لماذا يفعل البشر أشياء غبية؟
ننشغل نحن البشر بمجموعة من السلوكيات الضارة بجنسنا البشري وبأنفسنا. لقد قدم العلم الكثير من الأفكار حول السبب الذي يجعل من مخلوقات ذكية تتصرف بشكل بغيض، حاقد، مدمر للذات، ومؤذ.
فيما يلي تتعرف إلى ما وجده الباحثون حول أكثر تصرفاتنا تدميراَ:
- الكذب:
لا أحد يعرف على وجه اليقين السبب الذي يدفع البشر إلى الكذب، ولكن الدراسات تجد ذلك شائعاً وغالباً ما يرتبط بعوامل نفسية عميقة.
تم إجراء دراسة على أشخاص يكذبون بشكل متكرر، فكانت النتيجة أن 60% يكذبون مرة على الأقل خلال حديث مدته 10 دقائق.
والكذب ليس سهلاً، فقد توصلت إحدى الدراسات إلى أن الكذب يستغرق 30% جهداً أطول من قول الحقيقة.
- الميل للعنف:
يعود تاريخ أقدم حرب بين البشر إلى (10000) سنة. لقد أظهرت الهياكل العظمية ل 27 شخصاً وجود علامات على جروح من سلاح مقذوف، ورضوض عنيفة، وهكذا هو الأمر منذ ذلك الوقت.
يعتبر بعض الباحثين أننا نميل للعنف، وهذا موجود في مورثاتنا ويؤثر على مراكز المكافأة في الدماغ. ومع ذلك، لدى العودة إلى ملايين السنين تظهر الدلائل على أن أسلافنا القدامى كانوا أكثر حباً للسلام من البشر الحاليين، بالرغم من وجود علامات على أكل لحوم البشر بين البشر في عصور ما قبل التاريخ.
- السرقة:
يمكن للحاجة أن تدفع إلى السرقة، أما بالنسبة للمصابين بهوس السرقة، فإن الإثارة يمكن أن تكون هي الدافع، ففي دراسة شملت (43000) شخصاً، كانت النتيجة أن 11% قد أقروا بأنهم قاموا بسرقة المعروضات مرة واحدة على الأقل.
يقول جون غرانت من كلية الطب في جامعة مينيسوتا أن هؤلاء هم من الأشخاص الذين يسرقون حتى لو كان بإمكانهم عدم فعل ذلك.
قد تكون السرقة موجودة في الجينات البشرية، ولكن حتى القرود تسرق، حيث تلجأ قرود كابوتشين إلى إطلاق صيحات بدائية تحذيرية للقرود الأخرى لتتفرق وتتفادى الخطر. إلا أن بعضها يطلق صيحات زائفة ثم يسرق الطعام التي تركته القرود الهاربة.
- الغش:
تثير بعض الصفات البشرية الدهشة. ففي حين أن معظم الناس يعتبرون الأمانة والصدق من الفضائل، فإن الأشخاص الذين يعتنقون معايير أخلاقية عالية هم النوع الأسوأ من الغشاشين، وبطريقة ملتوية يعتبرون الغش سلوكاً مبرراً من الناحية الأخلاقية في بعض المواقف.
وجدت دراسة حديثة أن الشخص الذي يعتمد على الشريك من الناحية الاقتصادية يرجح أن يغش أكثر من الذين تكون علاقاتهم متساوية مالياً.
- التعلق بعادات سيئة:
ربما يكون كل ما ورد في هذه اللائحة أقل إشكالية لو لم نكن كائنات تتعلق بالعادات. فقد تبين عبر دراسة أنه حتى عند الإدراك التام لأخطار عادة سيئة، يجد الناس صعوبة في الإقلاع عنها. كما يميل الأشخاص إلى تبرير العادات السيئة بالإشارة إلى الاستثناءات في الإحصائيات كأن يقول أحدهم بأن تلك العادة السيئة لم تضره حتى الآن، أو أن جدته كانت من المدخنين وعاشت حتى بلغت التسعين من عمرها.
- التنمر:
يمكن للتنمر في مرحلة الطفولة أن يخلف آثاراً عقلية أكثر ضرراً من الإساءة للأطفال، كما أن التعرض للتنمر في مرحلة المراهقة يضاعف خطر الاكتئاب في مرحلة سن الرشد، وذلك وفقاً لما توصلت إليه دراستان منفصلتان فقد وجدت الدراستان أن نصف طلاب المدارس أو أكثر، يتعرضون للتنمر، كما وجدت إحدى الدراسات الأوروبية أن الأطفال الذين يتنمرون في المدرسة يرجح ممارستهم للتنمر على أخوتهم في المنزل أيضاً.
ووجد بحث آخر أن الموظفين في المكاتب يواجهون التنمر أيضاً من الرؤساء أو زملاء العمل، بدءاً من حجب المعلومات الضرورية لإنجاز العمل إلى إطلاق الإشاعات المؤذية وأصناف الإذلال المتعمد الأخرى، ومتى بدأ الأمر سيتجه إلى المرحلة الأسوأ.
أما لماذا نفعل ذلك، فيرى علماء النفس أن السبب هو إحراز السلطة والمنصب، وقد يكون من الصعب للبعض مقاومة هذا السلوك.
- التوتر:
يمكن للتوتر أن يكون قاتلاً ويرفع من خطر الإصابة بمشاكل قلبية بل وحتى السرطان، وهو يؤدى إلى الكآبة والتي تؤدي بدورها إلى الانتحار، ومع ذلك فهو سلوك مدمر آخر وخاص بالإنسان بامتياز. ولكن يصعب تحديد سبب التوتر. ولكن هذه الحقائق تجد صدى لدى الكثيرين. إن مكان العمل في ا لزمن الحاضر يشكل مصدراً كبيراً للتوتر للعديد من الأشخاص كما هو الحال بالنسبة للأطفال. حسب منظمة العمل الدولية، فإن أكثر من (600) مليون شخص حول العالم يعملون لمدة تفوق 48 ساعة في أسبوع العمل، كما أن التقدم بالتكنولوجيا كالهواتف الذكية وانترنت الحزمة العريضة أوجد ضبابية في الخطوط بين العمل وأوقات الفراغ.
- المقامرة:
يبدو أن المقامرة موجودة أيضاً في جيناتنا ومثبتة في دماغنا مما قد يفسر سبب شيوع هذا السلوك.
وجدت دراسة نشرت في مجلة (نورون) في العام الماضي أن الربح الوشيك ينشط الدارات الكهربائية في الدماغ المتعلقة بالفوز ويعزز الحافز للمقامرة، حيث يرى لوك كلارك من جامعة كامبردج أن المقامر غالباً ما يفسر أن ما كاد أن يحصل على أنه حدث مميز، مما يشجعه على الاستمرار في المقامرة، وتبين النتائج التي تم التوصل إليها أن الدماغ يتجاوب للأحداث وشيكة الوقوع كما لو أن الكسب قد حدث، حتى لو كانت النتيجة هي الخسارة.
-الثرثرة:
تعتبر الثرثرة مهارة اجتماعية، وليست عيباً في الشخصية. فالبشر مهيئون للحكم على الآخرين والحديث عنهم، بغض النظر عن مدى الضرر الذي ينتج عن ذلك.
تضع الثرثرة حدوداً للمجموعة وترفع من احترام الذات، ففي الكثير من المناسبات لا يكون الهدف من الثرثرة الحقيقة أو الدقة، فما يهم هو الرابط الذي تخلقه الثرثرة، وغالباً ما يكون ذلك على حساب طرف ثالث.