متى يتقاعد أستاذ الجامعة؟
طلب أستاذ جامعي في العلوم الانسانية تطبيق التقاعد الالزامي من العمل بحجة أنه على جيله التفكير بعناية إن كان الوقت قد حان لتسليم الدفة الى الجيل التالي. بالمقابل، قدم أستاذ في العلوم السياسية اقتراحا مماثلا، لكن أقل تشددا، يطلب فيه الى الجامعات تسهيل حصول الأساتذة على التقاعد، لكن على أن يواصلوا البحث بدوام جزئي، مشيرا الى خبرته في العمل، والى ضرورة اتاحة الفرصة للجيل الأصغر في العمل.
في مقالة في الواشنطن بوست كتب روبرت زارتسكي من جامعة هيوستن يقول: بينما أستعد للسنة الثلاثين كأستاذ في العلوم الانسانية، لاحظت وجود مفارقة غريبة بين مبادئنا السياسية التقدمية والميول المهنية المحافظة. لقد كشفت دراسة لمؤسسة TIAA - CREF أن عدد الأساتذة الذين تبلغ أعمارهم 65 عاما وأكبر قد تضاعف تقريبا بين عامي 2000م و 2010م. ولا شئ يشير الى أن هذا الاتجاه يتباطأ. وأظهرت دراسة أخرى لمؤسسة فيديليتي للاستثمارات أن 89% من الذين يريدون تأجيل التقاعد، يريدون البقاء مشغولين ومنتجين، بينما 64% يحبون العمل أكثر من اللازم بحيث لا يودون التخلي عنه. لا توجد دراسات يمكن أن تقيس مدى انتاجية الأكاديميين في عمر 65 وأكثر، وقلة منهم يظهرون أدلة كثيرة على النشاط. يستهدف النموذج التقليدي للانتاجية العالية نشر الدراسات والمقالات التي تستهدف عادة الزملاء الأكاديميين، والذين لا يقرأ معظمهم الا العنوان فقط. المأساة أن الجيل الحالي من الأكاديميين كبار السن أقل وأقل نشاطا، والأنشطة المهنية التي يقومون بها أقل أهمية. يبرر الأكاديميون كبار السن في كثير من الأحيان وجودهم من خلال الاشارة الى الحاجة لتوجيه الأجيال الشابة. لكن عندما يتعلق الأمر بالكلية الأصغر، فان هذا لا يعني أكثر من مجرد ارشادهم الى كيفية كتابة ونشر المقالات والكتب التي لا يقرأها أحد. أما بالنسبة لطلبتهم، فغالبا ما يعني ذلك حسب قول البعض، تكرار المادة نفسها من الكتاب نفسه بالملاحظات نفسها.
هناك مشكلة أخرى أكثر حساسية لكنها بالمقدار نفسه من الأهمية. تؤكد جميع الدراسات الحديثة أن القدرات المعرفية الأساسية تبدأ بالتلاشي بشكل كبير بعد سن السبعين. تبدأ المهارات مثل تكوين المفاهيم والتجريد والرشاقة العقلية بالتعثر. وكذلك القدرة على الاستجابة التلقائية لصالح انتاج شئ جديد. وبعبارة أخرى أصبحنا بشكل متزايد وبدون تفكير أقل جودة مما هو مطلوب بالنسبة لأستاذ جامعي. وهكذا فاننا نستمر في العمل، بينما يستمر تراجع أعدد الطلبة الراغبين بدراسة العلوم الانسانية. على مدار العقد الماضي، انخفض عدد الطلبة في التاريخ بنسبة 25%، وفي اللغة الانجليزية بأكثر من 20%، وفي الفلسفة بنسبة 15%، في حين تقوم بعض الجامعات بالغاء أقسام العلوم الانسانية بأكملها. من الواضح أن الجمعية الأمريكية لأساتذة الجامعات ليس لديها خطط لاقتراح سن التقاعد الالزامي الطوعي. ومع ذلك، يحتاج جيلي الى التفكير بعناية قدر الامكان فيما اذا كان الوقت قد حان لتسليم الدفة الى الجيل التالي. إذا كانت الحكمة تأتي مع الخبرة، فنحن بالتأكيد حكماء بما يكفي لايجاد طرائق للتقاعد مع الاستمرار بمشاركة معرفتنا.