ما هي ساعة الصفر للشركات؟
تتصدر اخبار الكوارث الطبيعية والحرائق وأعمال العنف والحروب الأهلية الصفحات الأولى في جميع وسائل الإعلام ، ويوماً بعد يوم تتزايد التوقعات بحدوث كوارث طبيعية كبرى نتيجة للتغير المناخي في السنوات القادمة ، ومن هنا أصبح موضوع أمن وحماية البنية التحتية لتقنية المعلومات امراً في غاية الأهمية والإلحاح ، سيما وان فقدان هذه البنية سيؤدي إلى كوارث قد تكون في حجمها اكبر وأكثر ضرراً على البشرية .
وللتعرف على واقع وابعاد هذا الموضوع قام فريق من الباحثين بإجراء دراسة شملت أكثر من 500 شركة ومؤسسة من كبرى الشركات في جميع أنحاء العالم وذلك بغية التعرف على الإجراءات الاحترازية التي تقوم بها لحماية بنيتها التحتية لتقنية المعلومات التي تعتمد عليها في إدارة أعمالها وتحتوي كل البيانات الخاصة بها والتي يؤدي ضياعها إلى ضياع الشركة بالكامل.
وقد حملت نتائج الدراسة الإجابة على تساؤلات مهمة هي :
هل يمكن تجنب الانقطاع الكارثي؟
ان الانقطاع المفاجئ للإنترنت أو توقف عمل الخادم الذي يحتوي جميع بيانات ومعلومات الشركة لمدة طويلة تزيد عن الساعتين يؤدي الى إلحاق الضرر بعمل الشركات خاصة في حال تكرار هذه الانقطاعات ، سواءً أكانت مجدولة بسبب أعمال الصيانة أو التطويراو بسبب ظروف قاهرة مثل الحرائق او الكوارث الطبيعية ،تحول دون إنجاز العمليات الدولية لمدة 24 ساعة أيضاً. ويُنظر دائماً إلى الانقطاعين هذين على أنهما أمرٌ محتوم لا يمكن تحاشيه، لكن بفضل تقنية اليوم، أصبح ذلك ممكناً.
كيف يمكن ذلك ؟
يجب على فريق تقنية المعلومات في جميع المؤسسات ان يقوم بإعداد خطة محكمة للحفاظ على البيانات والمعلومات بغية تجنب عواقب تلك الكوارث في حال حدث انقطاع المفاجىء للإنترنت او توقف عمل الخادم لمدة تزيد عن الساعتين .
لقد أدت الانقطاعات الكبيرة التي سببها إعصار ساندي إلى فشل حماية كثير من المؤسسات حتى مع استخدام أجهزة إنذار حديثة. وكانت إحدى شركات التكنولوجيا في منهاتن والتي فضلت عدم الكشف عن اسمها إحدى ضحايا تلك الانقطاعات.
ويتم تنصيب الخوادم الحاسوبية ( Servers ) للاستجابة إلى البيانات التي ترد في الزمن الحقيقي، لكن في حال توقف أحد الخوادم ، فإن الخوادم الأخرى والتي تكون عادة موجودة على بعد خطوات من بعضها البعض تتمتع بمدخرات احتياطية لكن استطاعتها على لا تزيد عن ساعتين ، والأهم من ذلك ان المكان الذي يخصص لها يكون في الطوابق العلوية من المبنى مثل الطابق الأربعين !!
وعندما وقع إعصار ساندي، تعين على كادر تقنية المعلومات أن يركب سيارته وأن يشق طريقه إلى منهاتن، ثم يصعد عدداً لا منتهي من السلالم وصولاً إلى الطابق الأربعين ليأخذ الخوادم ( (Servers، ثم يسحبها نزولاً على السلالم محاولاً الخروج سالماً من المدينة، ثم العثور على موقع آخر لتنظيم كل شيء والتشغيل من جديد.
