الشغف طريقك للتميز والنجاح
يعجبني قول أرسطو:( نحن ما نقوم به مراراً وتكراراً، التميز ليس عملاً ولكن عادة).
إن الطريقة التي تقضي بها وقتك هي ما يعرف حياتك ، لذلك عندما تشعر بالملل والضجر فإنه من الضروري أن تقوم بالبحث بعمق عن الأسباب الكامنة خلف شعورك بأن كل ما تفعله يبدو مملاً ولا معنى له .
يتعرض المرء في مرحلة ما من مراحل حياته إلى مواجهات قاسية أو مفارقات قد تخلف لديه كثيراً من الشعور بالإحباط ، وربما يؤدي ذلك إلى فقدان الحماسة للبحث عن التغيير أو التجديد وتدريجياً يزداد الشعور بالملل والضجر .
يقول علماء النفس أن الإحساس بالشغف لفكرة ما أو لهدف معين قد يكون المفتاح لحل هذه المعضلة ، وتؤكد نتائج العديد من الأبحاث والدراسات أن إتباع بعض العادات اليومية يمكن أن يساعد على تجديد الحماس تجاه الحياة، حتى ولو لم يكن المرء متأكداً من نوع الشغف الذي يريده في حياته.
ونستعرض تالياً العادات التي ستساعدك على الشعور بالاندماج بالحياة وتخلق مجالاً للتفكير الايجابي الذي تحتاجه لتحديد الشغف الذي تريده، وتساعدك أيضاً على رؤية فترات النجاح في حياتك ومهنتك.
ستتيح لك هذه العادات الحماسية إدراك أفضل ما يوجد في العمل أو من الأمور التي تحبها، وستبقيك مركزاً ومنتجاً ومتحمساً تجاه كل الأمور الرائعة التي مررت بها في حياتك.
1- الاستيقاظ باكراً:
يرغب الأشخاص الشغوفون بالاستيقاظ باكراً، فهناك أمور مثيرة تحدث ولا يسعهم الانتظار للاستفادة منها. لذلك من السهل النهوض من السرير باكراً وبدء يومهم.
ولكن حتى بالنسبة للأشخاص الذين لا سبب لديهم للنهوض باكراً، فإن الاستيقاظ المبكر يمنحك بداية لليوم، ووقتاً إضافياً للاستعداد ووضع الأولويات بدقة.
إن الهدوء الذي يميز الصباح الباكر أفضل وقت للأفكار المبدعة ولابتكار الحلول. إذا لم تجد شغفك، فيمكن لهذا الوقت المبكر أن يكون مفيداً في محاولة إيجاده.
2- وضع ثلاثة أهداف بارزة:
يضع الأشخاص الشغوفون خطة بدلاً من الاندفاع تجاه أول نشاط يحتاج للانتباه.
إنهم يحددون ما هو المهم بالنسبة لليوم. ويضعون الأولويات لهذه الأفعال، كما يحددون ثلاثة أهداف لابد من تحقيقها في هذا اليوم.
إلا أن ذلك لا يعني انه ليس بإمكانك وضع أكثر من ثلاثة أهداف يومياً. ولكن ثلاثة أهداف كبيرة يومياً تعتبر عدداً يمكن التحكم به، مما يعطيك شعوراً بالإنجاز متى تم تنفيذها. ويمكن لهذه الأهداف اليومية أن تدفعك إلى الأمام نحو أهدافك الأكبر لاكتشاف شغفك أو للوصول إلى علامة بارزة في سعيك للشغف الذي وجدته.
3- الانشغال السريع:
إذا كان الصباح من الأوقات المثمرة بالنسبة إليك، فليكن أول هدف كبير لك خلال اليوم هو شيء يشغلك فعلاً.
إن أول أمر تقوم به في الصباح يمكن أن يحدد الحالة النفسية لليوم بكامله، لذلك عليك أن تختار شيئاً يثير اهتمامك فعلاً ويعزز من طاقتك.
4- ممارسة التمرينات:
سواء كان دلك على شكل نزهة سريعة، أو الجري، أو تمرينات في النادي الرياضي، فإن التمرين أفضل طريقة تبدأ بها يومك بالشكل الصحيح، إذ لا تقتصر فوائد التمارين الرياضية على الجسم السليم بل إنها تحسن أيضاً من صحة الذهن.
ستشعر عند ممارستك للتمارين بالمزيد من الطاقة والايجابية والإبداع. إنك تخلق بذلك القوة الدافعة لنهارك، ولن تميل إلى إضاعة الوقت أو الجلوس أمام التلفاز أو الولوج الى شبكة الإنترنت ومواقع التواصل الاجتماعي.
