التنبؤ أو التذكر وعلى الدماغ اختيار احدهما
يقترح بحث جديد أن محاولة التنبؤ او التوقع بموقف ما يعيق قدرة الدماغ على تذكر اللحظة الحالية أي يعيق تكوين الذاكرة ، فالدماغ يستخدم الحُصين ، وهو بنية دماغية ترتبط عادةً بتذكر الأحداث ، الخبرات لعمل تنبؤات (يطلق علماء الأعصاب على هذا "التعلم الإحصائي"). لكن العلماء الذين يكتبون في Proceedings of the National Academy of Sciences USA أثبتوا بموجب هذا البحث أن الوظيفة الأخيرة يمكن أن تعطل الأولى.
وقد تم التوصل الى هذه النتائج من خلال قيام الباحثون بعرض سلسلة من الصور للمشاركين دون إخبارهم أن بعض فئات الصور تتبع دائمًا فئات أخرى: فالجبال تأتي دائمًا بعد الشواطئ مباشرة وهكذا . وكان الهدف قيام المشاركين دون وعي بالتوقع او التنبؤ. وبعد فترة زمنية محددة عُرض على المشاركين نفس الصور مرة أخرى ، مختلطة بأمثلة جديدة ، وسُئلوا عما إذا كانوا قد رصدوا أيًا منها من قبل ، وكانت الاجابات انهم تذكروا بدقة رؤية الصور العشوائية بمعدل أفضل بكثير من الصور "التنبؤية" (مثل صور الشاطئ).
كرر العلماء هذه العملية أثناء فحص أدمغة المشاركين باستخدام التصوير بالرنين المغناطيسي الوظيفي، حيث تبين أن كل فئة من فئات الصور دفعت إلى نمط نشاط عصبي مميز ، وشوهدت أنماط الفئات "التي يمكن التنبؤ بها" في الحُصين عندما تم عرض الفئة التنبؤية المقابلة. علاوة على ذلك ، فإن قوة هذا التأثير في الرنين المغناطيسي الوظيفي تتوافق عكسيًا مع نتائج مهام الذاكرة للمشاركين.
يقول المؤلف الرئيسي للدراسة وعالم الأعصاب الإدراكي بجامعة ييل برين شيرمان: "كلما زاد عدد الأدلة التي رأيناها على التنبؤ ، كلما كانت ذاكرتهم أسوأ بالنسبة لتلك العناصر التنبؤية" مثل مشهد شاطئ معين، مما يشير إلى أن الصور التنبؤية دفعت الحُصين إلى تحويل التروس نحو التنبؤ - وبعيدًا عن تشفير ذاكرة جديدة والتي تؤدي لاحقاً الى التذكر .
ومما يجب ذكره ان هذه الدراسة هي من واحدة من احدث واول الدراسات التي توضح كيف يؤثر عمل التنبؤات على ذاكرة الإنسان ، فقد اشتبه العلماء سابقًا في أن الحُصين له دور في التعلم الإحصائي ، لكنهم لم يعرفوا كيف يتفاعل مع تكوين الذاكرة ، وفي هذا السياق تقول عالمة الأعصاب الإدراكي في جامعة فيرجينيا نيكول لونج ، التي لم تشارك في البحث: "هذه الورقة هي حقًا عرض رائع للمقايضة حيث يقوم الحُصين بكلا هذين الأمرين".
يقول فريق هذه الدراسة : إن هذا الحل الوسط يحدث لأن التذكر والتنبؤ كلاهما يستخدم بعضًا من نفس المسارات البيولوجية ، وفي الورقة البحثية ، قام المؤلفون بـتشبيه هذه الحالة ب "استخدام قدم المرء اليمنى لتشغيل دواسات الفرامل والغاز في السيارة ، ولكن ليس كلاهما في نفس الوقت". يقول شيرمان إن هذا الإعداد يمكن أن يمنع تكرار الذاكرة وبالتالي الحفاظ على القوة العقلية: سيحتوي التنبؤ الناجح على نفس المعلومات مثل النتيجة الفعلية.
يقول لونج إن دائرة الدماغ التي تجعل كل هذا ممكنًا لا تزال بحاجة إلى مزيد من البحث، وعلى سبيل المثال ، يتساءل عن مقدار التكرار المطلوب قبل أن ينتقل الحُصين من التسجيل إلى التنبؤ ؟ وما إذا كان من الممكن تدريب الدماغ للقيام بالمهمتين معاً ؟