اضطراب نقص الانتباه و فرط النشاط
إن اضطراب نقص الانتباه و فرط النشاط( أو ماكان يعرف سابقاً باضطراب نقص التركيز ) هو حالة عصبية تسبب للطفل فقدان التركيزوالتصرف بطريقة تجعل من الصعب بالنسبة إليه المشاركة في المدرسة أو في الحياة الاجتماعيةوالعائلية.
يمكن للطفل المصاب بهذا الاضطراب أن يكون مهملاً , مفرط النشاط , أو مندفعاً و قد يجمع الكثير من الأطفال بين هذه السلوكيات كلها , كما يمكن أن يترافق مع نقص الانتباه و فرط النشاط صعوبات في التعلم أو حالات ذهنية.
على الرغم من كونه من أكثر حالات الاضطراب الذهني شيوعاُ عند الأطفال حيث تشير الإحصائيات الى ان عدد الأطفال الذين تم تشخيص حالتهم بذلك الاضطراب في الولايات المتحدة وحدها حوالي 5 ملايين طفل ،فإن اضطراب نقص الانتباه وفرط النشاط يمكن أن يكون من الصعب كشفه وتحديده لأنه يؤثر على كل طفل بشكل يختلف عن غيره و يمكن للطفل المصاب به أن يكون مشاكساً ومثيراً للمتاعب وربما يفشل في المدرسة ويقوم بالعراك بشكل مستمر مع الأطفال الآخرين ،وهو طفل ثرثار للغاية ويدعي معرفة كل شيء، يقاطع معلميه باستمرار أو يحدق خارج النافذة دون أن ينتبه إلى مغادرة زملائه الصف لتناول طعام الغداء.
قد يكون جميع الصغار مندفعين و مفرطي النشاط وانتباههم ضعيف في بعض الأحيان , إلا أن هذه السلوكيات لدى الطفل الذي يعاني من اضطراب نقص الانتباه و فرط النشاط متكررةو شديدة إلى درجة أنها تؤثر على أنشطتهم المعتادة و قد تتركهم بحالة من الارتباك والإحباط أو الغضب .
وحسب مركز التحكم بالأمراض و الوقاية في الولايات المتحدة الأمريكية ، يتم تشخيص هذا الاضطراب لدى الصبيان أكثر من البنات (9.5 بالمئة من الصبيان مقابل 5.9 بالمئة من البنات)إلا أنه لم بتأكد لدى الأخصائيين فيما إذا كان ذلك يعني أن عدد الصبيان الذين يصابون بهذا الاضطراب هو أكبر أم أنهم أكثر قابلية للإصابة به مما ينتج عنه هذا السلوك الفوضوي،ويمكن على الأرجح ملاحظة الأطفال الذين يتصرفون بهذا الشكل وخاصة في المدرسة و تشخيص الاضطراب لديهم من أولئك الذين ينسحبون إلى عالمهم الخاص .
الخبر الجيد هو وجود العديد من الأبحاث التي أجريت لدراسة اضطراب نقص الانتباه و فرط النشاط ( و الذي كان حالة ذهنية معروفة منذ ستينيات القرن الماضي ) و هناك عدد من الخطط التي تتضمن المعالجة الطبية وتعديل السلوك والتكيف المدرسي والتي من شأنها مساعدة الأطفال على معالجة حالتهم و ممارسة حياة ناجحة و سعيدة .
الأسباب :
لم تحدد الأبحاث ما هي الأسباب الفعلية و راء اضطراب نقص الانتباه و فرط النشاط، و لكن يعتقد العلماء أن السبب ربما يعود إلى عدم توازن النواقل العصبية , المواد الكيماوية التي تنظم عمل الدماغ و تنظم الاستجابةللمنبهات.
وقد ظهرت في عام 1996 دراسة متميزة قامت بها المراكز الوطنية للصحة العقلية حيث وجدت هذه الدراسة أن جزئين من الدماغ والذين يعتقد أنهما ينظمان الانتباه يكون حجمهما أصغر لدى الأطفال الذين يعانون من نقص الانتباه و فرط النشاط، و منذ ذلك الحين تطورت تقنية تصوير الدماغ.
وأظهرت العديد من الدراسات الأخرى وجود تباين بين دماغ الطفل المصاب بهذا الاضطراب و دماغ الطفل السليم ،ومنها الدراسة التي أعدت عام 2007 و التي أظهرت أن دماغ الأطفال الذين يعانون من هذا الاضطراب ينضج بنفس الشكل الذي ينضج به دماغ غيرهم من ألأطفال، ولكن حتى ثلاث سنوات لاحقة مازال العلماء يعملون على اكتشاف معنى هذه الاختلافات .
ما بالنسبة للأسباب التي تكمن خلف هذه الحالة الذهنية ، فإنه على مايبدو لا يوجد سبب واحد شامل ،بل إن هناك عدداً من العوامل التي قد تجعل الطفل أكثر قابلية للإصابة باضطراب نقص التركيز و فرط النشاط ومنها:
الوراثة :
يبدو أن اضطراب نقص الانتباه وفرط النشاط يسري في العائلة مثله مثل العديد من الأمراض العقلية والأمراض الأخرى بدءاً من داء السكري إلى الإدمان على الكحول إلى لون الشعر الأحمر.
