ما علاقة البكتيريا بعمل الأمعاء؟
تلعب تقلصات القناة الهضمية، أو ما يسمى الحركة الدودية فيه، دوراً مهماً في قيام هذه القناة بوظائفها في جميع الحيوانات تقريباً، من اللافقاريات البسيطة الى الفقاريات الراقية، إضافة الى الإنسان. فهذه التقلصات تعمل على نقل الغذاء ومزج مكوناته مع العصارات الهاضمة. وتسبّب كثير من أمراض القناة الهضمية إضطراباً في هذه التقلصات، وحتى الأن فان قليلاً من البحوث استكشفت العوامل التي تنظم هذه التقلصات.
علماء من جامعة كييل جاءوا ليثبتوا في دراسات لهم أن المستعمرات البكتيرية في الأمعاء تلعب دوراً مهماً في تقلصات الأمعاء. ويقول العلماء في تقرير نشرته مجلة Scientific Reports ان المنبهات للتقلصات الطبيعية للنسيج العضلي هي خلايا منظمة من الجهاز العصبي. إذ ينبعث من هذه الخلايا، وبدون أي محفزات خارجية، نبضات كهربائية تصل في نهاية المطاف الى العضلات الملساء في جدار الأمعاء وتسبّب تقلصاتها. وبالرغم من أن هذه النبضات تحدث من تلقاء نفسها، فان تواترها وكثافتها يخضعان لتأثيرات خارجية. وقد أثبت ذلك على حيوان الهيدرا بسيط التركيب الذي يعيش في المياه العذبة. إذ أمكن إثبات أن مستعمرات البكتيريا التي تعيش في تجويفه الهضمي تؤثر في تقلصات هذا التجويف، وذلك بتأثيرها في النبضات الصادرة من الخلايا المنظمة.
في التجارب، قارن العلماء بين هيدرا تحتوي على مستعمرات البكتيريا الطبيعية، وأخرى أزيلت منها هذه المستعمرات بإعطائها مزيجاً من مضادات حيوية. وقد تبين أن الهيدرا الخالية من المستعمرات البكتيرية أظهرت إنخفاضاً في التقلصات بمقدار النصف تقريباً، كما إضطرب انتظام إيقاع النبضات، وكانت بعض الفواصل بين النبضات أطول بكثير. وعندما أعيد إدخال نوع واحد من المستعمرات البكتيرية من الأنواع الخمسة الأكثر شيوعاً في الهيدرا، لم يكن له تأثير ملموس على وتيرة التقلصات وتوقيتها. لكن عندما أعيدت الأنواع الخمسة الرئيسة لوحظ تحسن ملحوظ في التقلصات، لكنه لم يكن طبيعياً تماماً. والمثير أن مستخلصاً من مستعمرات البكتيريا كان له التأثير الإيجابي نفسه.
من هذه الملاحظات، إستنتج العلماء أن البكتيريا الطبيعية المتصفة بتوازن بين الأنواع البكتيرية الشائعة تلعب دوراً منظماً مهماً في التقلصات العضلية. وان جزيئات معينة تفرزها البكتيريا تتدخل في آلية التحكم للخلايا المنظمة. ويقول العلماء، على هذا النحو، يمكن أن يكون للاشارات البكتيرية دور حاسم في نمط التقلصات المعوية، والنتائج واعدة بصورة خاصة للبحوث الطبية. ويقولوا ان التفسير الأساسي للتعاون بين الكائن الحي والمحتوى البكتيري في تنظيم الحركة الدودية للقناة الهضمية سيساعد في فهم كيفية حدوث الأمراض المزمنة التي تنشأ من الاضطراب في حركة الأمعاء.