محطة آيس كيوب للأبحاث مشروع علمي مذهل
يبحث أكبر تلسكوب نيوترينو Neutrino في العالم عن أسرار الكون في القطب الجنوبي.
عندما وصف معلم المدرسة الطرائق العديدة التي يمكن استخدامها لبناء تلسكوب، ربما لم يكن من ضمنها حفر حُفر لا حصر لها بعمق كيلومترين ونصف في جليد القطب الجنوبي، إلا أن هذه الطريقة هي التي يعمل بها مرصد نيوترينو آيس كيوب في القطب الجنوبي.
يمكنك أن تسميه تلسكوباً، أو مكشافاً، أو مرصداً، فالأمر سيان عند علماء جامعة ويسكونسن في آيس كيوب، وهو حالياً أكبر نظام أبحاث نيوترينو في العالم. تم بناؤه ما بين عامي 2005 ـ 2010 ويتألف من 86 حفرة متطابقة تم حفرها على عمق كيلومترين ونصف وموزعة في كل أنحاء الجليد وتمتلئ بمعدات حساسة للغاية لمراقبة فيزياء الجزيئات.
إن آيس كيوب هو مبنى مجاور لمحطة أمندسون ـ سكوت الأكبر في القطب الجنوبي. ويقع كلاهما في قطب القارة القطبية الجنوبية، حيث درجة الحرارة (24) سلسيوسية تحت الصفر.
إن الأبحاث التي تمت في آيس كيوب غامضة وسرية، لأنها تبحث بشكل أساسي عن مؤشرات لوجود جزيئات دقيقة دون الذرية تدعى (نيوترينو)، حيث تندفع عبر الجليد البلوري الصافي تحت آلاف الأمتار من السطح، إلا أن تأثيرها قد يكون عميقاً. يعتبر النيوترينو أحد أكثر مكونات بناء الكون غموضاً، وفي حين أن دراسته صعب للغاية، إلا أنه كلما فهم العلماء طريقة سلوكه، زادت قدرتهم على تفسير الطريقة التي يسير بها الكون.
إن الهندسة المتميزة التي استعملت لإنشاء هذه المحطة، يمكن الإعلان عنها وفهمها بشكل أسهل من العلم في المختبر. فبعد الصعوبات الكبيرة للسفر والإقامة في القطب الجنوبي، فإن صنع كل الحفر المهمة التي استخدمت لوضع أجهزة الإحساس هي معجزة هندسية. قام العلماء باستخدام معدات متقدمة للغاية بحفر الأرض بوساطة حفارة مياه ساخنة ذات ضغط عال جداً، تشبه غسالة ذات طاقة عالية. واستغرق كل أنبوب حوالي 40 ساعة حفر بشكل إجمالي.
تبدو القارة القطبية الجنوبية كأنها طريق طويل جداً علينا أن نقطعه من أجل قياس جزيء واحد صغير جداً، إلا أن عتمة ونقاء الجليد تحت السطح في القطب الجنوبي يخلق بيئة طبيعية مثالية لاكتشاف النيوترينات، والتي لا تتفاعل مع المادة، مما يجعل من الصعب قياسها.
في الواقع إذا اصطدم أحد النيوترينات بطريق الصدفة مع جزيء آخر ونتج عن ذلك تفاعل، عندها فقط يمكن البحث عنه، ومن الصعب خلق هذه البيئة في المختبر، فمن الأرجح أن يرى بطريق الصدفة على مساحة واسعة، مثل نظام آيس كيوب العملاق، والذي قد يكون أكثر تطبيق بارع لاستخدام موقع منعزل من أجل تقدم العلم حتى الآن.