المرأة التي لا تخاف
الكتب الهزلية مليئة بالشخصيات التي انتصرت على الخوف. على سبيل المثال، فإن باتمان Batman حوّل مخاوفه من الخفافيش الى رعب ضرب قلوب المجرمين. وسوبرمان Superman الذي لم يكن لديه في الأساس شيء للخوف سوى معدن غريب يدعى (كربتونيت) قادر أن يسلبه قواه الخارقة. وأيضاً المتهور والجريء ديرديفيل Daredevil الذي يعرف باسم الرجل بدون خوف. ولكن ماذا لو كنت حقاً لا تشعر بالخوف؟ هذا هو العالم الذي تعيش فيه امرأة مجهولة، وهو أكثر خطورة من أي شي ذكره الباحث ليكس لوثر Lex Luther الى الآن.
تعرّف على س.م S.M التي تم الحرص على عدم ذكر اسمها الحقيقي لأن اعاقتها يمكن أن تضعها في خطر كبير من أي شخص يريد استغلالها.
هذه المرأة لديها حالة وراثية معروفة باسم مرض أورباش - وايث Urbach –Wiethe Disease وهو اسم العالمين اللذين وصفا رسمياً أول حالة لهذا المرض في عام 1929م. وهي حالة تم تشخيصها في عام 1908م، وسجلت اصابة 400 شخص بها منذ ذلك التاريخ.
تؤدي الإصابة بهذا المرض الى تكلس بعض أجزاء الدماغ واضعاف وظائفه. في حالة هذه المرأة فقد تجذر المرض في منطقة اللوزة في المخيخ وهي منطقة ذات علاقة بالمواقف المحفزة للعواطف، والذاكرة العاطفية طويلة الأمد، بخاصة تلك المرتبطة بالخوف. وتتمتع س . م . بمعدل ذكاء طبيعي وذاكرة عادية وتعمل قدراتها اللغوية والادراكية بشكل جيد حتى انها تبدو قادرة على الاحساس بالعواطف الأخرى وتعرّفها دون أي صعوبة. لكن ماذا عن الخوف؟
في مقابلة مع احدى وسائل الاعلام قالت س.م. انها لم تشعر به منذ أن كان عمرها 10 سنوات ، واضافت : كنت في طريقي الى المتجر ورأيت هذا الرجل جالساً على مقعد في الحديقة، وقال: ( تعالي هنا من فضلك) فذهبت اليه وسألته ماذا تريد؟ فأمسك بي من قميصي ووضع السكين على رقبتي وأخبرني بأنه سوف يقطعني بها. فقلت له ( هيا اقطعني.
لقد نجت س.م من ذلك الموقف، لكنها لم تكن المرة الأولى (أو الأخيرة) التي وجدت نفسها في مأزق مماثل.
تقول س.م انها تكره الثعابين والعناكب وتعترف بأن معظم الناس ربما يشعرون بالخوف منها، لكن في حين كان الباحثون يراقبونها خلال رحلة الى متجر للحيوانات الغريبة، وجدوا أنها بشغف كانت تحمل هذه الحيوانات دون خوف، وكان لا بد من منعها من التعامل مع هذه الحيوانات الخطرة مثل الثعابين المعروفة بلدغاتها السامة القاتلة. وحيث أنها تعيش في جزء خطر من البلدة فان تصرفاتها الجريئة تعرضها لمواقف خطرة تماما" كما حصل معها في تجارب سابقة ولم تستطع تبريرها.
اخافة المرأة التي لا تخاف
مع ذلك، ذكرت مجلة تايم أن الباحثين اكتشفوا أن س.م يمكن أن تشعر بالخوف ولكن في ظل بعض الظروف. عندما تعرضت لاستنشاق غاز ثاني أكسيد الكربون بدلاً من الهواء الغني بالأكسجين أدى ذلك الى حالة من الذعر التام، ووصفت س.م الشعور بأنه أسوأ ما اختبرته. ومع ذلك، عندما واجهت نفس الاختبار في اليوم الثاني لم تظهر أي خوف، على الرغم من معرفتها بما استوجبه الاختبار.
هذا يوحي بأن الضرر الذي يلحق باللوزة في المخيخ لا يضر على الأغلب بالقدرة الفعلية على الشعور بالخوف، فهو يعيق فقط القدرة على ربط التجارب الخارجية بالاستجابة للخوف. لحسن الحظ، فان س.م لديها الدعم الكافي من أطفالها وأفراد الأسرة جميعا وكذلك الأطباء المشرفون على حالتها لمساعدتها على تجنب الخطر. وفي الوقت نفسه، فان تفهّم حالتها المرضية ( الشعور بعدم الخوف) يمكن أن يساعد الباحثين لايجاد سبل للحد من الخوف في الأشخاص الذين يعانون من اضطرابات القلق والهلع.