من يستطيعون الاعتراف بأنهم لا يعلمون يعرفون أكثر
عندما تكون مع أشخاص تلتقي بهم لأول مرة فإنه من الطبيعي أن تسعى لنيل إعجابهم ، وقد يدفعك ذلك أحياناً للادعاء يكون بأنك تعرف عن الأفلام، السياسة أو العلوم وغيرها ، ولكن سلسلة جديدة تتكون من خمس دراسات قامت بها جامعة بيبردين Pepperdine University أظهرت بأن أولئك الذين يستطيعون الاعتراف بأنهم لا يعرفون شيئاً ما غالباً ما يمتلكون معرفة أكبر. فإن كنت ترغب بأن يعتقد من هم حولك بأنك ذكي، ربما أفضل ما يمكنك فعله هو أن تقول "لا أعرف".
ما وراء التواضع المعرفي :
التواضع المعرفي يعني امتلاك النظرة الداخلية والصدق للاعتراف بالجهل او عدم الخبرة بمسألة ما. ولطالما ربط العلماء التواضع العام – المعرّف بأنه فضيلة الاعتراف بحدودك- بتعليم أكاديمي أفضل وعلامات أعلى. ويعود ذلك غالباً إلى أن يجب ملاحظة أن هناك أشياء عليك تعلمها لتتعلم بشكل ناجح.
وفي حين أن التواضع يدور حول الاعتراف بوجود ضعف لديك بشكل عام، فإن التواضع المعرفي يتعلق بالضعف المعرفي بشكل خاص، حيث يعتبر الشخص متواضعاً معرفياً عندما يلاحظ بأن أفكاره وآراءه قد تكون غير صحيحة، فهو يتضمن الانفتاح على معلومات جديدة، وحسب ما قاله الباحثون في الدراسة الجديدة "فهو انفصال سليم بين المعرفة والغرور".
المتواضع، المتباهي، والمتباهي المتواضع :
بالنسبة للدراسة، كان للباحثين سؤال واحد: هل هناك فائدة للاعتراف بالضعف المعرفي؟ ولاكتشاف ذلك، أجرى الباحثون خمس اختبارات منفصلة، بمشاركة حوالي 1200 شخص ، واستخدموا في التقييم عدداً من الاستبيانات التي تختبر قدراتهم الادراكية، وتقيس توقعهم الخاص عن قدرتهم الادراكية، وذلك بهدف تصنيف مستويات تواضعهم المعرفي.
بالنسبة لذلك القسم الأخير، استخدم الباحثون طرقاً مختلفة في دراسات مختلفة للحصول على مجموعة واضحة أكثر من الإجابات. وقد استخدم أحد استبيانات التواضع المعرفي ثمانية أسئلة لتقييم المشاركين على مستويين: المقياس الفرعي "أعرف كل شيء"، والذي قيّم مواقف الاستعلاء المعرفي لديهم، والمقياس الفرعي "الانفتاح المعرفي"، والذي قيّم قدر الانفتاح الذي يملكونه للتعلم من الآخرين. وفي دراسات أخرى، استخدموا "مقياس التواضع المعرفي الشامل" ذو الـ 22 سؤالاً، والذي قيّم المشاركين على أربع مستويات: انفصال الإدراك والغرور، الانفتاح لتعديل وجهة نظر المرء، احترام وجهات نظر الآخرين، ونقص الثقة المعرفية الزائدة. وقد استُخدمت الدراسات الخمس لاختبار التعلم الماضي، أساليب التفكير، السمات والدوافع.
كلما عرفت أكثر
وجد الفريق أن التواضع المعرفي مرتبط بمعرفة عامة أكبر، على الرغم من عدم وجود قدرة إدراكية أكبر. أي أن الأشخاص المتواضعين معرفياً ليسوا أذكياء، ولكنهم يميلون إلى معرفة أمور أكثر من المغرورين معرفياً . ويعتقد الباحثون أن الفضل في هذا التشجيع على المعرفة يعود إلى حقيقة أن التواضع المعرفي يقود بشكل مباشر إلى سلوكيات يمكن أن تقود الأشخاص إلى التعلم أكثر كالتفكير التأملي، الفضول المعرفي والانفتاح. كما وجدوا بأن التواضع المعرفي مرتبط بـ "حذر اجتماعي" أقل، والذي قد يعني بأن الأشخاص المتواضعين معرفياً يعملون أفضل مع الآخرين. كما تم ربط التواضع المعرفي المرتفع بالرغبة في التعلم لأجل التعلم.
وقد لاحظ الباحثون بأن الدراسات السابقة أشارت أيضاً إلى أنه مع حصول الأشخاص على المعرفة، فإنهم يشهدون ارتفاعاً في التواضع المعرفي. أي أن التواضع والمعرفة مرتبطان معاً، ولكن من الصعب معرفة اتجاه الارتباط. فربما يكون الأمر أنك كلما تعلمت، أدركت أكثر بأن عليك التعلم اكثر. أو ربما معرفة ذلك تجعلك أكثر تقبلاً لتعلم أي شيء على الإطلاق.
وأفضل ما يجب تذكره هو أن الفضول يبدو في هذه الحالة أمراً جيداً. فالعالم كبير، ومن المستحيل معرفة كل شيء، لذلك لا تتردد في السؤال والاستفسار ، اسأل واعترف بعدم معرفتك، فقد يجعلك ذلك أقل جهلاً.