لا يحتاج الأمر إلى الكثير من التمارين، إذ تكفي جولة على الأقدام حول الحي ، أو القفز على الترامبولين لمدة عشر دقائق، وعندها سيعمل كل من القلب والرئتين بالشكل الجيد ويقوم الجسم والذهن بالتحمية.
5- استبعادالإلهاء:
يمكن أن تتعرض الخطط التي وضعتها في الصباح لإنجاز أهدافك الثلاثة اليومية إلى الفشل ، إذا استمر هاتفك بالرنين، أو بريدك الالكتروني بالوصول وغير ذلك من الأمور التي قد تصرف انتباهك عما تقوم به.
قبل أن تبدأ أي مهمة أو عمل، قم باستبعاد كل ما يمكن أن يصرف انتباهك. أغلق كافة الصفحات الغريبة على جهاز الكمبيوتر. أغلق هاتفك. أغلق بريدك الالكتروني.
عليك أن تفعل ما بوسعك للمحافظة على التركيز عندما تقوم بإنجاز أهدافك، لأن أي أمر يصرف انتباهك سيكلفك خسارة الوقت والجهد من أجل أن تعاود الاندماج بالمهمة التي بين يديك.
من الأفضل تقسيم المشاريع إلى أجزاء صغيرة يمكن التحكم بها وإتمامها بالكامل بدلاً من محاولة معالجة مشروع كبير ومواجهة الكثير من المقاطعة.
6- التفويض عند الإمكان:
عندما تعمل على شغفك أي على ما تريد أن تفعله، لن ترغب في أن تغرق نفسك بمهمات والتزامات تبعدك عن العمل الذي تحب.
هناك بعض المهام غير المستحبة علينا القيام بها بأنفسنا، ولكن يمكن التفويض لأشخاص آخرين لمساعدتك على توفير الوقت متى أمكن ذلك. فكر بالطرق التي يمكنك التفويض بهذه المهام.
إذا لم يكن ذلك ممكناً، عندها عليك التفكير بالطريقة التي يمكن أن تجعل حياتك أكثر يسراً وتنظيماً، ليتوفر لديك المزيد من الوقت للتركيز على شغفك أو محاولة إيجاده. لم تبدد وقتك أو تقضيه في أمور ليست هامة بالنسبة لك؟
7- طرق لاستعادة النشاط:
يجب على الأشخاص الشغوفين أن يأخذوا قسطاً من الراحة خلال النهار لاستعادة نشاطهم. إذا جلست إلى المكتب طوال النهار، سيكون من الضروري جداً أن تنهض وتتحرك بعض الشيء.
إلا إن باستطاعتك استعادة النشاط أيضا بالقيام بتأمل قصير، أو إغفاءة قصيرة أو ببساطة أن تتنفس بعمق عدة مرات وتتمدد. يمكن للطعام الغني بالطاقة أن يساعد في استعادة النشاط.
8- التواصل:
يتصل الشغوفون ببعضهم. إن الحماس والطاقة التي يتشارك بها الأشخاص الذين يعيشون شغفهم يزيدان من غنى ومتعة التجربة.
قد يتم هذا التواصل عن طريق الشراكة في العمل، أو جلسة تبادل الأفكار، أو عبر وسائل التواصل الاجتماعي واللقاءات، أو ربما عبر اتصال هاتفي لمناقشة أحداث النهار. ويستمد الأشخاص الشغوفون الطاقة والحافز من تلك التواصلات ويجعلونها جزءاً من يومهم.
إذا لم تكن قد وجدت شغفك حتى الآن، اتصل بأولئك الذين وجدوه، وانتهز الفرصة لطرح الأسئلة عليهم، ومعرفة السبيل الذي سلكوه لاكتشاف العمل أو الهواية المحببة لديهم وكيف جعلوها مفيدة لحياتهم.
إذا قضيت وقتك منعزلاً سيكون من السهل الإصابة الاكتئاب والتراجع وفقدان الحافز.
9- يتصرفون بايجابية حيال التحديات:
أن يكون لديك شغف لا يعني انك لن تواجه التحديات أو العوائق. حتى أكثر الناس شغفاً يمكن ان يصادفوا عناصر صعبة ومملة وغير سارة.
ولكن يدرك الأشخاص الشغوفون هذه التحديات كما لو أنها صورة على شاشة الرادار. يمكنهم تجاوزها بسرعة وثقة، وهم يدركون أن الأجزاء الأكثر إثارة ومتعة في شغفهم مازالت بانتظارهم، وهم يرون أن الصعوبة في بعض الأحيان هي الوسيلة للوصول إلى النهاية المرغوبة.
