هل تأكل أطعمة معدلة وراثيا ان عرفت فوائدها؟
تقنية تغيير الأطعمة وراثيا عن طريق ادخال جينات من كائن حي مختلف أثارت جدلا من البداية. وفي حين أن الكائنات المعدلة وراثيا تعدّ آمنة من قبل معظم العلماء، بما في ذلك الأكاديمية الوطنية للعلوم ومنظمة الصحة العالمية والرابطة الطبية الأمريكية، الا أن ثلث المستهلكين تقريبا فقط يشاركون هذا الرأي. أحد أسباب الانقسام في الرأي يعود لأن منتقدي الأطعمة المعدلة وراثيا يثيرون ضجة حولها، وغالبا ما ينتقدونها بكونها غير طبيعية، في تناقض صارخ مع مراجعة عام 2016م للأبحاث المنشورة، والتي لم تجد أدلة مقنعة على الآثار السلبية على الصحة والبيئة للأطعمة المعدلة وراثيا.
فريق من علماء النفس وعلماء الأحياء في جامعات روشستر وأمستردام وكارديف بحثوا في ما اذا كانت مواقف المستهلكين ستتغيّر اذا فهموا العلوم الأساسية بشكل أفضل؟ الاجابة القصيرة هي: نعم. ويقول الباحثون في تقرير نشرته مجلة Environmental Psychology أظهرت الأبحاث السابقة أن أكثر من نصف الأمريكيين يعرفون القليل جدا أو لا يعرفون شيئا على الاطلاق عن الأطعمة المعدلة وراثيا. في سلسلة من الدراسات اكتشف الباحثون أن معرفة الناس الحالية حول الأطعمة المعدلة وراثيا هي أكبر عامل حاسم في مواقفهم تجاه الغذاء، متغلبا على جميع العوامل الخرى التي تم اختبارها، مثل التعليم والحالة الاجتماعية والاقتصادية والعرق والعمر والجنس.
كرر الباحثون نتائج الولايات المتحدة في المملكة المتحدة وهولندا، حيث تميل المعارضة للأطعمة المعدلة وراثيا الى أن تكون أعلى منها في الولايات المتحدة، وحيث يتم ضبط الأطعمة المعدلة وراثيا بشكل كبير استجابة لمخاوف المستهلكين. سئل المشاركون أسئلة لكشف مدى المعرفة العامة بالعلوم، وأسئلة عن علم الأطعمة المعدلة وراثيا وطرائقه وفوائده واجراءاته. فوجدوا أن المعرفة المحددة والاجراءات حول الأطعمة المعدلة وراثيا مستقلة تماما عن المعرفة العلمية العامة للشخص. تابع الباحثون باجراء دراسة طولية مدتها 5 أسابيع مع 231 من الطلبة الجامعيين في الولايات المتحدة لاختبار أولا: ان كان من الممكن التغلب على نقص المعرفة بأمور الأطعمة المعدلة وراثيا عن طريق تعليم المشاركين العلوم الأساسية حول هذه الأطعمة، وثانيا، ان كانت المعرفة بشكل أكبر ستغيّر من مواقفهم؟ اكتشف العلماء أن تعليم العلوم الأساسية أدى الى مواقف أكثر ايجابية تجاه الأطعمة المعدلة وراثيا، ورغبة أكبر في تناولها، وتصور أقل للأطعمة المعدلة وراثيا على أنها محفوفة بالمخاطر.
يجادل الباحثون ان النتائج التي توصلوا اليها تقدم دعما مباشرا لنموذج الفقر في المعرفة العلمية، والذي بعبارات عامة، يرى أن شكوك الجمهور تجاه العلم والتكنولوجيا ترجع الى حد كبير الى الافتقار الى الفهم، أو عدم وجود معلومات ذات صلة.