لم تكن حادثة هذه الشركة فريدة من نوعها، فقد تكررت هذه الرواية مراراً وتكراراً من عدة شركات كانت ضحية لإعصار ساندي؛ مع أن هذه الشركات كانت تعتمد على خطط طوارئ لتجنب الكوارث ولكنها جميعها التي فشلت فشلاً ذريعاً.
إعادة نسخ بيانات الزمن الحقيقي على مسافات بعيدة
قد يقول بعضهم لا يُمكن التخطيط لكارثة بهذا الحجم، ولكن نتائج وتوصيات هذه الدراسة لا تتفق مع هذا الرأي ، ففي الماضي كانت الشركات بحاجة لوضع خوادم لاسترداد البيانات في مكان يكون في متناول الأيدي في حال أرادوا إعادة نسخ كمية كبيرة من البيانات في الزمن الحقيقي، لكن خطة استرداد البيانات تحتاج أن تكون الخوادم بعيدة ولنقل 100 ميل على الأقل.
وإن لم تكن هناك حاجة إلى نسخها في الزمن الحقيقي، عندئذ بالإمكان وضعها في مكان ابعد من ذلك ، مع انه من الفضل لكن يُحبذ أن يكون لدى فريق تقنية المعلومات خطة استرداد يكون فيها عمر البيانات ساعة واحدة .
وقد استطاعت تقنيات التخزين الأخيرة من تمديد إعادة نسخ بيانات الزمن الحقيقي إلى حوالي 125 ميل. وقد يُنظر لهذا الأمر على أنه إفراط لا طائل منه، لكن ما حدث في إعصار ساندي يجب ان يكون دافعاً لإعتماد هذه الإمكانية الواسعة لإعادة نسخ البيانات.
الانقطاع يعني الانقطاع
تشير نتائج الدراسة أن التخطيط للتعامل مع الانقطاع غير المخطط له او الانقطاع المفاجئ لعمل الخوادم لدى الشركات موضوع الدراسة هوفي الواقع أقل بكثير من التخطيط للانقطاع المنظم الذي تتعامل الشركات على الرغم من ان الانقطاع المفاجئ بسبب الكوارث الطبيعية او أعمال العنف قد يكون انقطاعاً كلياً ولفترة زمنية طويلة.
ويرى ميشيل اوستيرمان – أحد المحللين الصناعيين الخبراء – أن الغالبية العظمى للانقطاعات مخطط لها؛ أي أن الشركات تقوم دورياً بإغلاق الخوادم والأنظمة لديها عمداً. وبالنسبة لتقنية المعلومات، فهذا الأمر اعتيادي وهو يحصل منذ بزوغ فجر عصر الحاسوب.
لكن عصرنا اليوم عصرٌ مختلف يتطلب العمل على مدار الساعة ومنح الدخول الدائم والتواصل العالمي على مدار الساعة طوال السنة. وستكون معظم الشركات أكثر فعالية إن كانت لا تشهد أي انقطاعات سواءً أكان مخططاً لها أم لا.
هذا عصر الشركة الخالدة
يجب على الشركات الحديثة القيام بالإعداد الجيد لتجنب انقطاع عمل الخوادم وذلك حفاظاً على بقائها واستمرارها بعد انتهاء أي كارثة طبيعية او غير طبيعية ، فالمستخدم النهائي لديه عمل هام جداً والانقطاع هو انقطاع بالنسبة له سواءٌ أكان مخططاً له أم لا. وللحفاظ على التنافسية، تحتاج الشركات الحديثة إلى معالجة هذه المسألة ، من خلال استخدام التقنيات الخاصة لنظام التخزين التي تركز على التعامل مع نوعي الإنقطاع ( الصيانة الدورية او المفاجئة ) وذلك بإيجاد نظام لتخزين البيانات في موقعين اثنين ، وبذلك لا تتوقف العمليات في الشركات تتوقف أو تنقطع ويمكن الحصول على البيانات عند الحاجة إليها حتى أثناء عمليات الصيانة.