هل نصنع عاداتنا أم تقوم عاداتنا بصنعنا؟
(إننا نصنع عاداتنا أولاً، ثم تقوم هي بصنعنا) جون درايدن
كلنا مخلوقات تعمل وفق العادات، واذا كان لديك عادات جيدة، ستفيدك هذه العادات
إن العقل اللاواعي – عقل العادات- أقوى بأكثر من مليون مرة من العقل الواعي. هذا يعني أننا نمضي وقتاً كبيراً من حياتنا تحت "القيادة الآلية"، مسببين الإرهاق للبرامج العقلية التي تحكم تصرفاتنا. فمثلاً، عند قيادة السيارة والتحدث مع شخص يجلس معك في السيارة ، فإن العقل الواعي ينتبه إلى ما يُقال، في حين يقوم العقل اللاواعي بتشغيل إشارة الالتفاف، واستخدام المكابح، الانتباه إلى السير، مراقبة سكر الدم، تنظيم التنفس ، التخطيط للحركة القادمة وهكذا. إن العقل اللاواعي متسع جداً وقوي جداً لدرجة أننا لا نعرف فيما يفكر أو ما هو قادر عليه. إنه حقاً يقوم بإدارة حياتنا، سواء كنا نعرف أم لا.
غذاء للأفكار
أنا شريكك الدائم
أنا مساعدك الأعظم أو حملك الأثقل.
سأدفعك للنجاح أو للفشل.
أنا تحت أمرك.
نصف ما تقوم به سيتم تحويله لي، لأنه يمكنني أن أقوم بها بسرعة وبشكل صحيح وذو فائدة.
يمكن إدارتي بسهولة، عليك فقط أن تكون صارماً معي.
أولئك الذين هم عظماء، أنا جعلتهم عظماء.
أولئك الذين هم فاشلون، أنا جعلتهم فاشلون.
أنا لست آلة، رغم أنني أعمل بدقة الآلة وذكاء الإنسان.
يمكنك تشغيلي من أجل الربح، أو من اجل الدمار.
أرني كيف تريد القيام بذلك.
علمني.
دربني.
قم بقيادتي.
كافئني.
ومن ثم سأقوم بذلك بشكل آلي. أنا خادمك.
من أنا؟ أنا عادة.
يتألف أساس نظام الدوافع لدى الإنسان من عادات تم تعلمها. في غياب السيطرة على النفس، يكون التصرف حسب العادة هو الخيار الأساسي. إننا نقوم بالتصرف حسب الإشارات المحيطة دون علمنا بذلك وخاصة تحت ضغط العواطف الغامرة. فنحن نعود إلى عاداتنا القديمة متى واجهتنا مواقف صعبة. ولكن مع كل تكرار، يصبح النمط التصرفي آلياً أكثر وجزءاً من النظام اللاواعي.
فمثلاً، يعطي الشعور باليأس نزعة للعودة إلى أنماط تفكير محددة مثال: التعبير عن الشعور باليأس بجملة "ما الهدف؟. إن لم يكن هناك محاولة للتخفيف من هذه الأنماط اللاواعية، فسنكون جميعاً سجناء الأنماط والمعتقدات الراسخة القديمة. تعتمد حرية المشاعر (مثال: الحرية من الخوف من الوحدة، اليأس، الغضب، أو كره النفس) على التغلب على هذه الأنماط التي تعتمد على العادات.
يقود الوعي التأملي إلى الإرادة الحرة. يساعد الوعي التأملي البطيء والمدروس على تشكيل المرونة في تأمين الكوابح الفعالة على الدوافع وردود الفعل المعتمدة على العادات. ولكن البصيرة غير كافية للتغير الدائم. فهي بحاجة إلى متابعتها بجهود متكررة لترسيخ فهم جديد ومهارات تأقلم جديدة. في الحقيقة، يشير الدليل إلى أن العلاج المطول يقدم فرصة لتغيير الأنماط الراسخة القديمة التي تعتمد على العادات بشكل فعال. ورغم أن الشخص قد يرغب بإصلاح كمية كبيرة من الأعراض والصعوبات العاطفية، إلا أن علاج الأعراض السريع قد لا يكون مستمراً.
تقترح دراسة عن قوة الليونة العصبية أن الدماغ في الحقيقة مرن ويتم تشكيله بالتجربة. فمثلاً، يشير الدليل إلى أن العلاج السلوكي المعرفي لديه القوة لتغيير كيميائية الدماغ بشكل منظم لدى مرضى الوسواس القهري. وهكذا فإن التدريب العقلي (التأمل) يمكنه أن يبدل كيميائية الدماغ ويغير من شكل الدماغ. وفي النهاية، يمكن لطريقة تفكير جديدة أن تصبح آلية وطبيعة ثانية. والرسالة هي أننا نحتاج إلى تمرين عقولنا بنفس الطريقة التي نمرن فيها أجسامنا. وهذا يعني، إلى حد ما، أن لدينا القدرة على تغيير شكل وعمل أدمغتنا.