هل سيختفي الجليد البحري من القطب الشمالي ؟
أدى القطب الشمالي على مسار التاريخ الإنساني وظيفة حيوية في الحفاظ على مناخ مستقر، فهو يعمل عمل "مكيف هواء" عملاق لكوكب الأرض من خلال تنظيم التيارات الجوية والمحيطية. بقي مستوى الجليد وحجمه منذ قديم العصور في المنطقة دون تغيير نسبيًا حتى بداية العصر الحديث.
مع ازدياد عدد سكان العالم بسرعة خلال منتصف القرن العشرين، بدأت انبعاثات ثاني أكسيد الكربون الناتجة عن الأنشطة البشرية وغيرها من غازات الدفيئة بالازدياد زيادة مطردة غير مسبوقة في السجل الجيولوجي الطبيعي. ومع أوائل القرن الحادي والعشرين، تجاوزت انبعاثات الكربون 10 غيغا طن سنويًا؛ أي بوتيرة أسرع بعشرة مرات من أي وقت مضى منذ انقراض الديناصورات.
أدى التراكم الناتج عن احتباس غازات الدفيئة في الغلاف الجوي إلى زيادة واضحة في درجة الحرارة حول العالم، وذلك بسبب اضمحلال الغابات وتآكل التربة وغيرها من تدمير المواطن الطبيعية الأخرى، فضلاً عن فقدان أحواض الكربون. كان هذا جلياً على وجه الخصوص في القطب الشمالي، فقد ازدادت درجات الحرارة بمعدل ضعفين عن المتوسط العالمي.
فقد القطب الشمالي بين عامي 1980 و 2015 أكثر من 75 ٪ من حجم الجليد البحري. كما انخفضت تغطية الجليد في الصيف على وجه التحديد انخفاضاً أسرع مما كان متوقعًا في الأصل. قدرت تقارير سابقة من الفريق الحكومي الدولي المعني بتغير المناخ أن القطب الشمالي سيشهد صيفًا خالٍ من الجليد بحلول العام 2100. وكان لزاماً على الخبراء إعادة تقييم نماذجهم ومراجعة توقعاتهم ذات التواريخ السابقة ، مع مراعاة آليات التغذية الراجعة مثل زيادة اللون الأسود في الطبقة البيضاء وارتفاع امتصاص الحرارة من المياه المفتوحة، مما سيؤدي الى أن بدايات صيف العام 2020 ستشهد ظهور أول جروف خالية من الجليد البحري في القطب الشمالي ، وليس العام 2100.
أصبح ما يسمى "أحداث المحيط الأزرق"، المعروفة على أنها أقل من مليون كيلومتر مربع من الغطاء الجليدي، أمرًا شائعًا في عام 2020. بادئ الأمر كان الأمر محدداً بشهر سبتمبر، لكن فصل الذوبان بدأ يمتد ليضم أشهراً إضافية أخرى ، ويتوقع العلماء أنه وبحلول العام 2025 ومع امتداد فصل ذوبان الثلوج على هذه الوتيرة ، سيكون القطب الشمالي خالياً من الجليد من شهر يوليو/ تموز حتى شهر نوفمبر/تشرين ثاني ؛ أي خمسة أشهر من السنة. وبحلول العام 2040، أي بعد عقدين فقط من حدث العام 2020، سيشهد القطب الشمالي "محيطًا أزرقاً خالياً من الجليد" على مدار السنة.