المال ليس الدافع الرئيسي للعمل
عندما نفكر كيف يعمل الناس فإننا نعتقد بشكل بديهي وساذج أن الناس يعملون من أجل الحصول على المال , ولكن المال ليس الدافع الرئيسي للعمل، وهذه هي الأسباب:
عندما ننظر بتمعن إلى طريقة عمل الناس سنجد أن هناك ما هو أكثر من المال على المحك , و ويقدم عالمالاالاقتصادلسلوكي دان ايرلي دليلاً على أن الدافع المهم خلف العمل هو معنى العمل نفسه وما يحقق لنا من تقدير الآخرين ، ويؤكد ايرلي أنه كلما كانت المهمة أصعب تطلب ذلك منا جهداً أكبر، وهذا بحد ذاته مما يجعلنا أكثر فخراً بما نقوم به .
ويعتقد البعض ان الدوافع للعمل والمال هما الشيء نفسه ، و لكن الحقيقة هي أن علينا أن نضيف كافة الأشياء إلى ذلك : المعنى – الإبداع – التحديات – الملكية – الهوية – الفخر ......
و فيما يلي بعضاً من دراسات إيرلي الأخرى إضافة إلى دراسات من باحثين آخرين حول المضامين المدهشة التي تجعلنا نشعر بالرضا عن عملنا :
1 - رؤية ثمار عملنا قد يجعلنا أكثر إنتاجية :
• الدراسة : في بحث الإنسان عن المعنى طلب إيرلي من مجموعتين من المشاركين تشكيل شخصيات من مسلسل بايونيكل من مكعبات الليغو، على أن يتم إعطاء كل أعضاء كل مجموعة مبالغ نقدية متناقصة مقابل كل شخصية يتم تشكيلها ، أي يتم دفع مبلغ 3 دولارات للمشارك الذي يتمكن من تشكيل الشخصية قبل الآخرين ثم مبلغ 2.70 دولارين وسبعون سنتاً لمن يليه وهكذا .... وكان يتم تخزين إبداعات المجموعة الأولى تحت الطاولة ليتم تفكيكها في نهاية التجربة ، في حين أن تشكيلات شخصيات المجموعة الثانية كانت تفكك بمجرد أن ينتهي تشكيلها، وبقول إيرلي " كانت هذه كحلقة مفرغة هم يشكلون و نحن نحطم أمام أعينهم " .
• النتائج : تمكنت المجموعة الأولى من تشكيل ( 11) شخصية في الوقت المحدد للتجربة ، في حين أن المجموعة الثانية قامت بتشكيل سبع شخصيات فقط قبل أن تستسلم .
• الخلاصة : على الرغم من عدم وجود معنى كبير على المحك ، وعلى الرغم من أن المجموعة الأولى عرفت أنه سيتم تحطيم عملها عند نهاية التجربة، إلا أن رؤية نتائجها و لو لفترة قصيرة كان كافياً لتحسين أدائها بشكل ملحوظ .
2 - كلما قل تقدير عملنا كلما أردنا مزيداً من المال للقيام به :
• الدراسة : أعطى إيرلي المشاركين بالدراسة – و هم من طلاب معهد ماساشوستس – قطعة من الورق مليئة بأحرف عشوائية، وطلب منهم البحث عن زوجين من الأحرف المتطابقة , وفي كل جولة كان يعرض عليهم مالاً أقل من الجولة السابقة , وقام المشاركون في المجموعة الأولى بتنفيذ ذلك مع كتابة أسمائهم على أوراقهم قبل تسليمها في نهاية التجربة إلى المشرف على التجربة والذي كان ينظر إليها دون اهتمام ثم يضعها في كومة من الورق أمامه، أما المشاركين من المجموعة الثانية فلم يكتبوا أسمائهم على الأوراق قبل تسليمها الى المشرف ، الذي كان بدوره يأخذها ويضعها في كومة من الأوراق أمامه دون النظر إليها إطلاقاً , أما المجموعة الثالثة فلم ينظر اليها إطلاقاً بل تم تمزيقها فور استلامها .
• النتيجة : طالبت المجموعة الثالثة التي تم تمزيق أوراقها فوراً ودون النظر إليها بضعف المبلغ الذي تم دفعه للمشاركين الذين تم تقدير عملهم ، وكان ذلك طلبهم من أجل متابعة هذه التجربة ، أما الأشخاص في المجموعة الثانيةالذين تم الاحتفاظ بعملهم ولكن تم تجاهله فقد طالبوا بمبلغ يعادل تقريباً المبلغ الذي طالبت به المجموعة التي تم تمزيق عملها .
• الخلاصة : إن تجاهل أداء الأشخاص يكون بمثابة تمزيق جهودهم أمام نظرهم ، وإذا كان من السهولة بمكان إيجاد الدافع من خلال زيادة المال، فإن إلغاء هذا الدافع قد يكون أمراً سهلاً ايضاً ، لذلك يجب عدم المبالغة في أي منهما.