و بما أن هذا الاضطراب ( و الذي كان يسمى في العقود الماضية بخلل طفيف في وظيفة الدماغ أو بفرط النشاط ) قد لا يتم تشخيصه بشكل مناسب ن فإن على الأهل البحث عن دلائل عن وجود هذه الحالة الذهنية في شجرة العائلة وذلك حتى يتمكنوا من اكتشاف إصابة طفلهم بها .
إن الرسوب في المدرسة , الإهمال و التقصير , تعدد الطلاق , مشاكل في التوظيف , الإدمان يمكن أن تكون جميعها إشارات على احتمال إصابة أفراد العائلة بنقص الانتباه و فرط النشاط، والذي لم يتم تشخيصه أو معالجته .
التدخين – شرب الكحول – المخدرات خلال الحمل :
لقد ربطت عدة دراسات كل من هذه السلوكيات الضارة بإصابة الطفل بهذا الاضطراب لاحقاً , فمثلاً ارتبط التدخين وشرب الكحول والولادة المبكرة كلها من عوامل اضطراب نقص الانتباه وفرط النشاط و لكن الباحثين اكتشفوا صلات أخرى .
ففي عام 2009 مثلاً وجدت دراسة بريطانية أن التدخين يعطل وظيفة الغدة الدرقية لدى كل من الأم و الجنين مما قد يؤدي وحسب هذه النظرية إلى حدوث خلل كيميائي في دماغ الرضيع كما أن التدخين يقلل من تدفق الأوكسجين إلى دماغ الجنين .
الولادة المبكرة :
يكون الأطفال الذين ولدوا قبل الأوان أكثر قابلية للتعرض لاضطراب نقص الانتباه و فرط النشاط.
فقد وجد باحثون من الدانمارك في عام 2006 أن الأطفال الذين يولدون ما بين الأسبوع الرابع و الثلاثين و الأسبوع السادس و الثلاثين هم أكثر قابلية للإصابة بهذا الاضطراب فيما بعد بنسبة 70بالمئة، أما السبب فما يزال غامضاً إلا أن النظريات تشتمل على نقص الأوكسجين و تضرر الدماغ .
الرصاص :
قد يكون الأطفال في عمر ما قبل المدرسة الذين تعرضوا لنسب عالية من الرصاص أكثر قابلية للإصابة باضطراب نقص الانتباه و فرط النشاط .
يتطور الدماغ بشكل كبير خلال السنوات الثلاث الأولى من عمر الطفل،و يعتقد أن الرصاص يخرب الأنزيمات ( الخمائر ) المطلوبة لبناء طرق الاقتران الصبغي و العصبونات ( الخلايا العصبية ) التي تعالج المعلومات .
المنبهات الغذائية :
لم يثبت طبياً وجود علاقة قوية بين الحلويات و اضطراب نقص الانتباه و فرط النشاط ،و مع ذلك فقد أشارت الأبحاث الأخيرة أن بعض الإضافات على الطعام كالملونات الصناعية و المواد الحافظة و البثلات ( و هي مواد كيماوية توجد في بعض المواد البلاستيكية ) قد تكون السبب في هذا الاضطراب .
الوقاية :
لا يوجد الكثير مما نفعله لتفادي اضطراب نقص الانتباه وفرط النشاط حيث تعزوه الكثير من الدراسات إلى المورثات (الجينات ) و لكن يمكننا تقليص العوامل إلى الحد الأدنى :
• عدم التدخين أو شرب الكحول أو تعاطي المخدرات خلال فترة الحمل أو حتى خلال فترة محاولة الحمل :
لا بد من إتباع تعليمات الطبيب للتقليل من احتمال الولادة قبل الأوان، خاصة إذا كانت السيدة تعاني من حالة صحية تضعها في منطقة الخطر، ولابد من تناول الطعام الصحي والفيتامينات والقيام بالتمارين الرياضية المسموح بها و الإقلال من التوتر ما أمكن .
عند ولادة الطفل لابد من الحذر من الأخطار المحيطة مثل الطلاء الرصاصي في المنازل القديمة ( والذي لم تحظره الحكومة الأمريكية قبل عام 1978 ) ويجب متابعة إرشادات حول الرصاص الموجود في اللعب المستوردة و في حاجيات الأطفال الأخرى، ويجب تجنب زجاجات الحليب وعلب الميكروويف و الأغراض الأخرى التي تحتوي على اليثلات .
• يجب التأكد من تناول الأطفال و في كل الأعمار طعاماً صحياً و الالتزام بجدول نظامي يتضمن فترات طويلة من النوم و الرياضة .
ربما تمنع هذه الوسائل من حدوث اضطراب نقص الانتباه و فرط النشاط ،إلا أن المنزل الفوضوي أو الحياة الفوضوية و الطريقة غير السليمة في المعيشة ستجعل الحالة أسوأ للطفل الذي يعاني الإفراط أو تشتت الذهن .