احتكار القلة Oligopoly
احتكار القلة هو عندما يتواطأ عدد قليل من الشركات تواطؤاً صريحاً أو ضمنياً لتقييد الإنتاج و/أو تحديد الأسعار من أجل تحقيق عوائد أعلى من عوائد السوق العادية.
يمكن أن تسهم العوامل الاقتصادية والقانونية والتكنولوجية في تكوين وصون احتكارات القلة أو حلها.
الصعوبة الرئيسة التي تواجه احتكارات القلة هي معضلة السجين التي يواجهها كل عضو في المجموعة، والتي تشجع كل عضو على الغش.
بإمكان السياسة الحكومية أن تثبط أو تشجع السلوك الاحتكاري، وكثيراً ما تسعى الشركات في الاقتصادات المختلطة إلى الحصول على مباركة من الحكومة للحصول على سبل تحد من المنافسة.
فهم احتكار القلة
يشمل احتكار القلة على مر التاريخ شركات تصنيع الصلب وشركات النفط وطرق السكك الحديدية وتصنيع الإطارات وسلاسل متاجر البقالة وشركات الاتصالات اللاسلكية. لكن سبب القلق الاقتصادي والقانوني هو أن احتكار القلة يمكن أن يمنع انضمام المشاركين الجدد، ويحد منالاالابتكاريرفع الأسعار، وكل ذلك يلحق الضرر بالمستهلكين.
وتحدد الشركات في حالة احتكار القلة الأسعار، سواء بشكل جماعي ضمن اتحاد احتكاري (كارتل) أو تحت قيادة شركة واحدة، بدلاً من إستنباط الأسعار من السوق. وبالتالي فإن هوامش الربح أعلى مما ستكون عليه في سوق أكثر تنافسية.
الشروط الميسرة لاحتكارات القلة
تتضمن الشروط التي تمكّن احتكار القلة وجود تكاليف دخول عالية في النفقات الرأسمالية، وامتيازات قانونية (ترخيص لاستخدام الطيف اللاسلكي أو الأرض للسكك الحديدية)، ومنصة تكتسب قيمة مع ازدياد عدد العملاء (الوسائط الاجتماعية). لقد غيّر التحول التكنولوجي والتجاري العالمي بعض هذه الشروط: فقد أثر الإنتاج الأجنبي وصعود "المؤسسات الصغيرة" على هذه الشركات. وعلى سبيل المثال، في مساحة تطبيق البرامج المكتبية، استُهدفت شركة مايكروسوفت بوساطة Google Docs، التي مولتها جوجل باستخدام أموال جنتها من عمليات البحث على الويب.
لماذا احتكارات القلة مستقرة؟
يكمن الجواب في أن هذه الشركات بحاجة إلى رؤية فوائد التعاون مقارنةً بتكاليف المنافسة الاقتصادية، ثم تتفق فيما بينها على عدم التنافس، وبدلاً من ذلك تتفق على فوائد التعاون. وقد وجدت هذه الشركات في بعض الأحيان طرائقً إبداعية لتجنب تثبيت الأسعار، وغالباَ ما تتبع الشركات المنضمة الى هذا الاتحاد قائد السعر المحدد؛ فعندما يرفع القائد الأسعار، يتبعه الآخرون.
المشكلة الأساسية التي تواجه هذه الشركات هي أن كل شركة لديها حافز للغش ؛ فإذا اتفقت جميع الشركات في احتكار القلة على تقييد العرض بشكل مشترك والحفاظ على ارتفاع الأسعار، فإن كل شركة تستولي على أعمال كبيرة من الشركات الأخرى عن طريق كسر الاتفاق الذي يقوض الشركات الأخرى، حيث يمكن شن هذه المنافسة من خلال الأسعار، أو ببساطة من خلال التوسع في إنتاجها الخاص الذي يطرح في السوق.
طوّر أصحاب نظرية اللعبة هذه نماذج لهذه السيناريوهات، والتي تشكل نوعًا من " معضلة السجين" والتي تعني أنه عندما تكون التكاليف والفوائد متوازنة، لا ترغب أي شركة في الخروج من المجموعة، أو لا تتمكن من احتكار القلة. يمكن تحقيق ذلك من الخروج بسبب الشروط التعاقدية أو السوقية أو القيود القانونية أو العلاقات الاستراتيجية بين أعضاء احتكار القلة التي تمكن من معاقبة الغشاشين.
ومن المثير للاهتمام أن نلاحظ أن كلاً من مشكلة الحفاظ على احتكار القلة، ومشكلة تنسيق العمل بين المشترين والبائعين بشكل عام في السوق تنطويان على تشكيل عوائد لمعضلات السجين المختلفة وألعاب التنسيق ذات الصلة التي تتكرر مع مرور الوقت. ونتيجة لذلك، فإن عددا من العوامل المؤسسية نفسها تسهل تنمية اقتصادات السوق عن طريق الحد من مشاكل معضلة السجين بين المشاركين في السوق، مثل التنفيذ الآمن للعقود والظروف الثقافية التي تتسم بارتفاع الثقة والمعاملة بالمثل، وسياسة عدم التدخل الاقتصادية او الحرية الاقتصادية "دعه يعمل دعه يمر"، والتي يحتمل أن تساعد في تشجيع وإدامة احتكار القلة.
تتعامل الحكومات في بعض الأحيان مع احتكار القلة بالقوانين المناهضة لتثبيت الأسعار والتواطؤ. ومع ذلك بإمكان الاتحاد الاحتكاري "الكارتل" أن يثبت الأسعار إذا كان يعمل بمنأى عن سلطة الحكومات أو بمباركة منها. أوبك مثال جيد على ذلك، لأنها كارتل من الدول المنتجة للنفط بدون سلطة شمولية عليها. وعوضاً عن ذلك غالبًا ما تسعى احتكارات القلة في الاقتصادات المختلطة إلى التهرب من السياسات الحكومية أو تشكيل لوبي للحصول على سياسات حكومية موائمة للعمل بموجب اللوائح الناظمة أو حتى الإشراف المباشر من قبل الوكالات الحكومية.