لا تدع عقلك يدمر مهاراتك القيادية
هل حاولت في أي وقت من الأوقات أن تكون قائداً لمجموعة من الناس حتى لو كانت مجموعة صغيرة، لو حاولت ذلك عندها ستعرف أن هذا تحدٍي حقيقي وليس بالأمر السهل كما تتصور.
لماذا ؟ لأن لكل إنسان شخصيته المستقلة وطريقته الخاصة في إنجاز الأمور أي طريقته الخاصة في قيادة حياته ، لذا لن تجد حالتين متطابقتين على الإطلاق، أضف إلى ذلك عامل آخريزيد هذه المعادلة تعقيداً، ألا وهو العقل.
اعرف عقلك (وعقول الآخرين):
لست بحاجة إلى أن تكون عالماً لتعرف كيف يقوم عقلك بإدارة كل شيء تفعله، وبفضل الدراسات الكثيرة التي تم القيام بها لمعرفة ماهي أسرار العقل وآلية عمله أصبحت آلية الإدارة والقيادة في العقل أكثر وضوحاً ، لكن كيف تعمل هذه الآلية؟ هذا ما نجيب عليه في هذا المقال.
يعمل عقلك من خلال ربط أجزاء مختلفة وتنشيطها – عمل الشبكات الداخلية – وما يزال العلماء يسعون لمعرفة الأدوار التي تضفيها تلك الشبكات المختلفة على سلوكنا، بيد أننا نعرف كثيراً من المعلومات عن أكثر شبكتين اثنتين مشهورتين مستخدمتين، واللتين تحملان تأثيراً جماً على طريقة عملنا وقيادتنا.
ولكن لماذا يعتبر هذا الأمر مهماً للأشخاص القياديين؟
تسمح لنا الشبكات المختلفة داخل العقل بإنجاز أنواع مختلفة من المهام والتصرف بأشكال متنوعة وفقاً للحالة الراهنة.
أولاً هنالك شبكة العقل الحركية التي يُطلق عليها علماء الأعصاب اسم "شبكة الإعداد التلقائي". وتساعدنا عند عملها على الإتصال مع الآخرين وتخرين ومعالجة المشاعر؛ بما يُمكننا من خلق العلاقات، ويمكنك التفكير بها على أنها " الإعداد التلقائي " لدينا.
أما النوع الآخر من الشبكات المحايدة المستعملة عموماً فتعرف باسم "شبكة المهام الإيجابية". وهي مجموعة من الأنشطة الدماغية تتيح لنا التركيز على التفاصيل، وتحقيق الأهداف وإنجاز الأعمال.
وعندما يكون الإنسان في حالة سكون تام أي أنه لا يفعل شيئاً ، فإن العقل يدور بدون وعي بين شبكة الإعداد التلقائي وشبكة المهام الإيجابية ، وذلك لعدة مراتٍ في الدقيقة الواحدة.
ومع مراعاة حاجة القياديين إلى بناء علاقات مع أناس في سبيل تحقيق الأهداف العملية، فإنه من السهل مراقبة كيف ستكون هذه الشبكات هامة للغاية لضمان القيادة الجيدة، إلا ان ذلك ليس سهلاً على الإطلاق.
والمثير في الأمر أن العلماء اكتشفوا أن هاتين الشبكتين لا تعملان عملاً مستقلاً عن بعضهما فحسب، بل وجدوا أيضاً أن استعمال واحدة يكبح عمل الأخرى.
لذلك من المفيد أن نفهم كيفية عمل هاتين الشبكتين وتأثير عمل كل واحدة على مهاراتك وقدراتك القيادية ،فشبكة الإعداد التلقائي لديك تمكنك من قراءة الناس وفهمهم واستعمال العاطفة والتعاطف معهم وبناءً علاقات ذات معاني عميقة، في حين أن شبكة المهام الإيجابية تمكنك من التفكير بشكل أكبر في التحليل والتخطيط للمشاريع والتركيز على نشاط مفصل.
