هل أنت مدير ماهر لعواطفك ومشاعرك؟
ماهو الذكاء العاطفي؟
يُمكن تعريف الذكاء العاطفي بأنه ( الطريق المنطقي لتسير مشاعرك ضمن القنوات الصحيحة عوضاً عن تفجيرها عشوائياً على أول ضحية تصادفها).
وعلى سبيل المثال إن عانى أحدهم من يوم عمل سيء، وأثناء عودته للمنزل بسيارته بدأ يصرخ على سائق على الطريق فقط لأنه كان يقود بسرعة منخفضة، فهذا يُعد تصرف عاطفي غير ذكي.
ظاهرياً يبدو أن سرعة السائق هي السبب الكامن خلف غضب ذلك الشخص لكن السبب الحقيقي هو أنه عانى من يوم عمل سيء، وأراد أن ينفث عن مجموعة من مشاعره المكبوتة.
لذلك فإن تقوية ذكائك العاطفي ستساعدك كثيراً على القيام بالتصرفات الصحيحة في مختلف المواقف وكذلك ستجعلك قادراً على السيطرة على غضبك بطريقة أفضل بكثير. ومن الأهمية بمكان أن تدرك أن الذكاء العاطفي ليس ميزة أو مهارة واحدة بل هو سلسلة من المهارات التراكمية. وإن كنت تتساءل عن مدى ذكاءك العاطفي ، يجب أن تسأل نفسك الأسئلة التالية:
1. ما هو رأيي الشخصي حول المشاعر؟
يمكن القول ان المشكلة تكمن في هذا الجانب لأن الفارق دقيق للغاية، فقد تقتضي بعض المواقف ردود فعل عاطفية قد تكون مباشرةً نسبياً وتشير إلى أن ما نشعر به ليس مثيراً للاهتمام، لكن في الحالات المعقدة، قد يؤدي أي شجار مع زوجك أو صديقك المقرب أو أي فشل كبير في عملك إلى استثارة مجموعة من المشاعر المختلفة المتزامنة أو المتتابعة أو خليط من المشاعر المتداخلة. وفي هذه الحالات، يتطلب تحديد مشاعرك نوعاً من الحنكة ؛ لأنك في تلك اللحظة تكون بحاجة إلى تحديد مشاعرك المختلفة . وقد اتفق علماء النفس على أن الأشخاص القادرين على السيطرة على مشاعرهم السلبية هم أشخاص اكثر سعادة وأكثر صحة من أولئك الذي لا يتمكنون من ذلك، وهذا يؤكد على أن قدرتك على التفريق بين المشاعر يرتبط ارتباطاً وثيقاً بقدرتك للسيطرة على مشاعرك السلبية .
وفي دراسة أجراها مجموعة من الخبراء تبين أن الناس الذين يفكرون بمشاعرهم على شكل سلسلة متصلة؛ سارة وجيدة من ناحية وسيئة وغير سارة من ناحية أخرى، يعانون مشاكل أكبر في السيطرة على مشاعرهم.
وقد ثبت أن تحديد مشاعرك وتحويلها إلى حقيقة ملموسة يسبب تغيرات نفسية لجزء من العقل ولوزة المخيخ (لوزة المخيخ هي كتلة على شكل لوزة من المخيخ الواقع في عمق الفص الصدغي للدماغ. وهي هيكل الجهاز الخوفي المنخرط في مشاعرنا وحوافزنا وعلى وجه الخصوص تلك المتعلقة بدافع الحياة).
لذا اسأل نفسك هذه الأسئلة الجوهرية: هل تتجنب الحديث عن مشاعرك؟ هل تفضل تغيير الموضوع؟ هل أنت جيد في التميز بين ما يجعلك تشعر بالعيب أكثر من الإحراج، أو الإحباط عوضاً عن الغضب؟ كلما كنت متميزاً في التفريق بينها زاد تصرفك ذكاءً من الناحية العاطفية.
2. هل أرى الصورة كاملة؟
ليس المهم فقط أن تكون خبيراً في التفريق بين مشاعرك، بل ما يهمك أيضاً مقدار الوضوح العاطفي لديك، لكن ما هو الوضوح العاطفي؟ إنه قدرة أكبر أو أسمى لتحديد أنواع المشاعر والتميز بينها وفهمها (مثال: الغضب مقابل الإحباط) ومصدر الشعور الذي يختبره أي شخص عادةً، وفهم أنواع الأحداث التي تثير مشاعر ونتائج مختلفة، وبالنظر إلى الصورة كاملة، فهذا من شأنه أن يجعلك تسيطر سيطرة أكبر على خياراتك وتصرفاتك. إن الوضوح العاطفي عبارة عن نوع محدد من المعرفة التي تخوض في الأسباب والنتائج وتتوقع الردود العاطفية.
