تغيير الجينات لوظيفتها مصدر هائل للأدوية
بالرغم من التنوع الهائل في عالم الكائنات الحية، إلا أنها تشترك في خصائص عدة. واحدة من هذه الخصائص المهمة الحاجة إلى اكتساب جينات جديدة، أو تغيير وظائف الجينات الموجودة من أجل التكيف والبقاء.
دراسة لباحثين من جامعة روشستر على الزنابير اللماعة المتطفلة نشرت في مجلة Current Biology أظهرت وكأن الجينات تغير من وظيفتها حسب الحاجة، وتعود إلى وظيفتها السابقة إن لم تعد هناك حاجة للوظيفة الجديدة. ويقول الباحثون يبدو أن جيناً من الجينات الموجودة في أزواج عادة يمكن أن يؤدي وظيفة جديدة، في حين يستمر الجين الآخر في أداء الوظيفة الأصلية. ويقولوا انهم اكتشفوا هذه القدرة في الجينات من تلك السرعة الكبيرة التي تغيّر فيها هذه الزنابير نوعية السم في غددها. ويشيروا الى أن هذه القدرة قد تكون واسعة الانتشار في أنواع الكائنات الحية.
ولكن كيف يتم إختيار الجينات ذات القدرة على التغير؟ يقول الباحثون ان عملية التنظيم الجيني هي المفتاح. فالقدرة على التحول السريع في جينات السم ترتبط بالتغيّر في المناطق التنظيمية المجاورة للجينات. فهذه المناطق تتحكم في عملية التعبير الجيني، أي ما إذا كانت الجينات نشطة أو خاملة في الأنسجة المختلفة. فعندما تنشط الجينات تعطي تعليمات لبناء البروتينات، وعندما تكون خاملة لا تعطي هذه التعليمات. وخيار نسخ الجين الواحد يمثل آلية أكثر سرعة للتكيف مع البيئة الجديدة. وفي الزنابير اللماعة، يتم التحول الجيني لتأدية وظائف جديدة. فهذه الزنابير تضع بيضها على خادرات حشرات أخرى، بعد أن تحقن الخادرة بالسم الذي يغيّر من عمليات الأيض في الخادرة بطرائق تجعل البيئة أكثر ملائمة للصغار الناتجة من البيض. وقد وجد الباحثون أن تركيب السم يمكن أن يتغير بسرعة، متيحاً للزنابير التكيف مع المضيفين المختلفين لبيوضها. وانه حتى في حالة التطفل على أنواع وثيقة الصلة ببعضها، فإن نسبة التغيّر في تركيب السم قد تصل الى 40%.
هذا ويشير الباحثون الى أن التنوع الكبير في سموم المتطفلات، ووفرة الأنواع المتطفلة (يقدّر عددها بنحو 600 ألف نوع)، مع حقيقة أن سموم الكائنات المتطفلة قد تطورت لمعالجة عمليات الأيض المختلفة، يعني توفر ثروة هائلة غير مستغلة في مجال الأدوية.