هل يجوز تطوير دماغ القرد؟
عندما أضاف العلماء في الصين جينات بشرية الى القردة، كانوا يأملون في فهم أفضل لكيفية تطوّر دماغ الانسان. في هذه العملية أثاروا جدلا أخلاقيا واسعا حول الأبحاث التي يقول البعض أنها تطمس الخط الفاصل بين البشر والحيوانات. يقول العلماء ان القردة المعدلة وراثيا يمكنها أن تزيد من فهمنا لتطوّر الدماغ، مما قد يؤدي الى علاجات جديدة لمرض التوحّد واضطرابات النمو الأخرى. لكن منتقدي البحث يقولون ان المكاسب العلمية لا تبرر تكوين قرود قد تنتهي بذكاء بشري أكثر. جاء البحث من سؤال بسيط: كيف يصنع الحمض النووي لدينا مخططا لأدمغة البشر القوية. وعلى وجه التحديد، أراد العلماء من معهد كونمينغ لعلوم الحيوان التابع للأكاديمية الصينية للعلوم فهم دور الجين MCPH1 في تنمية الدماغ البشري.
غالبا ما يولد الأطفال الذين لديهم نسخ معطوبة من الجين، برؤوس صغيرة غير عادية، وهي حالة تسمّى صغر الرأس. وحيث أن نسخ هذا الجين مختلفة قليلا عند الانسان والقرد، فان العلماء يعتقدون أن الجين هذا قد يكون مسؤولا جزئيا عن الذكاء العالي للبشر. في الدراسة، أضاف العلماء النسخة البشرية من الجين MCPH1 الى 11 جنينا من قردة الريزوس التي تشترك في نحو 93% من الحمض النووي مع البشر. ثم زرعوا ما يسمّى الأجنة المعدلة جينيا في أرحام قردة إناث. وقد مات 6 أجنة لأسباب مختلفة، وبقي 5 أجنة أخضعوها لاختبارات ذاكرة، وجرى تصوير أدمغتها بالتصوير بالرنين المغناطيسي على فترات منتظمة. تصرّفت القردة المعدلة وراثيا مثل بقية القردة الطبيعية دون تغيير، وكانت أدمغتها بالحجم نفسه تقريبا، لكن خلايا الدماغ عندها استغرقت وقتا أطول لتتطوّر مقارنة بخلايا القردة الطبيعية، وهي ظاهرة تماثل النضج البطئ للغاية للعقل البشري الذي يعتقد أنه مرتبط بذكاء الانسان العالي. كما تفوقت على القردة الطبيعية في اختبارات الذاكرة وكان لها ردود فعل أسرع. دفعت هذه النتائج بعض العلماء الى التساؤل ان كانت القردة المعدلة وراثيا على بعد خطوة واحدة من شئ يشبه الوعي.
ويقول علماء أخلاقيات البيولوجيا: لا نعتقد أن جميع التجارب الوراثية الحيوانية / البشرية ليست أخلاقية، لكن إدخال الجينات البشرية في أدمغة القردة أمر مختلف. وهذه الدراسة تشتمل على خطر تكوين شئ ليس بشريا، لكن ليس الى حد ما قردا. بالمقابل يقول العلماء الذين أجروا التجربة ان ادخال الجين البشري ربما لم يكن كافيا لتكوين قردة تفكر كالبشر، وان بعض الاضافات الى الجينات لا تثير الخوف من أن تكون القردة مدركة للذات. ويشار الى أنه في عام 2015م، أعلنت المعاهد الوطنية للصحة أنها لم تعد تدعم الأبحاث الطبية الحيوية حول الشمبانزي. وان البحث في القردة العليا محظور أو مقيّد في العديد من البلدان، بما في ذلك دول الاتحاد الأوربي. في الولايات المتحدة، تموّل المعاهد الوطنية للصحة أبحاث القردة، والأبحاث التي تتضمن ادخال جينات بشرية في الحيوانات.
ويقول العلماء الصينيون ان مجلس أخلاقيات المعهد وافق على الدراسة، وانه تم التعامل مع القردة وفقا للمعايير الدولية. وانه بصرف النظر عن وتيرة نمو دماغها، فان القردة المعدلة وراثيا لم تختلف عن القردة الطبيعية. وقالوا انه من الناحية النظرية والواقع لم تلاحظ مظاهر "انسانية" في القردة المعدلة وراثيا، إذ جرى تغيير جين واحد فقط من بين عشرات ملايين الاختلافات الجينية بين البشر والقردة.