القيادة الإستراتيجية هي فن التعامل مع التغيير من اجل البقاء
لعل أهم ما يميز التغيرات والتحولات التي يشهدها القرن الحادي والعشرين هو تطور الفكر الإداري العالمي، والذي رافقه تطور نوعي في مفاهيم الإدارة وخاصة إدارة الموارد البشرية.
فقد أصبح نجاح المؤسسات والشركات يعتمد إلى حد كبي على استقطاب الكفاءات المؤهلة القادرة على التعامل مع التغييرات المتسارعة في بيئة العمل والمنافسة الشرسة على كل صعيد ، وهذا يتطلب قيادة إستراتيجية لمجابهة التغييرات والتطورات في هكذا بيئة .
يقول كريس أرجريس " (Chris Argyris) إنَّ المديرين المبدعين، الذين يتوقعون التغيير هم الأمل الوحيد لمواجهة المستقبل الديناميكي بنجاح."
ويتطلب النجاح في إدارة التغير أن تمتلك الإدارة العليا المهارات والأدوات لصياغة استراتيجية مناسبة ثم العمل على تطبيقها. و يشكل هذان العنصران ما يُعرف حالياً باسم "القيادة الاستراتيجية"، والتي ترسم الرؤية والتوجهات الرامية لتحقيق نمو الشركة ونجاحها.
لمحة حول القائد الاستراتيجي:
يُمكن العثور على القادة الاستراتيجيين على رأس الشركات الكبيرة عموماً، حيث تكون من أساسيات عملهم تأسيس الهيكل التنظيمي والسعي لاجتذاب المستثمرين و مصادر التمويل والموارد الأخرى، ويتحقق ذلك من خلال رسم الرؤية الإستراتيجية الخاصة بالشركة وتمريرها إلى الموظفين والمستثمرين على حد سواء.
تتضمن السمات المشتركة للقادة الإستراتيجيين ما يلي:
• القدرة على العمل بكفاءة عالية في بيئة غير مستقرة من اجل ضمان نجاح المشاريع على الرغم من المشاكل المعقدة والأحداث الخارجية المختلفة التي تؤثر على سير العمل.
• إصدار القرارات من خلال معالجة المعلومات معالجة سريعة وتقييم البدائل ، ويتم ذلك على الأغلب بناءً على معطيات غير كاملة ، وتتحمل القيادة في هذه الحالة عواقب تلك القرارات التي تؤثر على الآف الموظفين والكثير من الموارد الخارجية .
• غالباً لا يجني القادة الإستراتيجيين ثمار عملهم خلال فترة عملهم، لأنهم يضعون الخطط طويلة المدى والتي يستغرق تحقيق نتائجها سنوات عدة ،ومن المحتمل أن تحقق نتائجها بعد أن يترك هؤلاء المدراء عملهم.
منهجان مُختلفان
تبدأ عملية القيادة الاستراتيجية بالأشخاص، وتتطلب إدارة التغيير قادة استراتيجيين يمتلكون رؤية واضحة لتوجيه العمل في المسار الصحيح الذي يتوافق مع الأهداف والغايات ،
ويكون هؤلاء القادة مدركين تماماً لأهمية إحداث التوازن الدقيق بين قوة النظام المؤسسي وقوة الموارد البشرية ، لذلك فهم يعتمدون على قادة أقوياء من الدرجة الثانية ، مما يعطيهم المساحة الكافية للتركيز والتعامل مع القضايا الكبيرة والأكثر أهمية وتأثيراً على الشركة.
ويتوجه القادة من أصحاب الشخصيات القوية إلى التركيز على الجانب الإنساني أكثر من الجانب المؤسسي والتحليلي كما هو واضح في المؤسسات الحديثة التي تُركز على الموظف، والعكس صحيح كما هي الحال في المؤسسات التي تركز على الجانب التحليلي والتي تقوم على نموذج تقليدي يُركز من الناحية الأساسية على المستوى القاعدي.
كيفية اختيار النموذج المناسب لك
أن القيادة الإستراتيجية عملية متواصلة، ويجب على من يصل إلى هذا المنصب أن يقرر أولاً الأسلوب الذي سيتبعه في هذه العملية المتواصلة ؟
فالقائد التحليلي يرغب دائماً في أن يحظى بالإجابات الصحيحة على المستوى الشخصي؛ فهؤلاء القادة يعملون على القيادة من الواجهة الأمامية، ويتعاملون مع القضايا الاستراتيجية من خلال الاعتماد بشكل رئيسي على خبراتهم وتصوراتهم، ويحاولون التفوق دائماً على نظرائهم وتحقيق السيطرة في سوق العمل.
وعلى النقيض تماماً، يعتقد القائد الذي يُركز على الجانب الإنساني من القيادة الاستراتيجية أن استراتيجية شركته تزداد قوةً كلما ازداد عمق واتساع الفهم والالتزام الذي تحققه، ويكون هذا النوع من القادة قادراً على التوجيه والاستجابة للأمور التي يتعرض لها بحكم منصبه مع تعزيز الالتزام وتشجيع منح السلطة بين الموظفين على جميع المستويات.