لماذا لم يستغل النحاس في الأردن حتى الآن؟
النحاس من أهم العناصر المستخدمة في الصناعات الحديثة وخاصة بعد التوسع الهائل في الصناعات الكهربائية، حيث يدخل النحاس الأصفر والبرونز بشكل أساسي في هذه الصناعات.
لعبت خامات النحاس دورا رئيساً في التطور الاقتصادي لمختلف الشعوب القديمة التي ارتبطت بهذه المنطقة. وقد حاولت معظم هذه الشعوب بسط سيطرتها على وادي عربة الذي كان يعتبر، بالإضافة إلى ما يحتويه من خامات، جسراً وممراً استراتيجياً مهماً يربط قارتي آسيا وأفريقيا. ومنطقة وادي عربة فريدة من نوعها لتتبع تكنولوجيا تعدين وتصنيع خامات النحاس كما هو واضح من خلال المناجم القديمة وأفران الصهر الفريدة من نوعها في العالم، والتي لا تزال قائمة حتى الآن في مواقع فينان وراتيا ووادي خالد وخربة النحاس والجارية وام العمد ووادي أبو خشيبة.
توجد خامات النحاس في وادي عربة في عدة مناطق تقع ضمن شريط يمتد لمسافة 90كم وبعرض 15-20كم على الجهة الشرقية للوادي، وذلك ابتداء من الطرف الجنوبي للبحر الميت شمالاً وحتى غرندل جنوباً. وأهم هذه المناطق هي:-
• فينان وتشمل: وادي ضانا، وادي خالد، راتيا.
• خربة النحاس وتشمل وادي الحمر وخربة الجارية ووادي الغويبة.
• وادي أبو خشيبة.
• سلوان والحليسية جنوب شرق وادي ضانا.
• ام العمد- وادي ملقا جنوب وادي ضانا.
نفذت أعمال التنقيب على فترات متقطعة وفي عدة مراحل كما يأتي:
المرحلة الأولى (1961-1965)
• أعمال البعثة الجيولوجية الألمانية (1961-1965) بالتعاون مع الجيولوجيين الأردنيين.
• دراسة الجدوى الاقتصادية للنحاس في منطقة أبو خشيبة تقع على بعد (90كم) شمال العقبة من قبل شركة أوتوجولد عام 1964، والتي أنجزت حفر 436 خندقاً و93 بئراً وخمسة أنفاق، وعمل 304 قناة صغيرة. وتبين أن كمية الاحتياطي المقاس حوالي 8 ملايين طن متري غير مشجعة لاستغلاله، ولأن النحاس متدني النسبة، منها مليونا طن تزيد نسبة النحاس بهما عن 0.75 % و800 ألف طن تزيد عن 1%.
المرحلة الثانية: (1966 - 1976) الأعمال التنقيبة لسلطة المصادر الطبيعية ودراسات الجدوى الاقتصادية، وتم تنفيذها على ثلاث فترات:
• (1966- 1969) التنقيب عن النحاس والمنغنيز في مناطق فينان، سلوان والحليسية. حيث شاركت مع مجموعة من الزملاء بهذه الأعمال. ولشعوري بأهمية الموضوع بالنسبة للاردن قمت بإجراء دراسات وأبحاث على النحاس والمنجنيز وبدعم من سلطة المصادر الطبيعية لنيل درجة الماجستير من جامعة القاهرة عام 1969. وتم نشر أجزاء من الرسالة في أربع مقالات علمية في مجلة جامعة القاهرة مع البروفسور المشرف على الرسالة المرحوم الدكتور اميل زغلول بسطه.
• (1972-1973) التنقيب عن النحاس والمنغنيز في منطقة فينان (وادي خالد، راتيا).
تقع منطقة فينان على بعد حوالي 45كم إلى الجنوب الشرقي من الشاطئ الجنوبي للبحر الميت وتغطي ما مساحته 275كم مربع. وقد أنجز حفر 142 بئراً تراوحت أعماقها ما بين 40-242 متراً، وحفر 42 نفقاً في المستوى السفلي و42 خندقاً في المستوى العلوي. أشارت تلك الأعمال الى أن الاحتياطي المثبت: 889. 816. 19 طن متري بنسبة 1.36 نحاس، والاحتياطي المحتمل حوالي 16 مليون طن بنفس النسبة والمتوقع 55 مليون طن .
• (1974 - 1976) دراسات الجدوى الاقتصادية من قبل مؤسسة المساحة الجيولوجية الفرنسية. تم حفر 11 بئراً جديدة، ودلت النتيجة على أن الاحتياطي في المنطقة يصل الى 15.3 مليون طن متري بنسبة نحاس 1.3% وهو متقارب مع نتائج السلطة وقدرت الكلفة النهائية للمصنع 33 مليون دينار، ولكن أسعار النحاس المتدنية آنذاك لم تشجع على إقامة المصنع.
المرحلة الثالثة 1976-1981:
1- التعاون مع ألمانيا: دراسات استطلاعية وتنقيبية باستخدام الهيلوكبتر. وقد تم جمع 275 عينة من منطقة مساحتها 200 كم مربع في أبو خشيبة ووادي أبو برقة، وحفر بئرين. وتم تحديد منطقتين يتركز بهما النحاس على شكل كربونات وسيليكات وكبريتيدات وأكسيد ونحاس حر.
2- سلطة المصادر الطبيعية: تبيّن من خلال الدراسات والأبحاث التي نفذتها خلال الفترة 1967- 1970 لنيل درجة الماجستير أن منطقة خربة النحاس هي منطقة واعدة، فقامت السلطة بدراسة المنطقة خلال الفترة 1979-1981. ولكن للأسف كانت النتائج غير موثقة.