إذا لم تجد شغفك حتى الآن، فإن محاولة إيجاده قد تبدو كتحد هائل، وبدلاً من محاولة تقبل هذه الفكرة، لاحظ أن البحث عن شغفك يقودك إلى أشياء رائعة.
حاول إلا تسمح لنفسك بالشعور باليأس أو التردد وفقدان الشجاعة، بل قم بتبني توقعات ايجابية، وأنت تعلم أن بحثك سيقودك إلى الجواب.
10- التركيز على الأفعال أكثر من النتائج:
يركز الأشخاص الشغوفون على ملاحقة شغفهم أو ممارسته أكثر من التركيز على النتيجة التي يريدون تحقيقها (سواء كان ذلك دخلاً أو نفوذاً او غير ذلك ).
إنهم شغوفون لأنهم يحبون ممارسة شغفهم ويرون أن المكافأة هي في المتابعة بحد ذاتها. وان الانشغال العميق الذي ينتج عن الأفعال أكثر قيمة من المكافأة المادية.
إذا كنت ما تزال تبحث عن شغفك، حاول أن تعتبر البحث عنه بمثابة مغامرة. إن كل مهمة أو فعل تقوم به في سبيل إيجاده يمكن أن يكون ممتعاً، ويشغل التفكير وينير العقل.
انك لن تدري ماالذي قد تكتشفه حول نفسك خلال رحلتك إلى شغفك. لذلك لا تركز كثيراً على النتائج إلى حد انك تخسر المعلومات القيمة في الطريق.
11- توقع الأمور العظيمة:
يكون لدى الأشخاص الشغوفين توقعات يومية بأن أموراً جيدة تحدث وستستمر بذلك. إنهم يشعرون بالايجابية والدافع لإنجاز المهمة التي بين أيديهم، فهم يدركون بأنهم يقومون بأفضل جهد لديهم، وحين تفعل ذلك، وتكون في أعلى مستوى من التركيز والاندفاع، فإن إنتاجك سيكون عظيماً وستجعل حدوث الأمور الرائعة ممكناً.
يقاوم الأشخاص الشغوفون إغراء (الرهبة) من المستقبل والقلق حيال الاحتمالات. إنهم واثقون من أنفسهم إلى حد يمكنهم من دعم إيمانهم بأن كل الأمور ستنتهي إلى الأفضل، لأنهم مصممون على القيام بما يتطلبه الأمر.
كما أنهم ينظرون إلى الصعوبات والفشل كطريق بدلا من حائط يسد سبيلهم إنهم يتعلمون منها ويستفيدون من المعرفة لمساعدتهم في المضي قدماً.
12- إنهاء اليوم بالامتنان:
قد لا يسير اليوم كما مخططاً له تماماً، ربما لم تجد المهنة أو المجال الذي تبحث عنه أو الحياة التي ترغب بها.
من السهل أن يشعر الإنسان بالتراجع إذا انقضت الشهور والسنين دون أن تصبح الحياة كما نريدها. وهذا ما سيجعل من الصعب رؤية النور في نهاية النفق والقيام بما يجب للمضي إلى الأمام.
يجب ألا تنهي يومك وأنت تحمل هذه الأفكار السلبية والمحدودة. إننا نميل جميعاً للتركيز على الجوانب السلبية أكثر من الجوانب الايجابية، ولكن لابد أن نتحلى جميعاً بالقدرة على التحكم بأفكارنا.
قبل إرسالك رسالة إلى اللاوعي لديك بأن الحياة سيئة، ضع حواراً جديداً في ذهنك قبل النوم. احتفظ بورقة وقلم قرب سريرك، وقم بتدوين كافة الأمور الايجابية التي حدثت خلال اليوم، وكذلك تدوين أسماء الأشخاص الذين مروا بحياتك وتشعر بالامتنان نحوهم. إذا كان من الصعب الوصول إلى أي نتيجة عندها فكر بشكل حياتك دون وجود أمور وأشخاص معينين. وقبل أن تضع رأسك على الوسادة، ليكن مليئاً بالامتنان والايجابية.
سواء وجدت شغفك أم لم تجده، فإن ممارسة هذه الوسائل ستضيف حماساً وغاية ليومك. ستشعر بالمزيد من الإنتاجية والتركيز والطاقة.
خلال بحثك عن شغفك، ليكن فعل البحث هو الشغف المؤقت إلى حين أن تجد الشغف الحقيقي. يوجد الكثير من القناعة والرضا في البحث أكثر مما تتوقع.
إذا كنت تعيش شغفك في الوقت الحاضر، ربما تكون قد اتبعت هذه الوسائل، وإلا فأضفها إلى يومك وستجد انك أصبحت تعمل بنشاط في شغفك أكثر من أي وقت مضى.