هل تم العثور على ينبوع الشباب لإطالة عمر الإنسان؟
في حين أن العثور عن " ينبوع الشباب " هو حلم يراود الإنسان منذ مئات السنين دون جدوى ،إلا أن أحدث الدراسات تشير إلى أن هناك طريقة واحدة يمكن أن تطيل حياة الإنسان لمدة خمسة أعوام تقريباً، وقد أصبحت هذه الطريقة مقبولة لدى كبار الباحثين .
المعادلة بسيطة وهي أن تناول كمية أقل من الطعام يمكن أن يضيف عدة سنوات إلى عمر الإنسان ويساعد في الحصول على حياة صحية سليمة كما يقول عدة خبراء حديثاً، شريطة أن يتم ذلك باعتدال.
السؤال الوحيد هو : هل يستطيع الشخص العادي أن يفعل ذلك ؟
يمكن لعمليات التجميل أن تجعل الإنسان يبدو أصغر عمراً، إلا أن الحد من السعرات الحرارية هو امرأقرب ما يكون إلى "ينبوع الشباب"، ويقول العلماء الذين كانوا ينظرون بحذر إلى موضوع فورة مكافحة الشيخوخة بأن الحد من السعرات الحرارية يؤدي إلى التقليل من خطر الإصابة ببعض الأمراض ويساعد كافة خلايا الجسم على الاستمرار لمدة أطول .
يقول ادوارد فايس – الباحث لدى جامعة سانت لويس – أن هناك الكثير من البراهين على أن الحد من السعرات الحرارية يمكن أن يقلل من خطر الإصابة بالعديد من الأمراض الشائعة من السرطان إلى السكري وأمراض القلب، و قد أعلن فايس عن دراسة جديدة نشرت في آذار 2015 تقدم مفهوماً جديداً حول فعالية هذه الطريقة تحمل عنوان" وقد تعيش لتصبح أكبر عمراً ".
الأرقام:
توضيح ضروري : يقدم إيريك رافوسين الذي يدرس الصحةوالوظائف الإنسانية في مركز أبحاث الطب الإحيائي في لويزيانا تقديرات في معظمها على دراسات أجريت على الحيوانات أخرى وعلى أبحاث أولية فقط على الإنسان،ولكن هناك مبدأ أولي يتفق حوله الكثير من الباحثين بشكل عام و هو أن تناول طعاماً أقل بمعدل 15بالمئة بدءاً من عمر 25 سنة قد يضيف إلى عمرك أربع سنوات ونصف.
بقاء الألغاز:
يعتقد العلماء أن الحد من السعرات الحرارية يخفض من نسبة الأيض ويجعل الجسم يولد عدداً أقل من الجذور الحرة ، ولكنهم مازالوا غير متأكدين من سبب إبطاء التقدم بالعمر.
تقول إحدى النظريات بأن الحد من السعرات الحرارية يخفض إفراز هرمون الغدة الدرقيةوالذي بدوره يبطئ التمثيل الغذائي و شيخوخة الأنسجة.
وقد قام فايس وزملاؤه بدراسة مجموعة من المتطوعين الرجال و النساء على حد سواء بعمر ما بين 50 – 60 عاماً وهم من غيرالمدخنين ولا يعانون من البدانة ويتمتعون بصحة جيدة، وتم توزيعهم على ثلاث مجموعات هي: مجموعةالحد من السعرات الحرارية،مجموعةالتمرينات الرياضية ومجموعة الإشراف وتم متابعتهم لمدة عام.
وقد تبين بنتائج هذه الدراسة أن مجموعة الحد من السعرات الحرارية خفضت ما بين 300 – 500 سعرة حرارية يومياً ( يجب أن يحتوي الغذاء النموذجي للشخص البالغ السليم على حوالي 2000 حرارية) أما مجموعة التمرينات الرياضية فقد حافظت على غذائهاو قامت بممارسة التمرينات الرياضية بانتظام.
و قد اختبرت كل من مجموعة الحد من السعرات الحرارية و مجموعة التمرينات الرياضية نفس التغيرات في كتلة الدهون، ولكن وحدها مجموعة الحد من السعرات الحرارية هي التي اختبرت مستويات منخفضة من هرمون الغدة الدرقية.
