اكتشاف ساعة مراقبة اللياقة البدنية في الأسماك
اكتشف علماء من جامعة ساوثهامبتون ساعة مراقبة اللياقة البدنية في الأسماك التي تعمل على تسجيل مستويات نشاط السمكة على مدار اليوم. تحتاج الحيوانات الى تناول ما يكفي من الطعام لتوفير الطاقة اللازمة للحفاظ على أجسامها والصيد والنمو والتكاثر. وفي عالم متغير باستمرار، يمكن للتغيرات في كلفة عمليات الأيض أن تؤثر في مكان معيشة هذه الحيوانات. حتى الآن، كان قياس تكاليف المعيشة النشطة في البرية صعبا، بخاصة بالنسبة للحيوانات التي تعيش في الماء. من هنا جاء بحث جديد ليكتشف أن وتيرة الحياة في الأسماك يتم تسجيلها في تركيب في أذنها الداخلية هو حصاة الأذن.
تساعد الحصى المتراكمة السمكة على تحديد المستوى في الماء: أعلى أو أسفل. اضافة الى تحديد سرعتها والمساعدة في السمع. باحثون من بريطانيا والنرويج والدانمارك أظهروا الآن أن هذه الحصى تعمل أيضا كساعة تراقب اللياقة البدنية، وتكشف ان كانت السمكة تمر بحياة نشطة أم انها مسترخية تماما. ويقول العلماء في تقرير نشرته مجلة Communications Biology ان الكربون في حصى الأذن مصدره من الماء الذي تعيش فيه السمكة والغذاء الذي تأكله لتلبية متطلباتها من الطاقة. ويختلط الكربون من كلا المصدرين في الدم قبل أن ينتهي بعضه في حصى الأذن على صورة كربونات الكالسيوم. بتحليل هذه الكربونات بدقة، يمكن للباحثين تحديد مقدار الكربون الذي مصدره الماء، وذلك الذي مصدره الغذاء، إذ ان لكل من المصدرين نسبة مختلفة من الضوء ومن نظائر الكربون الثقيلة. عندما تزداد عمليات الأيض في السمكة، مثلا عندما تواجه ماء أدفأ أو تكون أكثر نشاطا، فانها تحرق المزيد من الطعام وتزداد كمية الكربون في حصى الأذن.
ويقول العلماء، ان حصى الأذن تنمّي طبقات جديدة مشابهة لتلك التي لجذع الشجرة. وكل زيادة طفيفة في نمو الحصى تعكس زيادة في نمو السمكة، ويمكن استخدامها لتوثيق عمرها. يمكن استعادة هذه البيانات حتى بعد وفاة الأسماك. والآن، وعن طريق قياس نظائر الكربون في الطبقات المفردة، يمكن للباحثين تعرّف كيف تغيّرت عملية الأيض للأسماك على أساس شهري خلال حياتها. بما في ذلك كيف أثرت التغيّرات الموسمية في درجة الحرارة والغذاء وسلوك الأسماك، في عمليات الأيض. ويقولوا، لدينا الآن الأدوات اللازمة لقياس وفهم كيف تأثرت الأسماك وتكيفت للتغيّرات في البيئة. ومقدار ما يجب على الأسماك تناوله لكسب ما يكفي من الطاقة للسباحة والنمو والتكاثر. وستساعدنا هذه الأداة في تحسين توقعاتنا لما يحدث للأسماك، بما فيها الأسماك ذات الأهمية التجارية مثل سمك القد، عندما تتغيّر البيئة.
ويشير العلماء الى أن حصى الأذن في الأسماك درست وخزّنت لأكثر من 100 سنة. لذا يمكن الآن العودة الى الماضي ومعرفة كيف تغيّرت عمليات الأيض في الأسماك استجابة للصيد الصناعي وتغيّر المناخ على المدى الطويل. ومن الممكن أيضا العثور على هذه الحصى في المواقع الأثرية التي تعود لآلاف السنين، والتي لا تزال تحتوي على اشارات الكربون الكاشفة لمعدلات الأيض في الأسماك. ويقولوا، يمكن الآن استخدام المعرفة حول أيض الأسماك القديمة، لتعرّف قدرة الأسماك على التكيف مع الظروف البيئية التي قد تنشا في المستقبل القريب، أو كيفية استجابة الأسماك للتغيّرات في درجة حرارة الماء، أو توفر الغذاء. ومن ذلك، ما الذي سيحدث للأسماك عندما تصبح المياه أكثر دفئا مما هي عليه الآن.