بيئة المطعم تتحكم بما نأكله ونشربه
من أجل زيادة الأرباح بالنسبة للمطاعم، فإن الأمر يتعلق بكل شيء ماعدا الطعام، حيث يتطلب النجاح في عالم المطاعم شديد التنافس أكثر من قائمة طعام عادية، ولا يفيد كثيراً تقديم طعام شهي إن كان الزبائن لا يطيلون البقاء، أو لا يدخلون الباب أصلاً.
لقد فهم العاملون في مجال المطاعم أن التصميم والبيئة مهمان جداً، وقد أكدت دراسات أجراها علماء نفس البيئة وعلماء اجتماع آخرون أن التلاعب القوي بالبيئة الملموسة للمطعم يمكن أن يزيد الأرباح.
وبالتالي، فإن التغيير المستمر لتصميم المطعم قد أصبح سمة أساسية للعديد من سلاسل المطاعم حول العالم.
هذا الانتباه للتفاصيل مهم، بالإضافة إلى الدراسات التي تظهر أن كل شيء من لون الإضاءة إلى مظهر النادل يمكن أن يؤثر على تصرفات الزبائن.
أحياناً طريقة التقديم هي كل شيء:
قام فريق من الباحثين بمراقبة ما يقارب 500 شخص يتناولون الطعام في 60 مطعماً مختلفاً. وقاموا بتقدير كتلة الجسم العامة ونوع الجسم لكل شخص والنادل الذي يقدم لهم الخدمة ، مع الاحتفاظ بعدد كل ما تم طلبه من المقبلات، الحساء، السلطات، الوجبات الرئيسية، الحلويات والمشروبات.
بالنسبة لأكثر جزء غير صحي من الوجبة وهو المشروبات الكحولية والحلويات، فقد تبين أن الزبائن يميلون إلى طلبها أكثر عندما يكون النادل ذو وزن زائد.
وقد افترض الباحثون أنه عند التفاعل مع شخص ذو وزن زائد في المطعم، فإن ذلك خلق ما يسميه علماء النفس بـ "النموذج الإجتماعي الظرفي". بمعنى أن النادل ذو الوزن الزائد قد أحدث تغييراً آنياً في التوقع الإجتماعي، مما أعطى الزبائن الإذن لتدليل أنفسهم.
إن وزن النادل أحد العوامل الظرفية العديدة التي تؤثر على ما نطلبه في المطعم.
أما بالنسبة للألوان فإن الشركات تعتمد بشكل مقصود ألواناً تعتقد أنها ستؤثر في الزبائن. فمثلاً اللون الأخضر يشجع على طلب السلطات والأطعمة الصحية الأخرى، بينما يمكن للون إبريق القهوة أن يؤثر في الإدراك الحسي لقوة ورائحة القهوة. وبالتحديد، يمكن أن تبدو القهوة خفيفة عندما يتم تقديمها في أباريق زرقاء، بينما تبدو القهوة قوية جداً في الأباريق ذات اللون البني.
التصميم الداخلي هو الأهم:
إن تصميم مطعم ما في كثير من الحالات يتوافق مع شكل الربح.
وقد أظهرت الأبحاث أن ميزات التصميم التي ترفع مستويات الحماس، كالإنارة القوية والموسيقى العالية والألوان المشرقة، تجعل الأشخاص يتناولون طعاماً أكثر وبشكل أسرع، حيث تقلل الإنارة القوية من فترة بقاء الزبائن وكمية الكحول التي يتناولونها.
أما مطاعم الوجبات السريعة، فإن التغير السريع للزبائن هو مفتاح النجاح وحيث طلب المشروبات الكحولية ليس خياراً، تكون كل هذه العناصر، من الأضواء البراقة والموسيقى العالية هي جزء من تجربة المطعم. وربما ليست صدفة أن مطاعم الوجبات السريعة مثل برغر كنغ ومكدونالدز قد تبنت الألوان الصاخبة لشعارها كالأحمر والأصفر .
في حين أن الإضاءة الخافتة تقرّب الأشخاص لبعضهم، مما يؤدي إلى جعلهم يتكلمون بشكل أرق وتجعلهم يبقون وقتاً طويلاً. كما تجعل موسيقى الجاز الخفيفة الناس يبقون لوقت أطول في المطعم، مما ثبت أنه يؤدي إلى تصنيفات أعلى للطعام (وفواتير أكبر).
بالمختصر، فإن مطاعم الوجبات السريعة والعائلية لا ترغب بتشجيع الناس على البقاء طويلاً في المطعم ، فالإضاءة المشرقة وترتيب المقاعد الذي لا يسمح بالخصوصية والموسيقى العالية يخلق جواً يدفع بالزبائن الى المغادرة بعد تناول وجبة الطعام ، مما يفسح المجال لزبائن جدد.
على الطرف الأخر، تجعل المطاعم الفاخرة بديكورها المخملي والإضاءة الخافتة والأثاث الأكثر راحة، تجعل الزبائن أكثر رغبة بالبقاء لتناول الحلويات بعد العشاء أو طلب وجبة جديدة.