إذا القيت هذه الكبسولة في المياه ستخبرك بمقدار التلوث
طور الباحثون جهاز استشعارعلى شكل كبسولة ( لا يحتاج لأي بطاريات ) يحتوي على باركود barcode تلقائياً يظهر تلقائياً كمية الملوثات ومكان وجودها في المياه.
وقد تم التوصل الى هذه الوسيلة الفعالة في اكتشاف التلوث في المياه بناء على نتائج مشروع قام به الكيميائي المشهور جورج م. وايت سايد، وهو رائدٌ في علم تقنية النانو( حقل من حقول العلم يخبرنا كل شيء بدءً بالالكترونات وصولاً إلى التشخيص الطبي) بمشاركة المهندسة سندي ك. ي. تانج، وهي طالبة دكتوراه في جامعة هارفرد في مشروع لوكالة مشاريع البحوث المتطورة الدفاعية (DARPA) حيث كان المشروع يهدف الى إيجاد سبل لترميز الرسائل لدى البكتريا بإضافة مادة كيماوية معينة . وقد تمكنا من ترميزهذه الرسائل على شكل نقاط ، وينطلق توهج الفلورسنت عند التقاء البكتريا بهذه المادة الكيميائية .
بعد أربعة سنوات، استعملت تانج الفكرة عينها في مخبرها في ستانفورد، عندما أصبحت بروفسور مساعد في الهندسة الميكانيكية. لكن النموذج الجديد هو عبارة عن كبسولة على شكل رقاقة قادرة على إنتاج رمز باركود يُشير إلى تركيز الملوثات ومكانها مثل الرصاص الموجود في المياه بدون الحاجة إلى استعمال الكهرباء ؛ وهي تستعمل كيمياء لالتقاط الملوثات الموجودة في المياه. أما رأيها أنه عندما نسقط في أي جدول أو بئر لنموذج جديد تم شرحه مؤخراً في مجلة المخبر على شكل رقاقة قادرة على إنتاج رمز باركود يُشير إلى تركيز الملوثات ومكانها مثل الرصاص الموجود في المياه بدون الحاجة إلى استعمال الكهرباء.
يُسهل الجهاز الذي يبلغ حجمه حالياً حجم الخنصرحدوث التفاعل الكيميائي ومراقبته أثناء تحركه في المياه، وتحتوي علبة السيليكون الشفافة انبوبين رفيعين، كل واحد منهما مملوء بمركب هُلامي. وتتصل نهاية أحد الأنابيب بخزان يحتوي على مادة كيميائية كاشفة، في حين تكون النهاية الأخرى مفتوحة على البيئة المحيطة، لذا بإمكان المياه أن تتسرب إلى داخل الجهاز.
وتتحرك المادة الكيميائية في الخزان عن طريق الأنابيب الهلامية حسب معدل قابل للتوقع، وعندما يتحرك الجهاز في المياه تتدفق المياه داخل المادة الهلامية من الجانب المفتوح ، واذا كانت المياه ملوثة بالرصاص مثلاً يحدث التفاعل ، وتنشأ علامة مرئية غير قابلة للذوبان في الأنبوب. وينتج عن هذه العلامات رمز باركود يُمكن للعلماء من تحديد كمية وموقع الرصاص في مجرى المياه .
وقد نجح نجح فريق تانج في إجراء اختبارين على عينتي مياه مختلفتين في مخبرها. أضاف الباحثون ببطء الرصاص إلى عينتي المياه، واحدة من المختبر والأخرى من بحيرات ملعب الجولف في ستانفورد، عندها استطاعوا أن يروا الرموز التي ظهرت بسبب تلك الإضافة على جهاز الاستشعار. وقبل أن يكونوا قادرين على اختبار هذه الكبسولات ميدانياً، يتوجب عليهم أن يؤسسوا طريقة لجمعها بعد انتشارها. وأحد الحلول إضافة جزيئات مغناطيسية صغيرة ضمن عبوة السيليكون واستعمال مغناطيس لاصطيادها من الجانب الآخر.
