ماهي السلوكيات التي تحول الشخص العادي إلى رئيس تنفيذي؟
يعتقد الكثيرون أن الرؤساء التنفيذيين هم أشخاص مثقفون قد تخرجوا من جامعات متميزة ويتطلعون لمنصب إداري هام بعمر مبكر، ولكن مؤلفي كتاب ( الرئيس التنفيذي المجاور ) ايلينا بوتللو وكيم باول Elena Botelho and Kim Powell أنه حتى أكثر الرؤساء التنفيذيين تأثيراً لم يكن يعلم عند بدايته أن العظمة قدره.
ومع ذلك، فإن الكثيرون يؤمنون بأن الرئيس التنفيذي هو الشخص المتميز الذي يتمتع بكفاءات مختلفة عن الأشخاص العاديين وذو سيرة ذاتية لا تشوبها شائبة، وهذا يجعلنا نفترض بشكل خاطئ أننا كأشخاص عاديين لسنا مؤهلين لنكون رؤساء تنفيذيين، ولكن تبين المؤلفتان في هذا الكتاب أن ذلك ليس صحيحاً وأنه يمكن للشخص العادي أيضاً أن يصبح رئيساً تنفيذياً طالما يمتلك السمات اللازمة.
وللكشف عن هذه السمات قامت المؤلفتان بالتعاون مع أساتذة جامعتي شيكاغو وكولومبيا بدراسة 17000 تقييم للقيادة من شركة الدراسات gh Smart ، ثم جرى اختيار 2600 تقييم لإجراء مزيد من البحث والتحليل لتحديد السمات المشتركة الثابتة بين الرؤساء التنفيذيين الناجحين.
وبنتيجة دراستهم تم التوصل إلى أن هناك أربع سلوكيات بسيطة يمكن أن تحول الشخص العادي إلى رئيس تنفيذي قوي وهي:
الحسم، القدرة على التأثير، إمكانية الاعتماد عليه بشدة، والتأقلم بجرأة.
1- اتخاذ قرارات سريعة: يكون الرئيس التنفيذي الناجح حاسماً وذو أداء ممتاز أكثر ب (12) مرة من الشخص العادي ، ويوضح ستيف غورمان، الرئيس التنفيذي السابق لشركة (غري هاوند)، أهمية السمة ، من خلال تجربته الشخصية عندما أعلنت الشركة الأم افلاسها وكانت على استعداد لإغلاق هذه الشركة الفرعية التي يترأسها غورمان .
تعرضت الشركة لخسارات كبيرة كان رئيساً تنفيذياً فحين ترأس غورمان الشركة عام 2003 كانت الأعمال خاسرة، بالإضافة إلى أن الشركة الأم والتي أعلن حديثاً عن إفلاسها، كانت على استعداد لإغلاق الشركة.
ويقول غرمان : " استمعت على مدى أربعة أشهر إلى المسؤولين الكبار في الشركة وهم يضعون ويلغون الخطط لإنقاذ الشركة إلا أنني لم اعد احتمل المزيد. ولم اكن مقتنعاً تماماً بأي خطة " ، ودون أن يكون متأكداً من نجاح خطته، قام فوراً بوضع خطة لإعادة تشكيل خطوط الحافلات العائدة لشركة (غري هاوند) حول المناطق ذات الكثافة السكانية العالية ونجحت الخطة. عندما ترك الشركة عام 2007، كانت التقارير تبين أن أرباح الشركة قد وصلت إلى (30) مليون دولار، وتم بيعها في نهاية الأمر بضعف قيمتها في عام 2003. توضح المؤلفتان أن قدرة غورمان على دفع الأمور إلى الأمام لم يكن بسبب معرفته بنجاح خطته بل لأنه أدرك أن القرار السيئ خير من عدم وجود قرار.
2- جعل الناس يؤمنون بفكرتك: كي تكون رئيساً تنفيذياً ناجحاً عليك التواصل مع الأشخاص حولك وإلهامهم لكي يحققوا النتائج. إلا أن الأمر ليس ببساطة أن تكون لطيفاً مع الآخرين وأن يميلوا إليك، ففي الواقع يمكن للرئيس التنفيذي اللطيف أن يكون عبئاً على الشركة لأنه يركز على موضوع تقبل الناس له أكثر من موضوع جعل العاملين يحققون نتائج نوعية، وذلك وفق رأي الباحثين. ترى المؤلفتان أن على الرئيس التنفيذي أن يقوم بثلاثة أمور ليتمكن من إقناع الآخرين ليؤمنوا بفكرته، وهي:
- ترجمة رؤيته وأهدافه وأن يكون واضحاً في ما يعتزمه.