3 - كلما كان المشروع صعباً كلما زاد فخرنا به :
• الدراسة : في بحث آخر أعطى إيرلي مبتدئين بفن طي الورق ( الاوريغامي ) ورقاً ، وتوجيهات لتشكيل نموذج قبيح جداً , ثم قام بسؤال الذين صنعوا المشروع و كذلك المتفرجين في نهاية العمل عن المبلغ الذي قد يدفعوه لقاءه و في محاولة ثانية، وقد تعمد ايرلي إخفاء التعليمات عن بعض المشاركين مما أدى إلى عمل أصعب و منتج أقبح .
• النتيجة : في التجربة الأولى دفع المشاركون خمسة أضعاف المبلغ الذي دفعه من قام بتقييم العمل فقط أما في التجربة الثانية ، فقد زاد نقص التعليمات من هذا الفارق حيث قيم المشاركون الأشغال المصنوعة القبيحة بمبلغ أعلى من الأشكال الأسهل والأجمل في حين أن تقييم المراقبين كان بمبلغ أقل .
• الخلاصة : يرتبط تقييمنا لعملنا مرتبط مباشرة بالجهد الذي بذلناه ( إضافة إلى ذلك فإننا نعتقد خطأ أن الآخرين سيمنحون عملنا نفس القيمة التي منحناه إياه ) .
4 - معرفة أن عملنا يساعد الآخرين قد يزيد من حافزنا اللاواعي :
• الدراسة : أجرى عالم النفس آدم غرانت دراسة في جامعة ميتشغان لدى مركز جمع التبرعات على الهاتف التابع لها حيث كان على الطلاب الذين استفادوا من منحة المركز عن طريق جمع التبرعات أن يتحدثوا مع المتصلين لمدة 10 دقائق .
• النتيجة : بعد شهر أصبح المتصلون يمضون 142% زيادة في الوقت على الهاتف أكثر من ذي قبل ، وازدادت العائدات بنسبة 171%, إلا أن المتصلين أنكروا أن زيادة طلاب المنحة قد أثرت فيهم .
• الخلاصة : تقول صحيفة التايمز في تعليقها على هذه النتائج : " كأن المشاعر الجيدة قد تجاوزت الإدراك الواعي للمتصلين ،و اتجهت مباشرة إلى مصدر الدافع في اللاوعي فقد كانوا أكثر اندفاعاً للنجاح حتى و لو لم يتمكنوا من تحديد سبب ذلك الدافع " .
5 -الوعد بمساعدة الآخرين يجعلنا أكثر إتباعاً للقواعد :
• الدراسة : أجرى آدم غرانت دراسة أخرى ( نشرت أيضاً في التايمز ) حيث وضع إشارات في موقع غسل اليدين في إحدى المشافي تبين أن " نظافة اليدين تجنبك التقاط الأمراض " أو " نظافة اليدين تجنب المرضى التقاط الأمراض " .
• النتيجة : استخدم الأطباء و الممرضات الصابون و معقمات اليدين بزيادة 45% في المواقع التي ذكرت إشارتها شيئاً عن المرضى .
• الخلاصة : مساعدة الآخرين عن طريق ما يسمى السلوك الاجتماعي الايجابي هو الحافز لنا .
6-التشجيع الايجابي لقدرتنا قد يرفع مستوى الأداء :
• الدراسة : قامت مجموعتين من الطلاب في جامعة هارفرد بإلقاء خطابات أمام جمهور من الفاحصين الذين قاموا إما بالإيماء و الابتسام للمجموعة الأولى ، وهز رؤوسهم و تقطيب حاجبيهم و عقد ذراعيهم للمجموعة الثانية .
• النتيجة : تمكن اعضاء المجموعة الأولى من الرد على أسئلة جمهور الفاحصين العددية بشكل أكثر دقة من المشاركين في المجموعة الثانية .
• الخلاصة : يمكن السيطرة على المواقف المسببة للضغط حيث يعتمد الأمر على شعورنا , إننا نجد أنفسنا في "حالة تحدي" عندما نعتقد أننا نستطيع التعامل مع الأمر ( كما فعلت المجموعة الأولى ) و بالمقابل حين نكون في "حالة تهديد" تكون صعوبة المهمة غامرة و نصبح مترددين فالحافز أقوى و الأداء أفضل في " حالة التحدي " عندما يكون لدينا ثقة بقدرتنا.
7 -الصور التي تفعل المشاعر الايجابية قد تساعدنا على التركيز :
• الدراسة : جعل الباحثون في جامعة هيروشيما طلاب الجامعة ينفذون مهمة ذات براعة يدوية قبل و بعد النظر إلى صور لصغار الحيوانات و للحيوانات البالغة .
• النتيجة : تحسن أداء في كلتا الحالتين و لكن كان هناك تحسن بنسبة 10 % حين نظر الطلاب إلى صور لطيفة لصغار القطط و الكلاب .
• الخلاصة : يقترح الباحثون أن المشاعر الإيجابية التي تسببها الظرافة تساعدنا على تضييق التركيز و على رفع مستوى أدائنا في مهمة تتطلب اهتماماً دقيقاً و هذا يفسر تعلق الأشخاص بألعابهم الطفولية .