هل هدايا الشركات رشوة؟
إذا قدم مندوب المبيعات الى زبونه هدية صغيرة، فمن المرجح أن يقوم الزبون بعملية شراء، بخاصة إن كان من يتلقى الهدية في منصب مدير. يرى البعض في هذا السلوك أمراً طبيعياً، في حين يرى فيه آخرون تضارباً في المصالح. فما حدود الخط الفاصل بين رموز التقدير أو علامة امتنان لعلاقة تجارية جيدة، ومحاولة الرشوة؟ انه خط رفيع يصعب الحكم عليه.
وتبعاً لدراسة قام بها باحثون من جامعتي زيوريخ ولوزان، فانه في العديد من الشركات والمؤسسات توجد ارشادات حول حجم وقيمة الهدايا التي يسمح للموظفين بقبولها. وترتكز هذه الحدود على افتراض أن الهدايا الصغيرة، مثل علبة من الشوكولاتة، لا تمثل مشكلة، لكن الهدايا الأكثر قيمة تسبب تضارباً في المصالح لدى المتلقين، وتؤثر في قراراتهم. اجرى الباحثون تجربة ميدانية شملت الصيدليات ومستودعات الأدوية، بهدف تعرّف ان كانت الهدايا الصغيرة في العلاقات التجارية لا تؤثر في سلوك المتلقي. في التجربة أعطى مندوبو المبيعات لبعض العملاء ستة أنابيب من معجون الأسنان بقيمة اجمالية تقدّر بنحو عشرة فرنكات. أدى هذا الذي يبدو بأنه غير مهم الى طلبات كانت في المتوسط ضعف الكمية المعتادة. لكن هذا التأثير لم يحدث إلا إذا كانت هناك علاقة عمل قائمة، بمعنى أن المانح والمتلقي يعرفان بعضهما بالفعل. إذا أعطيت هذه الهدية في أول لقاء، فمن المرجح أن يكون لها تأثير عكسي. الكميات التي طلبت في هذه الحالة كانت أقل مما هي عليه فيما لو لم تعطى الهدية.
قد يكون توزيع الهدايا الصغيرة استراتيجية مريحة لمندوبي المبيعات. وهذا صحيح بخاصة إذا أعطيت شخصياً إلى المدير. في التجربة، إذا أعطيت الهدية مباشرة الى مدير الشركة، فان قيمة الطلبية ترتفع لأكثر من أربع مرات. لكن لم يلاحظ أي تأثير مع الموظفين العاديين. يمكن تفسير ذلك مع حقيقة أن المديرين لديهم قدرات أكبر في اتخاذ القرار، ويمكنهم إصدار أوامر دون أن يطلبوا الإذن من شخص آخر، وهم يتحملون المخاطر أكثر. ويقول الباحثون ان التأثير يمكن أن يكون أكبر إذا كانت لدى الموظفين صلاحية اتخاذ القرار، لكن تحمل مخاطر أقل في الوقت نفسه.