المرحلة الرابعة 1984: دراسات الجدوى الاقتصادية من قبل شركة سيلترست.
أجرت الشركة دراسات جدوى اقتصادية لبحث إمكانية إقامة صناعة نحاس في الأردن. وكانت النتائج كما يلي:
• اقامة مصنع لانتاج 10400 طن نحاس سنوياً.
• الكلفة التشغيلية قدرت بحوالي 19 سنت/ليبرة نحاس.
• الكلفة الرأسمالية اللازمة قدرت بحوالي 49.2 مليون دولار .
• تبيّن أن سعر النحاس يجب أن يكون في حدود 1.38 دولار/ليبره للحصول على 10% عائدات.
• مصنع مصغر لانتاج 3500 طن نحاس سنوياً.
• الكلفة التشغيلية 27 سنت/ليبرة.
• الكلفة الرأسمالية 24.1 مليون دولار. وعليه فان أسعار النحاس يجب أن تكون في حدود 0.79 دولار/ليبره للحصول على 10% عائدات. 0.67 دولار/ليبرة للحصول على عائد (صفر).
المرحلة الخامسة (1989-1993) اشتملت هذه المرحلة على النشاطات التالية:
1- سلطة المصادر الطبيعية دراسة استطلاعية لمنطقة وادي عربة حيث جمعت 29 عينة من مختلف تكشفات النحاس، وكان من ضمنها أيضاً الأنفاق التي حفرت في منطقة خربة النحاس، (طول النفقين 2، 3 بلغ 55 متراً تقريباً )، وكان متوسط نسبة النحاس في تلك الأنفاق 2.3 %نحاس تقريباً. كما جمعت عدة عينات من تكشفات مختلفة من المنطقة القريبة من الأنفاق وكانت نتيجتها مشجعة.
2- الدراسة الموجهة لمؤسسة المساحة الجيولوجية الفرنسية BRGM1989 - 1993 كانت نتيجة الدراسة الموجهة ما يلي:
• ان الإنتاج السنوي هو العامل الرئيس للوصول الى جدوى اقتصادية لاستغلال النحاس، ولكن، ونتيجة تدني نسبة النحاس المحدّد في منطقة فينان (1.37 %) يجب أن لا يقل الإنتاج السنوي عن 20مليون طن، كما يجب أن لا يقل الاحتياطي عن 200مليون طن وهذا الاحتياطي لم يحدّد حتى تاريخه.
• وجد بأن نسبة النحاس تلعب دوراً مهماً في تحديد اقتصاديات المشروع. فمثلاً ان وجود طبقات تحوي نحاس بنسبة 2.5 % ستجعل المشروع اقتصاديا ويمكن استخراج مليون طن سنوياً. وهذا يتطلب وجود احتياطي لا يقل عن 10 ملايين طن وهذا الرقم ممكن إيجاده في منطقة خربة النحاس. ويبلغ رأس المال المطلوب 50 مليون ديناراً أردنياً.
المرحلة السادسة (1994 - 2014) اشتملت هذه المرحلة على النشاطات التالية:
تميزت هذه الفترة بقرارات لمجلس الوزراء سمحت للسلطة بالتنقيب تارة ومنعت التنقيب تارة أخرى، وزيادة مساحة المحمية الى 310 كم مربع. حيث أصبحت كافة خامات النحاس ضمن حدود المحمية. كما رفضت الحكومة طلب بعض الشركات للتنقيب عن النحاس مثل مجموعة هانبو الكورية الجنوبية وشركة فيلبس دودج من جنوب افريقيا.
النشاطات الحديثة 2015- حتى الآن:
تم خلال عام 2015 توقيع مذكرة تفاهم مع شركة AHMSA Altos Hornos De Mexico. S. A. de C. V. المكسيكية للقيام بأعمال تنقيبية واستكشافية لخام النحاس في المناطق الواقعة خارج حدود محمية ضانا (أبوخشيبة وأم العمد).
وفي عام 2016 أبرمت الشركة الاردنية المتكاملة مذكرة تفاهم مع وزارة الطاقة والثروة المعدنية، بهدف منح الشركة رخصة التنقيب وتقييم النحاس والمعادن المصاحبة ودراسة الجدوى الاقتصادية في المحمية.
لماذا لم يستغل النحاس حتى الآن؟
• أشارت جميع الدراسات السابقة ومنذ الستينات حتى المرحلة الخامسة عام 1985 إلى أن استخراج النحاس غير مجد اقتصادياً لأن اقتصادياته تعتمد على عدة عوامل هي: الإنتاج السنوي، تكاليف التعدين، تكاليف التصنيع، نسبة النحاس 1.37، أسعار النحاس العالمية، سمك طبقة النحاس، البنية التحتية، والاحتياطي (غير محدد في كامل منطقة وادي عربة)، كما ان جزءاً كبيراً من البنية التحتية قد نفذ أو في طريقه للتنفيذ. علماً بأن النحاس والبالغ نسبته حوالي 1.45 في منطقة تمنا على الجانب الغربي لوادي عربة كان يستغل منذ عام 1953 عندما ترتفع أسعار النحاس ويتوقف الإنتاج عندما ينخفض السعر وتستغل المنطقة سياحياً.
• توقف جميع أعمال التنقيب علماً بأنها غير كاملة ولا تغطي جميع مناطق تكشفات النحاس وخاصة تلك التي ظهرت بها بوادر مشجعة لوجود النحاس بنسب مرتفعة وبكميات قد تكون كبيرة مثل خربة النحاس.
• نتائج المرحلة الخامسة أعطت للفنيين أملاً جديداً في العثور على كمية نحاس إقتصادية.