عالم بلا دماغ
يكشف المؤلف فرانكلين فوير في كتابه عالم بلا دماغ عن مدى تهديد التكنولوجيا المتقدمة لوجودنا، ويقدم لنا مجموعة الوسائل التي تساعدنا في محاربة تأثيرها المستفحل.
ويقول انه منذ أن بدأت ثورة المعلومات والمعرفة بدأ معها التغير السريع الذي يعرض للخطر الطريقة التي نفكر بها، حيث اندفع العالم لتقبل المنتجات والخدمات التي تقدمها شركات التكنولوجيا العملاقة ، التي تروج لقدرتها ورغبتها في جعل العالم مكاناً أفضل، إلا أن ما فعلته بدلاً من ذلك، كان إلحاق الضرر بالراحة اليومية.
ومع توسع هذه الشركات وتسويق نفسها على أنها أبطال للشخصية الفردية والتعددية فقد وضعت الجميع في قالب واحد، ودمرت الخصوصية.
لقد خلقت ثقافة ضيقة وغير مستقرة ، ووضعتنا على الطريق نحو عالم يفتقر إلى خصوصية التأمل واستقلالية الفكر أو دراسة النفس بشكل منعزل، أي عالم بدون دماغ. ولكي نستعيد حياتنا الداخلية علينا أن نتفادى اختيار هذه الشركات لنا، وأن نفهم الأفكار التي تؤيد نجاحها.
يتتبع فوير بشكل رائع التاريخ الفكري لعلم الكمبيوتر، من ديكارت والتنوير إلى آلان تورينغ وستيوارت براند وأصول السيليكون فالي، وهو بهذا يكشف لنا الخفايا المظلمة لأكثر أحلامنا مثالية حول التكنولوجيا ويقول : إن الطموحات المشتركة لشركات التكنولوجيا قد تطأ بأقدامها القيم التحريرية الراسخة وخاصة الملكية الفكرية والخصوصية، وهذه هي المرحلة الأولى من الأتمتة الكاملة والتجانس في الحياة الاجتماعية والسياسية والفكرية. إن استعادة سلطتنا على الطريقة التي نندمج فيها فكرياً مع العالم هي التي ستمنحنا القدرة على الوقوف في وجه التيار.
إن الرهان اليوم هو على ما نحن عليه الآن وما سنكون في المستقبل. ويضيف : لقد كان هناك محتكرون في الماضي، إلا أن لدى الشركاء العمالقة الحديثون أهدافاً أكثر بشاعة، فهم محتكرون يريدون الولوج إلى كل مظهر من مظاهر وجودنا والتأثير على كل ركن من صناعة قراراتنا، وحتى اللحظة تمكن القليل من التحكم بمقدار التهديد.
لا يشرح فوير في كتابه أزمة الوجود التي تلوح في الأفق فحسب بل يؤكد على أهمية التصدي ومواجهة هذه التحديات.