ما علاقة النفط بالرمل الزيتي في البحر الميت في الاردن؟
الرمل الزيتي مصطلح يطلق على الصخور التي تمتلئ فجواتها جزئيا أو كليا بمواد بتيومينية ثقيلة اللزوجة إلى شبه صلبة والتي لا يمكن نقلها من خلال الصخور إلى البئر بوساطة طاقة الخزان الكامنة، أي أنها لزجة جداً لدرجة لا يمكنها من التدفق إلى آبار الإنتاج بمعدل مقبول تجارياً.
أسماء أخرى مشابهة هي الرمال القطرانية، رمال القار - الرمال النفطية، الصخور المشربة بالنفط، الحجر الرملي القاري. وأي تمييز يمكن أن يتم بين الرمال الزيتية أو رمال القار يجب أن يرتبط فقط بالفرق في لزوجة القار أو الزيت المحتوى فيها. وبصفة عامة، يمكن اعتبار الرمال الزيتية على أنها خليط من أربعة مكونات رئيسة، النفط والماء والمواد الناعمة والرمل.
نبذة تاريخية:
قبل عام 1987 لم يكن يعرف إلا القليل عن الرمل الزيتي، حيث أشارت الدراسات الجيولوجية السابقة التي أجريت في منطقة البحر الميت إلى وجود الرمل الزيتي متكشفاً في مدخل وادي عسال. وكان يعتقد أن هذا التكشف لا يمثل مؤشراً على راسب له قيمة تجارية، ولم تجرى أية أعمال استكشاف.
أدى العمل الميداني الذي قمت به في عام 1978 إلى اكتشاف العديد من التكشفات في منطقة الذراع. ومن ثم اكتشف موظفو مديرية الجيولوجيا عدة تكشفات أخرى خلال أعمال مشروع المسح الجيولوجي العام للمملكة للوحة الكرك بمقياس قدره 1: 50.000 ، وأنشطة استكشاف استطلاعية أخرى.
أماكن وجود الرمل الزيتي:
يوجد عدة تكشفات للرمل الزيتي على طول الحافة الشرقية لمنطقة البحر الميت موزعة في عدة أماكن أهمها:
• منطقة عسال – الذراع : يوجد 7 تكشفات تقع على طول الحزام الممتد لمسافة سبعة كيلومترات على الفالق القوسي الممتد من وادي عسال جنوباً الى وادي الذراع شمالاً. وتتركز هذه التكشفات على طرفي الحزام أي بالقرب من وادي الذراع ووادي عسال.. وبالتالي يمكن تصنيفها كموقعين رئيسيين:
- الراسب الشمالي – الذراع
- الراسب الجنوبي - عسال
وقد قامت سلطة المصادر الطبيعية بالتنقيب في هذين الراسبين خلال الفترة من 1 كانون ثاني 1987 وحتى 1 تشرين ثاني 1988. وذلك كجزء من برنامج التعاون بين سلطة المصادر الطبيعية ممثلة بمديرية الجيولوجيا وشركة جيسكو والمتضمن قيام السلطة بالتنقيب عن المعادن المهمه التي تقع ضمن أهداف الشركة كالبوتاس الصخري والكبريت والرمل الزيتي، على أن تتكفل شركة جيسكو بتغطية تكاليف الأعمال، حيث وضعت خطة تنقيب تفصيلية. والمقال هنا يركز على هذه المنطقة فقط.
• منطقة عين الحمر الواقعة على بعد 5 كم جنوب مصب وادي الموجب على الجانب الشرقي للبحر الميت.
• وادي الشقيق جنوب عين الحمر.
• عدة تكشفات محدودة على طول الشاطئ الشرقي تم تحديدها.
منطقة وادي عسال:
تقع هذه المنطقة على بعد حوالي 170 كم جنوب عمان، أو 30 كم غرب الكرك. وتبلغ مساحة المنطقة التي شملتها أعمال الحفر 4 كيلومترات مربعة ( 30 بئرا في عسال و 7 آبار في الذراع تتراوح أعماقها بين 13- 245 مترا)، اضافة الى مجموعة من الدراسات الجيولوجية والجيوفيزيائية وتحليلات كيميائية والحجم الحبيبي.
وفيما يلي نبذة عامة عن الرمل الزيتي المكتشف في تلك المنطقة لتسلط الضوء على أصل النفط وتوضيح الجدل القائم منذ عام 1976 حول احتمالين لكل منهما مؤيدين.
الاحتمال الأول: ان الرمل الزيتي في كافة المناطق هو دليل على أن جميع النفط الموجود في خزانات على أعماق بعيدة بمنطقة البحر الميت، ونتيجة بعض الحركات التكتونية والوضع الجيولوجي، قد هاجر عبر الشقوق والفوالق الى الطبقات السطحية وخاصة الرمل، وان ما هو موجود يمثل النفط المتبقي.