حتى الآن ما يزال جهاز الاستشعار غير دقيق للغاية. وتقول الدكتورة تانج "أن امكانية اكتشاف التلوث بواسطة هذا الجهاز عالي جداً ولكن يشترط لذلك ان يكون تركيز المادة الملوثة للمياه مرتفع جداً ونحن مانزال في مرحلة اكتشاف الرصاص كملوث للمياه وليس الملوثات الأخرى لكن بعد ذلك، بإمكان تعديل الكبسولة لكي تتحقق من الملوثات المشهورة الأخرى. وقد تحتوي قوقعة السيلكون على أنابيب متعددة مخصصة لملوثات متنوعة مثل الزئبق والألمنيوم؛ الأمر الذي يسمح للمستخدمين بإجراء مسح طيفي واسع ضمن اختبار واحد. وتؤكد تانج على أن الجهاز ما يزال دليلاً على فكرة ولكنه بعيد جداً عن مرحلة التطبيق. "نحن نريد أن نظهر كيف يمكن للفكرة أن تعمل؛ أي كيف يمكنك استعمالها وتطبيق كيمياء أخرى" حسب قولها.
وإن نجحت، سيحل نظام تانج معضلة اختبار المسطحات المائية الكبيرة. ويُمثل النموذج الحالي المحاولة الأولى لأي شخص قادر على اكتشاف إجابة واضحة ليس فقط "نعم" أم "لا" بخصوص التلوث بالمواد الثقيلة في منابع المياه. أما الطرق الحالية مثل جهاز التحكم باليد الذي يُطلق عليه اسم ANDalyze، فيعمل على أخذ العينات من المياه لغرض إجراء الاختبار. وفي تلك الحالة، بإمكان المستخدمين أن يحددوا إن كانت المعادن موجودة، لكن ليس لديهم أي وسائل لعزل مصدرهم في منبع المياه. حتى إن كان بإمكان أجهزة الاستشعار التنقل داخل الصدوع والتشققات للوصول إلى المياه الجوفية، إلا أن هشاشة المكونات الالكترونية تعني أيضاً أنها قد لا تظل فعالة بشكل جيد تحت الأرض والتي ترتفع فيها الحرارة والضغط ارتفاعاً كبيراً.
وبحجمه الراهن بإمكان جهاز استشعار تانج أن يستعمل للعثور على الملوثات ومصادرها في الجداول، لكن تطوير هذا الجهاز ليصل إلى نطاق النانو – المقدر بحوالي واحد ميلي متر – هو هدفها الأكبر. وتقول تانج : "إن الحافز الرئيسي هو الحاجة إلى استشعار ما تحت الأرض،خاصة في الأماكن التي قد تجد فيها حفرة أو بئر لا يُمكننا نشر أجهزة الاستشعار فيه وجمعها من النهاية الأخرى (باستعمال التقنية الحالية) " .
ووفقاً لما أخبرت به تانج جريدة ستانفورد: "يجب أن تكون الكبسولات صغيرة كافية لكي تدخل بين التصدعات في الطبقات الصخرية، وأن تكون قوية كفاية لكي تظل فعالة في البيئة الكيميائية القاسية والساخنة وتحت الضغط تحت الأرض." وهنالك قطعة كبيرة من الأحجية: ما تزال تانج غير متأكدة حتى الآن حول كيفية جمع أجهزة الاستشعار بعد نشرها.
ووفقاً لوكالة حماية البيئة الأمريكية هنالك أنواع كثيرة من مصادر المياه بحاجة للاكتشاف ، وهنالك ما نسبته 95% من جميع مصادر مياه الشرب في الولايات المتحدة الأمريكية موجودة تحت الأرض. وهذه المصادر عرضة لتشكيلة واسعة من الملوثات التي تتطفل لتصل إلى المنابع سواءً عن طريق النضح والفضلات الصناعية والفضلات العامة. يمكن أن يكون هناك كمية جيدة من عقاقير الوصفات في هذا الأمر أيضاً.
وفي الختام فإن عملية تصغير الحجم التي رأت تانج بأنها تحتاج لسنين عدة قد تؤدي إلى حصول تغير في التصميم. وعوضاً عن الأنابيب الطولية التي تجري بالتوازي، وتفترض أنه قد تكون أجهزة الاستشعار التي يبلغ حجمها الميلي ميتر الواحد أن تكون نقاط دائرية. وفي تلك الحالة قد يُظهر رمز الباركود نفسه على أنه دوائر عوضاً عن شرائط، مثل "الحلقات على الشجرة" كما تقول.