تعليم الذكاء العاطفي للأطفال يساعد على التفوق
منذ اللحظة التي يولد فيها الطفل يستثمر والداه الوقت و المال لمساعدته على التفوق، يقرأون له كل ليلة،يعلمونه الألوان و الأرقام مبكراً،و يشرفون على وظائفه عند دخوله إلى المدرسة و هم يعرفون أن التعليم الجيد أساسي لنجاحه،و لكن ماذا عن الذكاء العاطفي Emotional Intelligence الذي يرتبط بشكل وثيق بالتفوق ؟وهل يمكن تعليمه؟
تقول البروفسور دونا هاوسمان –و هي طبيبة نفسية و مؤسسة مدرسة ماساشوستس للمبتدئين- إن ذلك ممكن فالتعلم العاطفي والاجتماعي و الذي يحسن الذكاء العاطفي – حسب رأيها – هو أساس برنامج مدرستها،و ما تم اكتشافه نتيجة الأبحاث وخلال ما يقارب 30 عاماً من إدراج و دمج المكعبات التركيبية للذكاء العاطفي إلى منهاج الدراسة، هو أنه عندما يصبح الأطفال قادرين على إدراك مشاعرهم و مشاعر الآخرين و تعلم كيف يتدبرون مشاعرهم بشكل بناء و فاعل أكثر عندها سيكونون أكثر قدرة على الحضور و التركيز في المدرسة .
أهمية الذكاء العاطفي :
يستطيع الطفل الذي يتعلم الذكاء العاطفي أو بالأحرى الطفل الذكي عاطفياً أن يسيطر على اندفاعاته وبهذا يكون أقل عرضة لنوبات الغضب و بعض السلوكيات السيئة الأخرى ، وهو على سبيل المثال يعرف كيف يؤجل حصوله على مكافأته وأن ينتظر الحلوى بصبر حتى ينتهي الجميع من تناول وجبتهم الأساسية .
فالطفل الذكي عاطفياً هو طفل مرن يستطيع أن يتعامل مع متغيرات الحياة و أن يهتم و يحمي مشاعره كما أنه يعرف كيف يقرأ إشارات الآخرين الاجتماعية.
و تبين الدراسة أن هذه القدرات تجلب الكثير من النتائج الايجابية في جميع أوجه الحياة .
ربط التعلم العاطفي الاجتماعي و الذكاء العاطفي :
تقول هاوسمان : أن التعلم الاجتماعي العاطفي يخلق " المكعبات التركيبية " التي يحتاجها الأطفال لتطوير ذكائهم العاطفي و هذه المكعبات التركيبية تتضمن القدرة على التعبير بشكل ملائم عن المشاعر و السيطرة على شدتها ، وعندما يصبح الطفل أكثر انسجاما مع مشاعره عن طريق التعلم الاجتماعي العاطفي فهو يقترب أيضاً من مشاعر الآخرين .
برامج التعلم العاطفي الاجتماعي :
يعمل مشروع حل النزاعات الإبداعي منذ مدة طويلة في أكثر من 400 مدرسة أميركية و يعلم الطلاب من مستوى ( ك – 8 ) حل النزاعات و مهارات العلاقات بين الأشخاص .
وقد أظهر تقرير حول تأثير هذا المشروع في أربعة مناطق مدرسية في مدينة نيويورك أن المعلمين قد لاحظوا انخفاض العنف الجسدي في صفوفهم بمعدل 71% و انخفاض حوادث الإزعاج اللفظي و الإهانات بمعدل 66% بعد تطبيق البرنامج .
كما أظهر تقرير آخر أنه في مدراس أطلنطا التي تبينت المشروع انخفض عنف الطلاب و ارتفع مستوى احترام الذات و قل عدد الطلاب الذين يتركون المدرسة أو يفصلون منها، وأظهرت كلتا الدراستين أن الطلاب أكثر قدرة على تقبل الفوارق بين زملائهم الطلاب و يستخدمون حل النزاعات في المواقف الأكاديمية وغير الأكاديمية .
التحسن الأكاديمي :
اكتشف الباحث الأكاديمي ( جون بيتون ) الرابط بين التعلم الاجتماعي العاطفي و الأداء الأكاديمي حيث توصلت مراجعة فريقه في 317 دراسة تتضمن أكثر من 300 ألف طفل تتراوح أعمارهم بين 5 – 13 عاماً إلى نتيجة أن الأطفال الذين شاركوا في برامج التعلم الاجتماعي العاطفي سجلوا بشكل نموذجي من 11 -17 % نقاطاً أعلى من هؤلاء المشاركين في مجموعات مغلقة ضمن عدة مواد .
يقول بيتون أنه على الرغم من أن بعض المعلمين يجادلون ضد إضافة هذا النوع من البرامج إلى المناهج لأنها تأخذ وقتاً قيماً من صميم المواد الأكاديمية ، إلا أن الاكتشافات التي تم التوصل إليها تفيد بأن برامج التعلم الاجتماعي العاطفي لا تقلل من الأداء الأكاديمي بل تؤدي إلى تحسن ملحوظ في أداء الطلاب للامتحانات المعيارية .
كما وجد أيضاً أن مهارات الطلاب الاجتماعية و العاطفية قد تحسنت و انخفض سوء السلوك و العنف ، كما أصبح لدى الطلاب ثقة أكبر بالنفس و توتر عاطفي أقل دون أي انحدار في الأداء الأكاديمي .
التعلم الاجتماعي العاطفي في الصف :
يولد الأطفال حسب رأي هاوسمان جاهزون للتعلم لذلك فهي تعتقد أنه من الضروري تطوير مهاراتهم العاطفية لوضع الأسس لنجاحهم الأكاديمي .
وقد ظهر في بحث بيتون أن معظم التأثيرات المهمة على السلوك تحدث عند الطلاب الأصغر سناً ، وهذا يتوافق مع اعتقاد هاسمان بأن التعلم الاجتماعي العاطفي يعمل بشكل أفضل عندما تكون العقول شابة و لينة .
الملخص :
• أظهر التعلم الاجتماعي العاطفي في المدارس أنه يؤدي إلى ثقة بالنفس و مهارات اجتماعية أفضل و عنف و مضايقات أقل.
• يمكن تعليم الذكاء العاطفي في المدارس دون المخاطرة بالتعلم الأكاديمي و أظهر الطلاب أن الأداء الأكاديمي يتحسن بوجود برامج التعلم الاجتماعي العاطفي .
• يكون الذكاء العاطفي أسهل في عمر أصغر حين تكون عقول الأطفال لينة .