الاحتمال الثاني : ان النفط عندما وصل الى طبقات الرمل أو غيرها قد ملأ المسامات وتطايرت الغازات وبقي القطران وأغلق الطريق على مزيد من النفط السائل وأصبح بمثابة غطاء. أي أن النفط لا يزال في الخزانات الباطنية، وأن الرمل الزيتي هذا هو أهم الشواهد السطحية للتنقيب عن النفط .
لهذا فقد تركزت خطة التنقيب على توضيح التوزيع العمودي والأفقي لرواسب الرمل الزيتي ودراسة النمط الهيكلي والنموذج الرسوبي، فاشتملت الأعمال التي نفذت على ما يلي:
اولاً: أعمال الحفر
• الحفر في طبقات رمال الكرنب الحاوية على النفط في مدخل وادي عسال.
• الحفر في التكاوين الجيولوجية الأخرى التي شوهد بها النفط والواقعة تحت أو فوق رمال الكرنب، حيث أثبتت نتائج تحليل عينات النفط من طبقة البرج وطبقة الكرنب الاحتمال الثاني.
• الحفر في كافة التكشفات على الشريط الممتد من وادي عسال حتى وادي الذراع أيدت الاحتمال الثاني أيضا.
• حفر بئر عميقة لمعرفة التوزيع العمودي لعمق 225 متر في طبقة الرمل الزيتي.
نتائج أعمال الحفر (المرجع بسام الصناع وموسى حدادين 1988)
تم اثبات وجود 30 مليون طن متري من الرمل الزيتي يحتوي على 2.36 مليون طن نفط أو 17.3 مليون برميل. ولو اعتبر أن ما يستهلك في الأردن 150 ألف برميل يومياً، فهذا يكفي الأردن 115 يوماً فقط .وعلى اعتبار أن سعر برميل النفط 50 دولارا، تكون قيمة النفط المحدد اعتماداً على عمق الآبار المحفورة 865 مليون دولار.
أما اذا افترض أن الرمل الزيتي يستمر لعمق 200 متر، فستكون كمية الاحتياطي من الرمل الزيتي 63.5 مليون طن يحتوي على 4.8 مليون طن نفط، أي حوالي 35 مليون برميل قيمتها 1.76 مليار دولار دون اعتبار للمواد الثانوية التي يمكن انتاجها، وهي الكبريت (0.45-1.8) والرمل المتبقي بعد فصل النفط . وحسب الاحتياطي على فرض سمك 100 و300 و 400 متر.
ثانياً: عمل مسح جيولوجي تفصيلي لمنطقة مدخل وادي عسال
أشارت الدراسة وجود صدع دسري يعتبر من الصدوع المشجعة للتنقيب عن النفط على المستوى العالمي بحاجة الى دراسة معمقة.
ثالثاً: عمل رحلات جيولوجية استطلاعية لكافة المناطق المحيطة ولمسافة عدة كيلومترات للبحث عن تراكيب جيولوجية كبيرة وقد وجد تركيب جيولوجي كبيرعلى الجهة الشرقية.
رابعاً: دراسات تعدينية ودراسة الغطاء الصخري فوق الرمل الزيتي
تبيّن نتيجة تحاليل استخلاص النفط باستخدام الماء الساخن التي أجريت في السلطة أن نسبة البتيومين كانت 8.6 والرمل 90.2 والماء 1.2، وأن الرمل نقي جداً يمكن استخدامه في عدة صناعات. كما تم دراسة طبقة الدولومايت المطروح حالياً للاستثمار في المشاريع الاستثمارية.
خامساً: دراسة الوضع الهيدرولوجي للينابيع في وادي عسال
في حالة الرغبة في استغلال الرمل الزيتي يجب بناء سد الى الجهة الشرقية من التكشف.
سادساً: اجراء دراسات جيوفيزيائية باستخدام طرائق الجاذبية والمقاومة والزلزالية.
كما أشارت الدراسات الجيوفيزيائية لغايات التنقيب عن النفط في البحر الميت الى وجود خزان تركيبي بالقرب من مدخل وادي عسال قد يكون مشجعا للتنقيب عن النفط، ولكن أصحاب القرار المؤيدين للنظرية الأولى استبعدوا وجود النفط.
سابعاً: اجراء دراسات جيوكيميائية وفيزيائية - اجراء التحاليل اللازمة للنفط في الأردن وفي الخارج والحجم الحبيبي.
النتائج والاقتراحات:
جميع الدراسات السابقة أيدت الاحتمال الثاني، أي ان جميع تكشفات الرمل الزيتي هي دليل مباشر على أن النفط لا يزال في خزانات تحت السطح.
بنفس الوقت يمكن استخراج النفط من الرمل الزيتي في وادي عسال على نطاق محدد ولاستعمالات محلية، ولكن بعد اجراء دراسة جدوى اقتصادية.
أما اذا كانت النية تتجة للتنقيب عن البترول فهنالك أعمال مسبقة محددة ودراسات يجب أن تنفذ.