الحياة في القاع
يبدأ قاع البحر مباشرة أسفل علامة الجزر. والقعر كالشطآن، قد يكون صخريا أو رمليا أو طينيا، أو خليطا من هذه الأنواع الثلاثة. اذا سرنا عبر الكتل المتشابكة من أعشاب الكلب البحرية والأعشاب المجدافية، فاننا نمر أولا بمنطقة مياه قوية الحركة، حيث يصعب السير أو السباحة بانتظام، أو حتى الرؤية بوضوح في الماء، لأن كل شئ مختلط ومضطرب بتأثير الأمواج. وعلى عمق 15 مترا، يصبح الماء فجأة ساكنا. ستشعر كما لو كنت في غرفة ضخمة معتمة قليلا. لا ترى فيها الجدران (حافات الشاطئ) بوضوح، لكن القاع مغطى بأعشاب بحرية حمراء وبنية، والسقف، وهو سطح الماء، منتفخ كخيمة فوقك.
في المياه الضحلة:
تندفع أفواج الأسماك الصغيرة فوق الأعشاب، تسبح في تشكيلات، وتزوغ للأسفل مختفية عن النظر عند أبسط بادرة خطر. بين الأعشاب البحرية، نرى حيوانات عديدة مألوفة لدينا على الشاطئ. لكن الكثير منها في منطقة القاع أكبر حجما. في المياه الضحلة تعيش الحيوانات البحرية الأكبر حجما من تلك التي تعيش على الشاطئ. فالسرطانات الكبيرة، وجراد البحر، ونجم البحر وقنافذ البحر، تقشط الطحالب والحيوانات الصغيرة. فضلا عن حيوانات الاسفنج المتناثرة، والمحار، والبزاقات البحرية العارية، وحلزونات الولك، والديدان الشريطية التي تشبه سيور الحذاء المخططة اللماعة. هناك أسماك أكبر ايضا، سمك السيث الواسع الفم، والسمك الأبيض والقد التي تفتح فمها لتلتهم القريدس والديدان في قاع البحر. وهناك أيضا سمك البلايس، والبريل، وهي سمكة مسطحة غريبة الشكل يكون نصفها مدفونا في الرمال، تقفز بعيدا كورقة الشجر الكبيرة عندما نزعجها. انها تبدأ حياتها كالأسماك الأخرى، لكنها تغير شكلها أثناء نموها، بحيث تستطيع أن تستمر في الرؤية والتنفس، واصطياد ضحيتها وهي نصف مدفونة في الرمل.
المياه الأعمق:
اذا غصنا بعيدا في الأعماق، ينتشر الظلام سريعا، حتى في منتصف النهار، وتختفي الألوان – يظهر كل شئ رماديا مخضرا. على عمق 100 متر، لا يوجد أية أعشاب بحرية، فالضوء غير كاف لنموها. في هذه الأعماق، تتغذى الحيوانات بعضها بالبعض الآخر، وعلى الفضلات التي تترسب ببطء من الأعلى نحو القاع. على عمق 1000 متر، لا يظهر أي أثر لأشعة الضوء، لكن يوجد رغم ذلك، كثير من الحيوانات، معظمها من الاسفنجيات التي تتغذى بتصفية ذرات الطعام، والديدان، ونجم البحر، والمحار. انها موجودة حتى في أقصى الأعماق التي نعرفها، أي على ما يزيد عن 10000 متر. انها تعيش هناك في عالم غريب، تحت ضغط هائل من ماء البحر فوقها، وفي ظلام دامس، باستثناء ومضات من الضوء تصدرها أسماك عابرة، أو القريدس أو الحبار.
من كتاب: الحياة في البحار.
تأليف: بارنارد ستونهاوس.
ترجمة: حيدر مدانات وحسام مدانات.
سلسلة: انظر وتأمل.
المستشار العام للسلسلة: د. همام بشارة غصيب.
المؤسسة العامة للدراسات والنشر- بيروت
45 صفحة مصورة.
عناوين محتويات الكتاب:
- البحر والساحل.
- الحياة قرب اليابسة.
- في عرض البحر.
- كتب وأماكن.
- الاستكشافات الكبرى.
- قائمة بالمصطلحات.
- الكشاف.