اكتشاف يعيد تأليف الكتب المدرسية
اكتشف علماء من امبريال كوليج لندن بالتعاون مع علماء من استراليا وفرنسا وايطاليا، نوعاً جديداً من البناء الضوئي المسؤول عن انتاج الغذاء في النباتات وغيرها من الكائنات الحية ذاتية التغذية، بما يغيّر من الفهم للآلية الأساسية لهذه العملية الحيوية المهمة، ويوجب إعادة كتابة محتوى الكتب المدرسية عنها. إضافة الى أن الإكتشاف سيعيد النظر في الطريقة التي يبحث فيها العلماء عن الحياة الفضائية، ويوفر وسيلة فاعلة لتصميم وانتاج محاصيل زراعية أكثر كفاءة.
تستخدم الغالبية العظمي من الكائنات الحية على الأرض الضؤ الأحمر المرئي في عملية البناء الضوئي. لكن النوع الجديد يستخدم بدل ذلك ضوء الأشعة تحت الحمراء القريبة. وقد تم اكتشاف هذا النوع في مجموعة واسعة من البكتيريا الخضراء المزرقة عندما تنمو في ضوء الأشعة تحت الحمراء القريبة، والتي وجدت في ظروف الظل في متنزه يلوستون الوطني في الولايات المتحدة وعند صخور الشاطئ في استراليا. كما اكتشف العلماء حدوثه في خزانة مزودة بمصابيح أشعة تحت الحمراء LED في إمبريال كوليج لندن.
يستخدم النموذج العادي شبه العالمي من عملية البناء الضوئي الصبغة الخضراء الكلوروفيل (أ )لالتقاط الضوء واستخدام طاقته في صنع مواد بيوكيميائية مفيدة، وأكسجين. والطريقة التي يمتص بها الكلوروفيل أ الضوء، تعني أن الطاقة من الضوء الأحمر فقط يمكن استخدامها في عملية البناء الضوئي. وحيث أن الكلوروفيل أ يوجد في جميع النباتات والطحالب و البكتيريا الخضراء المزرقة التي نعرفها، فقد اعتبر أن طاقة الضؤ الأحمر تحدد الحد الأحمر لعملية البناء الضوئي، أي الحد الأدنى من الطاقة اللازمة للقيام بالتفاعلات الكيميائية اللازمة التي تنتج الأكسجين. ويشار الى أن الحد الأحمر في علم الأحياء الفضائي يستخدم للحكم ما إذا كانت الحياة المعقدة قد تطورت على كواكب في أنظمة شمسية أخرى.
ومع ذلك، عند تنمية بعض البكتيريا الخضراء المزرقة تحت ضوء الأشعة تحت الحمراء القريبة، يتم إيقاف تشغيل أنظمة الكلوروفيل أ القياسية، وتبدأ بالعمل أنظمة مختلفة تحتوي على نوع من الكلوروفيل هو الكلوروفيل ف. حتى الآن كان يعتقد أن الكلوروفيل ف يلتقط الضوء فقط، لكن تبين للعلماء في دراستهم الأخيرة أنه بدل ذلك، يلعب الكلوروفيل أ الدور المفتاحي في عملية البناء الضوئي في ظل ظروف الظل، مستخدماً ضوء الأشعة تحت الحمراء منخفض الطاقة للقيام بالعمليات الكيميائية المعقدة. وهذا هو البناء الضوئي ما وراء الحد الأحمر. ويقول العلماء ان الشكل الجديد لعملية البناء الضوئي جعلنا نعيد التفكير في ما نعرفه، وهو يغيّر من كيفية فهمنا للأحداث الرئيسة في صلب عملية البناء الضوئي القياسية، بما سيغيّر مما تعرضه الكتب المدرسية.
نوع آخر من البكتيريا الخضراء المزرقة هو Acaryochloris يعرف أنه يقوم بعملية البناء الضوئي بعد الحد الأحمر. هذا النوع يعيش تحت سطح البحر في منطقة يمتص فيها معظم الضؤ المرئي، ليبقى فقط الأشعة تحت الحمراء القريبة. يمثل البناء الضوئي القائم على الكلوروفيل ف، والذى اكتشفه العلماء مؤخرا، النوع الثالث من البناء الضوئي المنتشر على نطاق واسع. ومع ذلك فانه يستخدم فقط في ظروف الظل الخاصة الغنية بالأشعة تحت الحمراء. بينما في ظروف الاضاءة العادية يستخدم البناء الضوئي ذي الشكل الأحمر القياسي. ويقول العلماء انه كان يعتقد أن ضرر الضوء يكون كبيراً خلف الحد الأحمر، لكن الدراسة تظهر أنه لا يمثل مشكلة في البيئات المستقرة والمظللة. ويقولوا ان اكتشاف نوع من البناء الضوئي يعمل الى ما وراء الحد الأحمر، يغيّر من فهمنا لمتطلبات الطاقة لعملية البناء الضوئي. وهذا يوفر رؤى جديدة حول استخدام الطاقة الضوئية، والآليات التي تحمي الأنظمة البيولوجية من التلف بفعل الضوء.
هذه الأفكار قد تكون مفيدة للعلماء الذين يحاولون هندسة محاصيل تقوم بعملية بناء ضوئي أكثر كفاءة باستخدام مدى أوسع من الضوء. ويقول العلماء ان معرفة كيفية قيام البكتيريا الخضراء المزرقة بحماية نفسها من التلف المتسبّب عن الاختلاف في سطوع الضؤ يمكن أن يساعد في اكتشاف ما هو مناسب لهندسة المحاصيل الزراعية. ويضيفوا بأنه أصبح من الضروري إعادة النظر في طريقة عرض الكتب المدرسية لعملية البناء الضوئي.