هل يؤدي العمل من المنزل الى العزلة والإحباط؟
تؤكد معظم الدراسات أن العمل من المنزل يختصر أوقات التنقل وما يرافقها من التعب، كما يخفف من ازدحام وسائل المواصلات ومن التأثير على البيئة. ولهذا السبب ارتفع مؤخرا عدد أصحاب العمل الذين يسمحون بهذا النوع من العمل بهدف جذب الموظفين والاحتفاظ بهم، أما الموظفون فيعتبرونها طريقة للحفاظ على التوازن بين العمل والحياة وخاصة الشباب.
وقد أصبحت المكاتب بمثابة الكابوس بالنسبة للبعض، فقد وجدت العديد من الدراسات أن المكاتب الحديثة المفتوحة تعمل على تشتيت انتباه العاملين بفعل الضوضاء والمقاطعة مما يعيق التركيز ويضطر الموظفون للعمل من المنزل ليتمكنوا من انجاز ماهو مطلوب منهم .
تدعم دراسات أخرى هذه النتائج، ففي إحدى الدراسات التي استمرت على مدى عامين واشتركت فيها مجموعات منتقاة عشوائياً، تبين وجود زيادة في الإنتاجية بمعدل 13%، وانخفاض في دورة رأس المال بنسبة 50% بين أولئك الذين يعملون في المنزل ، حيث كانت فترات الاستراحة أقصر وأيام المرض أقل، وهذه الأمور كافية لجعل أصحاب العمل يوافقون على العمل من المنزل لكل من باستطاعته ذلك، إلا أن نفس الدراسة قدمت نتيجة تبدو كإشارة تحذيرية، فقد شعر أكثر من نصف المتطوعين الذين عملوا من المنزل بالعزلة إلى حد تغيير رأيهم حول الرغبة بالقيام به طوال الوقت.
- الشعور بالوحدة والعزلة :
تشير بعض الدراسات الى أن العمل من المنزل أسوأ بكثير من العمل في المكتب من حيث تماسك الفريق والإبتكار.
في عام 2013 حظرت ماريسا ماير المديرة التنفيذية في (ياهو) العمل من المنزل، لأنها ترى أن التواصل والتعاون مهمين ليصبح المكتب مكاناً أفضل للعمل، لذلك فمن الضروري العمل جنباً إلى جنب، ولهذا السبب لابد من تواجد الجميع في مكاتبهم، ومنذ ذلك الحين اتبعت الشركات الكبرى الأخرى هذا النهج، منها بنك أميركا Bank of America وشركة (IBM)، حيث أن التفاعل والتواصل المباشر بين الموظفين يتيح الفرصة للتعاون وتطوير العلاقات وإنشاء الشبكات الاجتماعية التي تعزز من الروح الإيجابية والإنتاجية في بيئة العمل.
وفي دراسة أخرى أجريت في (15) بلداً، تبين أن 42% من الموظفين الذين يعملون بالمنزل يعانون من نوم مضطرب وتكرار الاستيقاظ ليلاً بالمقارنة مع 29% فقط من الذين يعملون دائماً في داخل المكاتب ، وكذلك بينت الدراسة أن ( 41 % ) منهم يشعر بالضغط "دائماً أو معظم الوقت" مقابل 25% فقط ممن يعملون دائماً في المكتب.
وترجع الدراسة أسباب هذا الضغط إلى كون هؤلاء الموظفين مقيدين بأجهزة الحاسوب المحمولة التي غالباً ما يحتفظون بها إلى جانب السرير، إضافة إلى تحديات العمل من المنزل، من حيث الضوضاء المنزلية واصوات الأطفال وأدوات الطهي.. الخ ، مما يجعل من الصعوبة بمكان اجراء مكالمات العمل او مع الرؤساء ، وتستنتج الدراسة ان العمل من المنزل قد يعيق الحياة العائلية أكثر مما يدعمها كما كان يعتقد سابقاً.
كما توحي دراسات أخرى أن عدم التواجد في المكتب بانتظام يمكن أن يؤخر التقدم في المهنة، مما ينتج عنه إغفال الموظف في مجال الترقيات أو إدراجه في المشاريع وكما يقال ( البعيد عن النظر بعيد عن الذهن ).