عندما تواجه حالة تتمحور حول القيادة، فيُرجح أن تقع في إحدى الاثنتين، ولكن إختيارك سوف يتم بناء على طبيعتك وخبراتك السابقة وما تفضله، وهذا ما يؤثر ايجابياً او سلبياً على مهارتك القيادية .
إذن ماذا يعني هذا لك؟
إن الإعداد التلقائي ليس دائماً هو النمط المناسب من التفكير للأشخاص الذين يقضون وقتاً طويلاً في العمل ويواجهون المشاكل المعقدة ويعملون على تحليلها وإيجاد الحلول المناسبة لها ، مع العلم أن هذا هذا النمط مناسب جداً بل وممتاز لإنجاز الأشياء، إلا أنه لن ليس مناسباً على الإطلاق عندما تكون بحاجة لتحفيز أو إلهام الآخرين للقيام بالأشياء لك.
وبالمثل إن كنت شخصاً محبوباً لدى الناس وصداقاتك متنوعة وحياتك الإجتماعية زاخرة بالمناسبات والحفلات واللقاءات الودية والرحلات مع الأهل والأصدقاء ، فقد تجد من الصعب أن توجه عقلك في المسار الصحيح للقيام بدراسة تفاصيل أي تقرير مالي أو خطة عمل، لأنه عندما تكون شبكة الإعداد التلقائي في أوجها تتراجع شبكة المهام الإيجابية عن العمل بفاعلية كما سبق وأشرنا.
وإن كنت تعمل مع كثير من الأشخاص الذين يهتمون بالتفاصيل، فقد يجدون صعوبة أكبر في الاتصال على المستوى الشخصي، سيما إن كانوا منهمكين بشيء يفعلوه. وبالطريقة عينها تجد أن الأشخاص الذين يبنون علاقات عمل قوية صعوبة مع الزملاء والزبائن يجدون صعوبة في التركيز على حل المشاكل أو إنجاز المهام.
لكن هذا لا يعني أن تبديل أنماط الضبط هذه مستحيل، ففي الواقع أن فهم كيفية عمل دماغك من خلال هذه المقالة قد يضعك على المسار الصحيح لكي تختار طريقة التفكير التي تلبي طموحاتك أو رغباتك.
رياضة العقل:
لأن العقل يتنقل بشكل طبيعي بين الشبكتين عندما تكون في حالة سكون ، فإن هذا يعني أنك قادر على اختيار الشبكة المناسبة للقيام بأي شيء تفضله ، خاصة وأنك قادر على التبديل بينهما.
وكما هي حال أي جزء آخر من جسدك، يصبح عقلك أقوى عن طريق الاستعمال الدوري. وعند اختيار الاشتراك في مهام تنطوي على استعمال مهارات يقل استعمالها فهذا من شأنه أن يساعدك على التبديل بين شبكتي العقل الاثنين بسهولة كبيرة.
ويُرجح أن الطريقة الاعتيادية لإنجاز الأشياء ستظل المكان الذي تشعر فيه براحة أكبر، لكن مع الممارسة والتمرين، ستتوسع كمية الذخيرة لديك.
ولمساعدتك في تطوير قدرتك على تبديل موضع التركيز العقلي لديك، هنالك عدة نشاطات بإمكانك تجربتها ،فمثلاً إن كنت تُركز تركيزاً أكبر على التفكير على الصورة الأكبر وعلى بناء الشبكات الشخصية، فإن قضاء بعض الوقت مع زملائك الماليين أو المهندسين او على دراسة خطة عمل والتعليق عليهاقد يساعدك على الوصول إلى المكانة التي ترغب بتحقيقها كقائد ولو لمجموعة صغيرة.
وبالطريقة عينها، إن كنت تركز على التفاصيل بشكل أكبر، فإن المشاركة في برامج التدريب بإمكانه أن يساعدك على التواصل مع الزملاء وبناء علاقات أو صداقات جيدة .