لعبة الثقة لماذا نقع ضحيتها كل مرة؟
هل تعتقد بأنه لا يمكن خداعك ؟ فكر ثانية ؟ هكذا تقول لك ماريا كونيكوفيا Maria Konnikova مؤلفة الكتاب الذي احتل أعلى المبيعات في نيويورك تايمز 2016 وتشرح لك مؤلفة الكتاب " كيف تفكر مثل شرلوك هولمز" كيف يمكن كشف الاحتيال قبل أن نقع فيه.
وهذا الكتاب بحث ممتع في عقول ودوافع محترفي الاحتيال والطرق التي يتبعونها وكذلك للأشخاص الذين يقعون ضحية هذا الاحتيال مرات ومرات.
وتقول المؤلفة (يتصف البشر بالثقة بالآخرين. وهذا جيد لأن التقدم يتطلب التعاون والتعاون يتطلب الثقة. تنمو البلدان ذات المستوى المرتفع من الثقة بشكل أسرع وتكون مؤسساتها العامة أكثر استقراراً. والمواطن الذي يثق بالآخرين يكون أكثر صحة وسعادة ويمكنه أن يبدأ عمله الخاص به. ولكن مع ذلك قد يفشل الناس في اكتشاف الاحتيال، لأن القلة القليلة هم من المحتالين بشكل صرف، وهذه أنباء جيدة للبشرية، كما أنها نعمة للمحتالين) .
تعتبر ماريا كونيكوفا محترفي الاحتيال بمثابة " ارستقراط الجريمة ". وميزة الاحتيال المحكم بأنه يعتمد فقط على الإقناع، حيث تعطي الضحية بملء إرادتها، ولا يكتشف العديد منهم أنه قد تم خداعهم.
الظروف مهمة. حيث يميل الناس إلى الوثوق بشخص يبدو مشابهاً لهم بعض الشيء، أو أنهم يحبون شخصاً يريدون الارتباط به. ويكون الأشخاص المنعزلون أو الوحيدون أكثر عرضة للخداع خاصة عندما يمرون بمرحلة صعبة كفقدان العمل أو الطلاق أو التعرض لإصابة خطيرة. كما تجعل الديون الناس أكثر عرضة للوقوع ضحية الاحتيال من أي نوع، وربما يعود ذلك المزيج من اليأس والقلق الذي يشجعهم على الاعتقاد بصحة الأشياء.
يزدهر الاحتيال خلال الحروب والاضطرابات السياسية، حيث يحاول المحتالون استغلال مشاعر عدم الاستقرار. وهذا يساعد على تفسير السبب في أن تقدم التكنولوجيا يعلن عن عصر ذهبي لأساليب كسب المال غير المشروع عن طريق الاحتيال، والذي شمل كل ناحية من الحياة بدءاً بالمواعدة وانتهاء بالتسوق.
إن التجارب المخبرية والاستبيانات العلمية الاجتماعية التي تصفها كونيكوفا، تقدم تحليلات مقبولة (ونادراً ما تكون مفاجئة) للقوى المعرفية والعاطفية الفاعلة. يفضل الناس أن يعتقدوا بأنهم أذكياء، يقدمون المساعدة، وقادرون على الحكم الصحيح على الشخصية، وبأن قدرهم أن يعيشوا حياة أفضل من تلك التي قبلوا بها. وبوجود شخص قادر على استغلال كل تلك المشاعر، سينتهي به الأمر للحصول على كل أموالك دون أن تستطيع ملاحقته. من الممتع والجدير بالتذكر في كتاب " لعبة الثقة " ليس في أن باستطاعة الباحثين الآن تفسير أسباب ضعفنا، بل بالطريقة التي يثبت فيها ما نوه إليه مورير في كتابه منذ (75) عاماً حين قال: " ليس هناك من يمكنه فهم النفس البشرية أكثر من شخص على استعداد لاستغلالك دون أدنى شعور بالذنب ".