خطوةخطوة:
يقول العلماءأن الحاجة مازالت موجودة لإجراءدراسة مطولة للتأكيد بأن تخفيض مستويات هرمون الغدة الدرقية(T3) عن طريق الحد من السعرات الحرارية يبطئ فعلاً من عملية الشيخوخة كما يعتقد حالياً.
وتقول كريستي كارتروهي باحثة حول الشيخوخةوبروفسور مساعد لدى كلية الطب في جامعة فلوريدا:" إن أبحاث فايس تزيد من المعرفة حول وسائل مكافحة الشيخوخة،إذ كلما تمكن العلماء من كشف نقاط التشابه البيولوجية بين الإنسان والقوارض من ناحية الحد من السعرات الحرارية زادت إمكانية تمديد فترة حياة الإنسان".
يعتبر فايس أنه من المنطقي البدء باتخاذ الخطوات الآن حيث يمكنك اقتطاع ما بين 300 – 500 سعرة حرارية ببساطة عبر حذف التحلية أواستبدال الوجبات الخفيفة بشطيرة لحم الحبش بالإضافة الى ممارسة بعض التمارين الرياضية.
ويضيف فايس أن أبحاثهم تقدم البرهان على أن الحد من السعرات الحرارية فعال بالنسبة للإنسان كما ثبت ذلك بالنسبة للحيوان ،أما الخطوة التالية فهي في تأكيد إذا كان ذلك يبطئ بالفعل من تلف الأنسجة الناتجة عن التقدم بالعمر والطريقة الوحيدة للتأكد من ذلك هو إجراء دراسة طويلة الأمد، وذلك بحاجة الى ابحاث أخرى مستفيضة.
يعتقد جاي فيلان و هو أخصائي علم أحياءالتطور في جامعة كاليفورنيا في لوس أنجلس أن الباحثين قد دعموا بالوثائق التأثير الفعلي والهام للحد من السعرات الحرارية لدى الإنسان إلا أنهم ما زالوا بعيدين عن إثبات أن ذلك يغير من فترة حياة الانسان .
البحث عن التوازن :
بالعودة إلى الوراء فقد كان جاي فيلان يعتقد في عام 2005 بأن معاناة سنوات قاسية في محاولة الإنسان الحفاظ على الشكل النحيل لن يؤدي إلى حياة أطول ، ولكن المحافظة على وزن سليم للجسم والاعتدال في تناول الطعام هو الحل المنطقي.
وعد كبير:
يتفاءل الخبراء الآخرون بأن الأبحاث حول الحد من السعرات الحرارية ستؤدي إلى نتائج عظيمة، لقد فكر الباحثون ملياً بالمفارقة الفرنسية، وهي أن الفرنسيين يتناولون أطعمة غنية بالدهون ولكنهم يعيشون حياة طويلة نسبيا،ً ويعتقد الكثيرون أن مادة(ريزفيراترول)والمركبات الأخرى الموجودة في الخل والنبيذ الأحمر تساهم كثيراً في تلك الحياة الجيدة.
ولكن بالمقابل فإن اختبار أي دواء لمكافحة الشيخوخة يضع الباحثون أمام مفارقة غريبة أخرى، وهي أنه من غير الممكن الإنفاق على اختبار يدوم سبعين عاماً، ولكن هناك طريقة مختصرة وهي أن يقوم الباحثون باختبار مركبات يعتقد بأنها تحول دون الشيخوخة لدى مرضى ألزهايمر بهدف معرفة إذا كانت هذه المركبات تبطئ من عملية تلف الخلايا العصبية، وستبدأ محاولات مماثلة على مرضى السكري قريباً .
تقول كريستي كارتر: "هناك الكثير من هذه الدراسات مازالت في طور التقدم ومازالت تتم على القوارض ويتوقع أن يبدأ هذا المجال بالانتشار في السنوات القليلة القادمة، إلا أنه لابد من الحذر بسبب الحاجة إلى دراسات مستفيضة لهذه المركبات من ناحية فعاليتها و كونها مضمونة على المدى البعيد ونحن نعلم أن القليل من تخفيض السعرات الحراريةولو كان 8 بالمئة فقط فسينتج عنه تحسين في مستوى الصحة" .
في النهاية يعتقد رافوسين أن بإمكان الجهود المتضافرة من كافة زوايا هذه الدراسات أن تمد بعمر الإنسان حوالي 15 عاماً في أواخر هذا القرن .