كيف تقيس حياتك؟
يبيّن كتاب "كيف تقيس حياتك" كيفية تعزيز الدافع في العمل وفي الحياة كي نعيش حياتنا على هذه الأرض بقناعة وسعادة، وأن لا يكون تركيزنا على المال والمهنة فقط، بل على العائلة والعلاقات والسعادة الشخصية.
يعتبر كلايتون م. كريستنسن من رواد الإختراع في العالم، وتعود شهرته إلى كتابه الرائع "مأزق المخترع"، وهو الكتاب الوحيد الذي يعتبره ستيف جوبز من الكتب القيمة.
يتجه هذا الكتاب لمساعدتك في إيجاد التوازن بين الحياة الوظيفية والنواحي الأخرى من الحياة، فهو يبيّن أنه، وعلى عكس ما يمليه الحدس، فإن سرقة وقت من العمل من أجل العائلة والعلاقات، يمكن أن يكون له التأثير الإيجابي الكبير على مجال المهنة والسعادة على المدى الطويل.
ولأن هذه الفوائد تستغرق وقتاً طويلاً لتتضح معالمها، فمن الصعب استثمار الوقت الآن والوثوق بالعملية، وهنا يأتي دور الكتاب لتقديم العون.
هناك ثلاثة دروس مفضلة:
1- تحتاج العلاقات إلى الاهتمام ـ دائماً ـ حتى عندما نعتقد عكس ذلك.
2- اسأل نفسك عن دورك في العلاقات، من أجل تفهّم أفضل للآخرين والقيام بالتصرّف الصحيح.
3- لا تقع في فخ التفكير الحدي.
الدرس الأول: تتطلب العلاقات اهتمامك دائماً، حتى إذا لم يبدو الأمر كذلك.
هل تتجنب في بعض الأحيان حضور حفلات عيد الميلاد العائلية؟ وهل سبق لك أن شعرت بالراحة لأن عملاً ضرورياً قد طرأ فجأة في نفس الوقت، مما منحك عذراً مقبولاً لعدم الحضور؟
إننا نعرف في أعماق قلوبنا أن العلاقة مع الأشخاص المقربين منا ـ كالأصدقاء وأفراد العائلة ـ هي أكبر مصدر لسعادتنا. فلماذا لا نخصص لهم دائماً الوقت الذي يحتاجونه؟
هناك سببان وراء ذلك:
1- المزيد من العمل يقدم مكافأة فورية. من السهل فعلاً ملاحظة فائدة ساعة إضافية في العمل، فأنت تقوم بأمر سيدفع بمهنتك إلى الأمام ويدر عليك مزيداً من المال.
2- إن من تربطك بهم أفضل العلاقات لا يطلبون منك تخصيص وقت لهم، ولهذا هم الأفضل. فهم يقدمون لك الدعم، مهما كان ما تفعله، ولذلك لا يطلبون الكثير.
هناك مفارقة إلى حد ما في العلاقات الرائعة، فهي بحاجة إلى الاهتمام المستمر والكثير من الجهد حتى عندما لا يبدو الأمر كذلك.
ربما يبدو لك أن باستطاعتك التعويض عن الوقت القصير المكرّس للعائلة فيما بعد، إلا أن الواقع يقول أن الضرر الذي يحدث مبكراً من الصعب تصحيحه في السنوات المقبلة.
الدرس الثاني: تعزيز الحدس والتعاطف عندما تفكر بالحياة العائلية على أنها وظيفة.
ما أفضل شيء يمكنك أن تفعله لتحسين علاقاتك بأفراد العائلة بشكل فوري ومنحهم الاهتمام الذي يستحقون؟ ما رأيك أن تعاملهم كوظيفة؟
فمن المثير للسخرية أنك حين تفكر بعلاقاتك كأنك تقوم بالأمر الذي يفترض أن تتخلى عنه بعض الشيء ـ العمل ـ سيجعل تصرفك أفضل تجاههم.
إن أفضل سؤال يمكنك أن تطرحه لتحسين أية علاقة هو: "أي عمل يريدني فلان من الناس أن أفعله؟".
إن فلان من الناس هو الشخص المعني. ربما يكون صديقك المفضل، والدك، أو عائلتك ككل، أو الشريك. سيقلب هذا الأمر العلاقات رأساً على عقب، ويقترب بها نحو وجهة نظرهم بدلاً من وجهة نظرك، ويضطرك أن تتعمق أكثر، ويساعدك على تفهّم أفضل للطرف الآخر، ومن ثم التوصل إلى طريقة جيدة لتلبية احتياجاتهم.
كلما تكرر فعل ذلك، سيصبح بمقدورك أن تخمن بالحدس ما هي حاجات ابنك أو الشريك، وهذه وصفة عظيمة لعلاقات مزدهرة ومخلصة.
الدرس الثالث: تفادي الوقوع في فخ التفكير الحدّي.
هناك علاقة واحدة عليك عدم تجاهلها في كل هذا الأمر وهي علاقتك مع نفسك. إن أسهل طريقة لحمايتها في كل الأوقات هو أن تعيش حياتك بمصداقية. إذا كان ضميرك مرتاحاً، ستشعر بالارتياح حيال القرارات التي تتخذها والأفعال التي تقوم بها، وهذا ما يحقق لها النجاح.
إن المصداقية بالنسبة لغالبية الناس، هي الوضع الطبيعي. إننا حين نحيد عن الطريق في فعل ما هو صحيح، فالأمور تصبح رديئة. كيف يمكننا أن نتفادى تعريض المصداقية للشبهات؟
الأمر بسيط، عليك أن تعرف التفكير الحدّي ولا تتورط به. ماذا يعني التفكير الحدّي إنه حين يكون كل ما تفكر به هو "حافة" الموقف.
على سبيل المثال، كانت شركة (بلوك باستر Blockbuster) هي الأهم في سوق تأجير الأفلام ولمدة طويلة، وفي أحد الأيام، بدأت شركة صغيرة تدعى (نيت فليكس Netflix) بإرسال الأقراص المدمجة (DVD) عبر البريد وإعادتها من قبل الزبائن بنفس الطريقة. وكم كان ذلك غريباً. ولأن بلوك باستر لم ترغب بدفع التكاليف الحدّية لإضافة هذه الخدمة إلى مجموعة منتجاتهم، فقد انتهى الأمر بها أن اضطرت لدفع الثمن الأغلى بدلاً عن ذلك، ثم أفلست الشركة عام 2010.
يحدث نفس الشيء للسلوك الأخلاقي. مثلاً اعتقد كثير من المصرفيين في عامي 2007 و 2008 أنه لن يحدث ضرر إذا قاموا بتغطية مصداقيتهم السيئة فيما يتعلق بقروض الرهن العقاري "هذه المرة فقط"، إلا أن الأمر لم يجر بشكل صحيح مما نتج عنه الأزمة المالية العالمية. لقد فقدوا مصداقيتهم على المدى الطويل، لأنهم لم يرغبوا بدفع الثمن الحدّي للتسوية الفورية لهذا القرار الخاطئ.
حين تعرف أنك تفكر بشكل حدّي، يمكن أن يشكل فارقاً كبيراً ويساعدك على تفادي اتخاذ قرارات فقط من أجل تفادي تبعات قرارات أخرى سبق أن اتخذتها.