الشرود هل هو حالة عقلية طبيعية؟
يقول الباحثون أن العقل الشارد مهم لوضع الأهداف واتخاذ القرارات وعيش حياة متوازنة.
ولكن حالة الشرود تحدث طوال الوقت، فمثلاً عندما تكون في اجتماع مع مديرك، أو تقوم بحل الكلمات المتقاطعة، أو تقوم بطباعة مقال ،أو حتى تتحدث مع والدتك على الهاتف، ومن ثم، تفقد وبشكل مفاجىء الكلمة التي كنت على وشك النطق بها ،أنت تعرف الكلمة، وقد استخدمتها من قبل، ربما تتذكر الحرف الذي تبدأ به أو نغمة الكلمة عندما تخرج من فمك، ولكنك نسيت تماماً الكلمة نفسها .
هناك مصطلح علمي لهذه الظاهرة الشائعة جداً، وهو ما نحب أن ندعوه (هفوات الدماغ).
أما بالنسبة لعلماء النفس فهي (متلازمة رأس اللسان Tip Of the Tongue (TOT) syndrome ) وفي حين أنه لا يوجد سبب مقبول عالمياً لهذه الظاهرة، فإن نظريات العلماء تزداد حولها.
إن ظاهرة (على رأس اللسان) فريدة لأنها شعور (بالتذكر الوشيك). إذا استمرينا بمحاولة تذكر الكلمة، ستظهر بالنهاية في عقولنا.
إذاً، ما الذي يعتقد العلماء اليوم أنه يسبب هفوة الدماغ؟ قد يكون سببها لغوي نفسي أي انهيار مؤقت باسترداد الكلمات. اقترح علماء آخرون أن هذه الظاهرة إشارة إلى أن شيئاً في عملية استرداد الذاكرة قد انحرف. يعتقد آخرون أن لحظة رأس اللسان هي الشعور الحقيقي الذي يظهر عندما يفشل الاسترداد.
تختلف الإحصائيات بشكل كبير، ولكن أظهرت الدراسات الأقدم بأن الأشخاص الذين هم بالعمر ما بين 18 و 22 عاماً يعانون من هذه الظاهرة مرة أو مرتين في الأسبوع، بينما يعاني منها البالغون الأكبر عمراً (بين 65 و 75 عاماً ) ضعف عدد المرات. إن التقدم في العمر، قلة النوم، التوتر، الكحول، تشتيت الانتباه أي شيء يمكن أن يؤثر بالسلامة الجسدية والمعرفية يمكن أن يزيد من تكرار هفوات الدماغ.
يقول الطبيب غاري سمول البروفيسور في الطب النفسي والتقدم في العمر في معهد سيميل لعلم الأعصاب والسلوك البشري UCLA أنه من الصعب فعلاً معرفة ما يسببها. عندما نحاول أن نتذكر شيئاً فإن الدماغ يستدعي شبكة الذاكرة، والتي هي قرن آمون والأجزاء الأخرى في الدماغ، لتعمل معاً للدخول إلى الذكريات المشفرة. إن الذاكرة طويلة المدى أكثر ثباتاً من الذاكرة قصيرة المدى. أحياناً قد يكون من السهل تذكر حفل التخرج في المدرسة الثانوية أكثر من تذكر ماذا تناولت على الغداء قبل يومين. إن لم تقم باسترداد الذكريات بشكل متكرر، سيكون من الأصعب التذكر. إننا نعرف أن المعلومة لدينا في مكان ما، ولكننا لم نستخدمها منذ بعض الوقت، لذلك ستصبح قديمة بعض الشيء.
يفسح الدماغ المجال للمعلومات الأكثر أهمية للحفاظ على كفاءته، بأخذ عبارة ( استخدمها أو اخسرها) حرفياً. يعطي سمول مثالاً عن أرقام الهواتف، فليس علينا أن نتذكرها لأنها محفوظة في هواتفنا بشكل آلي. تقول دراسة جديدة أن ذاكرتنا تحتوي على شيء يشبه ( ملف : للاستخدام فقط في حال الحاجة) ، وهناك يتم تخزين المعلومات الصغيرة لوقت لاحق، مما يشرح أكثر لماذا ننسى الكلمات التي لا نستخدمها بشكل متكرر.
على الرغم من أن متلازمة ( رأس اللسان) شائعة، إلا أنه لا يوجد هناك أي طرق عملية للتغلب عليها. وبحسب خبرة سمول كطبيب وعالم، هناك أربع شكاوى كبرى تتعلق بالذاكرة وهي: الأسماء والوجوه، الأماكن التي وضعنا فيها أغراضاً. عندما لم يجد سمول أي طريقة ناجحة موجودة مسبقاً للتغلب على متلازمة رأس اللسان، قام بابتكار طريقته الخاصة: انظر، صوّر، اربط.
(انظرLook) تذكرك بأن تركز انتباهك، (صوّرSnap) تعني خلق صور عقلية، و(اربط Connect) هي طريقة لإعطاء الصور العقلية معنى.
يقول سمول أن الذاكرة تعمل بشكل متجاور, فأنت تربط الذاكرة بأمور محددة، كتجربة شعورية أو بصرية. إن طريقة (انظر، صوّر، اربط) تهدف إلى ترسيخ هذه الروابط.