3. هل أنا مدير ماهر لعواطفي؟
هل تثبطك المشاعر السلبية أو توقف عجلة تقدمك؟ هل تقحم نفسها في كل شيء تقوم أو تفكر به؟ هل تميل إلى كبت هذه المشاعر؟ إن كانت كذلك، فيرجح أنك من الأشخاص أصحاب "الحالات المضبوطة" لكنك لست جيداً بشكل كاف للسيطرة على مشاعرك كما يجب أن تكون. من ناحية أخرى، إن كانت المشاعر السلبية أمراً يمكنك التعايش معه، ليس عن طريق طردها لكن عبر التعامل معها يوماً بعد يوم، فذلك يُرجح أن تكون من أصحاب "التصرفات المضبوطة".
يمتلك أصحاب التصرفات المضبوطة وجوهاً سعيدة ومشرقة ويتسمون بالسمات الإيجابية ذاتياًً، على عكس الأشخاص الذين يجهلون كيفية التعامل مع ضغوطات الحياة اليومية والمواقف الصعبة وغالباً يصف هؤلاء أنفسهم وبكلماتهم بكافة الصفات السلبية وهم دائماً سريعي الإنفعال وأقرب الى الإنفجار لأتفه الأسباب .
من هنا ينبغي عليك أن تتنبه إلى كم المشاعر السلبية التي تؤثر عليك، وأسأل نفسك هل مهارات تعاملك معها مشابهة لأصحاب التصرفات المضبوطة أم لا؟. وأخيراً يجب أن تكون صادقاً مع نفسك لمعرفة إن كنت تسيطر سيطرة (سيئة) أو جيدة على مشاعرك.
4. هل لدي أي عُقد على مزاجي؟
إن المزاج يؤثر على كل واحد منا، وهو يؤثر على كيفية سيطرتنا على مشاعرنا وهذا ما لا ينفيه أي شخص؛ عندما تذهب إلى العمل بمزاج سيء ستجد أن أي حدث صغير قد يتصاعد ليصبح مسلسلاً درامياً. وعلى عكس المشاعر التي لها مصدر أو سبب محدد؛ مثلاً أنا سعيد لأنني حصلت على علاوة أو أنا حزين لأنني فشلت في عرضي التقديمي، وتذكر دائماً ان المزاج هو امر واسع جداً ويصعب التفكير به وتحديد مكان دقيق له، لذلك عندما تدرك ذلك وتكون واعياً لمزاجك وتأثيره على تصرفاتك وردود أفعالك فهذه إحدى الطرق لشحذ مهارات ذكائك العاطفي.
ما لا شك فيه هو كلما زاد ذكاؤنا العاطفي كلما زادت قدرتنا على إدارة ضغوط الحياة الحتمية والإستمتاع بالحياة أكثر.
سيطر على غضبك باستعمال ذكائك العاطفي
عندما تفكر بطريقة ذكية عاطفياً تصبح قادراً على الإدراك بأن السائق لم يكن يقود ببطء متعمداً، لكنه قد يكون خائفاً من القيادة بسرعة عالية جداً.
عندما تبدأ باختلاق أعذار للناس باستعمال طريقة التفكير هذه، عندئذ ستكون قادراً على السيطرة على غضبك بطريقة أفضل.
وفيما يلي مثال آخر عن استعمال الذكاء العاطفي في سبيل السيطرة على غضبك، لنفترض أنك كابدت يوماً سيئاً للغاية وحصلت الحالة عينها مرة أخرى (سائق آخر يقود ببطء)، فإن أول شيء ينبغي عليك القيام به في هذه الحالة هي أن تدرك لماذا تشعر بالإحباط. وفور إداركك بأنك كنت غاضباً بسبب الشجار الذي جرى مع مديرك، فهذا هو الوقت المناسب لتُذكر نفسك بأن الشخص الذي يقود سيارته أمامك لا يُمكن لومه وبأنك في حال غضبت من هذا السائق فإن السبب الآن هو نقص في ذكائك العاطفي لا اكثر ولااقل.
كيف يمكن لفقد الذكاء العاطفي أن يؤثر على حياتك
لا يؤثر نقص الذكاء العاطفي فقط على قدرتك للتحكم بغضبك ، بل يؤثر أيضاً على قدرتك للتغلب على المشاكل او تجاوز المواقف الصعبة ، لأن المشاعر المتداخلة مثل الإحساس بالذنب أو انعدام الأمان أو فقد الثقة بالنفس في الحب من شأنه أن يمنعك من نسيان أي شيء سيء يحدث او أي اساءة او هفوة من الآخرين وهذا يعيق تقدمك في الحياة ويقف حائلاٍ امام نجاحك .
وأخيراً لا بد من القول بأنك عندما تتمتع بالذكاء العاطفي فإن ذلك لن يساعدك على التخلص من غضبك فحسب، بل سيساعدك على تجنب أي مشاكل إدراكية والتي تعتبر السبب الرئيسي لحدوث مجموعة كبيرة من الإضطرابات النفسية . ومن شأن نقص الذكاء العاطفي أن يحجب عنك الحقيقة الجلية ويريك حقيقة مزيفة عوضاً عنها.