كيف تكون سعيداً
إن التصرفات التي تحرم الإنسان من السعادة هي تلك الممارسات وطريقة التفكير الخاطئ التي تنعكس سلبياً على حياته وتمنعه من الشعور بالسعادة ، وإذا لم يكن الإنسان سعيداً فعلاً، فلن يكون سليماً عقلياً أو عاطفياً أو حتى جسدياً.
إن هذه التصرفات مؤذية بشكل كبير ويمكن أن يكون تأثيرها كبيراً على الحرمان من السعادة مما يؤدي إلى شعور عام بعدم الرضا عن النفس وعلى الحياة.
هناك سلسلة واسعة من هذه التصرفات، لايمكن حصرها أو تحديدها ولكن من أهمها :
السعي لإرضاء الآخرين:
إن الرغبة في إسعاد الآخرين شيء رائع حقاً، فهذا يظهر التعاطف والمراعاة. ولكن كالعديد من الأشياء، فإن الكثير من الأمور الجيدة يمكن أن يصبح سيئاً، وعندما يتعلق الأمر بإرضاء الآخرين، فإن السعي لتحقيق ذلك يقود الإنسان إلى طريق مليء بالتعاسة الشديدة. إن محاولة إسعاد الآخرين في الوقت الذي لا يشعر فيه المرء بالسعادة يمكن أن يكون مدمراً للروح.
كيف يمكن للمرء أن يكتشف ما يجعله سعيداً حقاً إذا كان مشغولاً بمحاولة إسعاد الآخرين؟ لذلك يجب أن لا يعيق الخوف من الرفض أو الفشل مسار الإنسان في الحياة. لأن السعي إلى إرضاء الآخرين يحمل معه عدداً ضخماً من المشاكل بما فيها التوتر، ومشاكل الثقة، والشعور بعدم الأهمية وعدم الأحقية والانغماس في علاقات ظاهرها ودي وباطنها مؤذي . كل إنسان في هذه الحياة يستحق أن يكون سعيداً، ولكن السعي الدائم إلى إرضاء الآخرين لن يحقق ذلك.
المقارنة بأشخاص غرباء:
ليس سراً أن معظم الأشخاص يقارنون أنفسهم بأشخاص يعرفونهم. ولكن ماذا عن أولئك الأشخاص الغرباءالذين لم يلتق بهم الإنسان مطلقاً؟. كيف يمكن لأي أحد أن يشعر بالغيرة أو يقارن نفسه بشخص لم يلتق به ولا حتى مصادفة؟ من المستحيل افتراضياً، ولكن مع وجود انستغرام وبينتريست وفيسبوك وسناب تشات وذلك الكم الكبير من وسائل التواصل الاجتماعي، أصبح الإفلات من التدفق المتواصل لما يبدو حياة مثالية صعباً جداً . ومن دون إدراك أو قصد يرى الإنسان صورة السعادة والمثالية عبر عدسات ومن خلف المحيطات وعبرالآف الأميال ويشعر المرء بالحزن على حاله . إن مثل هذه المقارنات طريقة أكيدة للتعاسة.
الانشغال الدائم دون انتاج:
في مجتمع اليوم، أن يكون منشغلاً يعني أن يكون منتجاً. ولكن للأسف غالباً لا تكون هذه هي الحال. إن عادة البقاء منشغلاً قد تكون بسيطة مثل عدم الرغبة بالظهور بمظهر الكسول، أو مؤذية كعدم الرغبة بمواجهة الحياة (الواقع). كلا الأمرين سلبي، إن السعادة ستدمر بمرور الوقت عندما يصبح المرء منشغلاً فقط وليس منتجاً عن هذا سيجعله متوتراً، تعيساً ومريضاً جسدياً. إن إيقاف هذه المظاهر الكاذبة هو الخطوة الأولى للتخلص من المشاعر السلبية يجب السعي لأن يكون المرء منتجاً حقاً ، وهذا يعني الاستفادة القصوى من الوقت وترتيب أفضل للأولويات والحصول على قسط وافر من الراحة الحقيقية .
الصمت عندما يكون هناك شيء خطأ:
قد يكون تراكم الأمور داخل النفس دون من أكثر إيذاءلأي شخص ،إذ ليس لها تأثير سلبي على السعادة فحسب، وإنما تأثيرها السلبي يمتد إلى العلاقات مع آخرين والى العمل وعملك وحتى الإصابة بالأمراض الجسدية. ليس من الضروري التحدث عن كل شيء يزعج الإنسان لأن هناك بعض الأمور الصغيرة التي يمكن التغاضي عنها ولكن المهم هو أن أن يرفض المرء البقاء صامتاً عندما يواجه بعض أمراً يزعجه حقاً أو يجعله يشعر بالحزن أو بالتعاسة. يجب في هذه الحالة مخاطبة الآخرين بهدوء وحزم وعدم البقاء صامتاً.
المساواة بين الحب والألم:
ربما لا احد يعرف تماماً متى بدأت فكرة أن الحب مرادف للعذاب والاستنزاف والانتظار، ولماذا أصبح الحب من وجهة نظر الكثيرين أشبه مايكون ببرنامج تحمل أو اختباراً لمدى القدرة على تحمل الألم، وللأسف فإن هذا يعني أيضاً أن نتحمل الكثير من المتاعب والهراء باسم الحب، وهذه حفرة زلقة علينا أن نتجنب الوقوع فيها، لأن روعة الحب تكمن في التطور والتقدم والاستمرارية والمساندة واجتياز الأزمات بدلاً من الألم والضعف والمعاناة..
عدم الاستماع إلى الصوت الداخلي:
نملك جميعنا صوتاً داخلياً، وهذا الصوت الداخلي مخصص لكل إنسان وله وحده فقط وهو مفيد جداً لمن يعرف كيف يستمع إليه. إن الاستماع إلى هذا الصوت – إلى الحدس – والانتباه إلى تحذيراته وحقائقه لن يساعد على تنقية الضجة الخارجية غير المفيدة فحسب، وإنما يرغم الإنسان على مواجهة وملاحظة تلك الأشياء التي تمنعه من أن يكون سعيداً حقاً. ليس من السهل مواجهة كل الأمور التي يرغب الإنسان بنسيانها ، ولكن هناك فوائد ضخمة للاستماع؛ أولاً: هو صوت خصوصي, لأن ما يقوله هذا الصوت يبقى بين الإنسان وبين نفسه. ليس على أحد معرفة شيء منه, وثانياً: يساعد هذا الصوت على مواجهة المخاوف، وثالثاً: إنه يدفع الإنسان للتوقف عن الجري ليبدأ بالسير نحو السعادة.
الخوف سيد الموقف:
الخوف من الفشل، الخوف من النجاح، الخوف من أن لا يكون المرء سعيداً، الخوف من أن يكون المرء سعيداً أكثر من اللازم. نعم، إن العيش مع الخوف يجعل الإنسان تعيساً تماماً. إن للخوف طريقته في منع المرء من الاستمتاع بكل شيء تقريباً، وإن السماح له بالاستيلاء على حياة الإنسان وبأن يملي عليه كيف يعيش هو حكم بالسجن. إن الخوف قادر على سرقة السعادة من الإنسان وإرغامه على العيش حياة لا يرغبها ولا يشعر بالشغف نحوها.