البقول، الحبوب والخضار.
- إمكانية الحركة بشكل طبيعي كالمشي والرعي والبستنة.
- أن يتطلع إلى هدف.
- القيلولة يومياً أو أي طريقة أخرى للاسترخاء كل يوم.
- عدم الإفراط بالأكل وعدم تناول الطعام بعد غياب الشمس.
مضادات الأكسدة والشيخوخة:
يساعد تناول الأطعمة الغنية بمضادات الأكسدة على مقاومة الجذور الحرة ـ وهي جزيئات أكسجين غير ثابتة تساهم في عملية الشيخوخة ـ وتوجد مضادات الأكسدة في الفواكه والخضار الملونة كأنواع التوت والشمندر والبندورة.
وللحصول على غذاء متوازن والإقلال من خطر الإصابة بالسرطان وأمراض القلب، لابد من إضافة 5 ـ 8 حصص من الفواكه والخضار إلى الطعام يومياً.
الحفاظ على صحة العقل:
إن الغذاء الذي يعتمد على النبات وكذلك الرياضة، قد يدفع عنا خطر الأمراض للحفاظ على صحة الجسم، فهل ينطبق ذلك على سلامة العقل؟ إن أكبر سبب لمرض الزهايمر هو الشيخوخة، وترتفع معدلات العته بشكل كبير في عمر (85) فما فوق.
أما فيما يتعلق بالذاكرة والتفكير، فقد وجدت الدراسات أن التمارين الرياضية هي أحد أفضل الطرق للحفاظ على سلامة العقل. ووجد الباحثون في مركز أبحاث الزهايمر التابع لجامعة بيتسبرغ أن التمارين تبني خلايا الدماغ.
حمية مايند ـ MIND ـ
وهي عبارة عن دمج نوعين من الحمية المعروفين بفوائدهما الصحية وهما ـ حمية البحر المتوسط وحمية داش ـ وهي مصممة لتمنع أو تبطئ من تدهور الدماغ. لقد أظهرت الدراسات الأولى أن هذه الحمية تخفض من الإصابة بالزهايمر بنسبة 53% لمن يتبعها بشكل دقيق، وبنسبة 35% لمن يتبعها دون التزام. واشتق الاسم من اختصار لكل من حميتي المتوسط وداش (التدخل لتأخير التراجع العصبي).
- شرب فنجان أو اثنين من القهوة يومياً.
- عادة المطالعة.
- المشاركة في نشاطات بدنية ونشاطات مريحة.
الطبيعة ضد البيئة:
يكون بعض الأشخاص عرضة للتقدم بالعمر متأخراً من الناحية الوراثية، مهما كان نوع وكمية الطعام الذي يتناولونه.
لقد ارتفع متوسط العمر بحوالي (30) عاماً عن القرن الماضي، وذلك بفعل تقدم الطب والتكنولوجيا، وحتى في الأمور الأساسية مثل الأنظمة الجيدة لمعالجة المياه والصرف الصحي. ويقل احتمال الإصابة بالزهايمر لدى شخص بلغ الثمانين هذه الأيام عن ذلك الذي عاش قبل ثلاثين عاماً، كما تناقص أيضاً خطر الإصابة بالسكتة الدماغية لأن الأطباء تمكنوا من التحكم بارتفاع ضغط الدم.
ومع ذلك، مهما كانت النظريات التي قدمها العلم وعلم الاجتماع حول التقدم بالعمر، فلا يمتلك أحد وصفة لتأخير الموت فترة أطول.
تبين الدلائل أن تناول الغذاء النباتي والحركة الدائمة مهمة وكذلك الانخراط في نشاطات تبقي الذهن حاداً.
ولنتبع نصائح الأمهات: مارس الرياضة، استخدم عقلك، خفف من التوتر، خذ قسطاً من الراحة وكن لطيفاً مع الآخرين.