- أن يتفهم الحاجات المالية والبدنية والعاطفية للأشخاص الذين سيساعدونه على تحقيق النتائج.
- وضع عادات وروتين يومي لبناء العلاقات، والتي تترجم إلى أفعال ونتائج نهائية.
أسس ستيف جوبز الرئيس التنفيذي الراحل ومؤسس شركة أبل Apple. هذه الشركة الناجحة لأنه أشرك مرؤوسيه وحثهم لابتكار منتجات وأفكار خلاقة. كان جوبز قاسياً جداً في الكثير من الحالات، إلا أن الآخرين سامحوه على ذلك بسبب ذكائه المتألق وحماسه للعمل خلف فكرة بارعة.
3- تحقيق نتائج متواصلة: إن الرؤساء التنفيذيين الذين يحققون نتائج متواصلة ويتمكنون بنجاح من تنفيذ الخطط ينظر إليهم كأشخاص يمكن الاعتماد عليهم، ومتى تحلى الرئيس التنفيذي بهذه السمة، تتضاعف فرصه في الحصول على عمل. تبين االمؤلفتان أيضاً أنه من بين السلوكيات الأربعة، فإن إمكانية الاعتماد على الرئيس هي الأهم للنجاح لأنها تزيد من أرجحية التميز والتفوق. ، وأنه في مجال العمل يكون الأشخاص الموثوقين والأكفاء هم المفضلون، حيث يميل رب العمل والزبائن بالمخاطرة معتمدين عليهم وإتاحة الفرصة أمامهم.
لقد تصرف ريتشارد برانسون مؤسس مجموعة فيرجن Virgin Group على هذا النحو عندما أسس فيرجن استراليا ثاني أكبر شركة طيران في البلد. كان قرار إطلاق هذه الخطوط من أفكار مرؤوسيه بريت غودفري، الذي أعجب به برانسون على الفور لأنه كان يتمتع بالشخصية والاهتمام بالتفاصيل ومن العاملين المجدين.
كتب برانسون في سيرة حياته بعنوان "Finding my virginity" أنه رأى كيف يتعامل غودفري مع الناس بطريقة جذابة وتمكن من استخراج أفضل ما عندهم .
تأثر هذا الملياردير كثيراً بأخلاق العمل التي يتمتع بها موظفه، إلى حد أنه عندما اقترح غودفري تأسيس شركة للخطوط الجوية في بلده الأم استراليا وافق برانسون على الفور. في عام 2000 دخلت شركة (فيرجن استراليا) بشكل رسمي سوق النقل الجوي وأصبح غودفري الرئيس التنفيذي فيها (وهو منصب بقي فيه حتى عام 2010).
4- التكيف مع الظروف: من أجل الوصول إلى القمة على القادة الطامحين أن يتعلموا الإبحار عبر المجهول، وأن سبب فشل شركات مثل كوداك، بلوك باستر، وبوردز، يعود لعدم قدرة رؤسائها على التكيف.
ووجد تحليلهم أن الرئيس التنفيذي الذي يتفوق في التكيف يرتاح بسبب شعوره بعدم الراحة، مثل هؤلاء الرؤساء التنفيذيين يدركون أن عدم الارتياح يأتي مع التغيير والتعلم، بالإضافة إلى أن الرئيس التنفيذي القادر على التكيف يمكنه أن يصرف ذهنه عن الماضي ويركز على المستقبل، تماماً مثل جيف بيزوس مؤسس أمازون ورئيسها التنفيذي.
عندما تم إطلاق أمازون عام 1994 كانت الشركة تبيع الكتب فقط. ثم توسع بيزوس ليشمل العمل الموسيقى والفيديو قبل أن يسأل زبائنه عن السلع الأخرى التي يرغبون أن تعرضها الشركة، كانت اللائحة طويلة بشكل لا يصدق وهذا ما قاله بيزوس في مقابلة له عام 2016.
أما اليوم، فتبيع أمازون كل شيء تقريباً، من الأجهزة الالكترونية إلى الملابس، كما توفر هذه الشركة العملاقة للبيع بالتجزئة الوصول الأولي للعروض على التلفاز، وحصلت على شركة Whole Foods، ولديها خططاً لإطلاق خدمات التوصيل الخاصة بها، وذلك وفقاً لما جاء في صحيفة وول ستريت جورنال.
ويعترف بيزوس أن القدرة على التفكير للمدى البعيد والتجربة قد ساهما في النجاح السريع لأمازون.