واحة أوكسجين في أعماق بحيرة في القطب الجنوبي
إكتشفت مجموعةعلماءوبمحض الصدفة واحة مليئة بالأوكسجين النقي في أعماق بحيرة متجمدة في القطب الجنوبي،وهذه القطعة الصغيرة من الجنة تفتح نافذة تمكن البشرية من التعرف على شكل الحياة على الأرض قبل أن ينتشر الأوكسجين في الجو.
ومن المعروف أن القارة القطبية الجنوبية Antarctica Continentهي أبعد نقطة جنوب الكرة الأرضية، ويوجد فيها القطب الجنوبي الجغرافي،وتقع بالكامل جنوب الدائرة القطبية، ويحيط بها المحيط الجنوبي.
تعتبر هذه القارة الأكثر برودة وجفافاً ورياحاً على الكرة الأرضية ، ويوجد فيها أعلى متوسط ارتفاع تضاريس بين جميع القارات، وهي صحراء حيث تبلغ الهطولات السنوية فيها 200ملم (8إنش) فقط على طول الساحل وأقل من ذلك بكثير في المناطق الداخلية.
تقول الباحثة دون سمر Dawn Summer وهي عالمة جيولوجيا في جامعة كالفورنيا/ديغز :( لقد كان جوالأرض خالياً نسبياً من الأوكسجين إلى ماقبل حوالي 2.4 مليار سنة،حين بدأت بكتيريا التركيب الضوئي بضخ الأوكسجين إلى الخارج على شكل فضلات،وذلك خلال تحويل ضوءالشمس إلى طاقة،ويعكس هذا"الحدث الأوكسجيني الكبير" نقطة البداية التي أصبح فيها الأوكسجين واسع الانتشار، ولكني اليوم اعتقد أن بكتيريا التركيب الضوئي قد انطلقت قبل ذلك بحوالي نضف مليار سنة على الأقل، إلا أن التفاصيل مازالت غامضة حول كيفية التحول من بيئة فقيرة بالأوكسجين إلى بيئة غنية به).
قد يكون أحد الاحتمالات هو أن الأوكسجين كان موجوداً على نطاق محدود في بعض المناطق قبل 2.8 مليار سنة -أي قبل انتشاره بشكل شامل بملايين السنين- وفي هذه الحالة فإن جيوب الأوكسجين هذه تشبه على الأغلب مثيلاتها المكتشفة حديثاً في القارة القطبية الجنوبية.
مفاجأة الأوكسجين:
اكتشفت الباحثة سمر وزملاؤها واحة الأوكسجين بطريق الصدفة كما تقول، وذلك عندما كان الفريق يغوص في بحيرة فرايكسل Fryxell وهي بحيرة بطول 2.8ميل (4.5كم) وذات سطح متجمد وتقع في وديان ماك ميردو الجافة في القارة القطبية الجنوبية، وتحتوي بحيرة فرايكسل مثل البحيرات الأخرى في المنطقة، على طبقات مليئة بالأوكسجين في الأعلى، ولكنها تصبح خالية منه كلمااتجهنا إلى الأعماق،وكانت المفاجأة أنه على عكس البحيرات الأخرى في المنطقة، فإن طبقاتهاالعميقة التي يفترض أن تكون خالية من الاوكسجين غنية به، حيث تبين ان الكائنات الحيةالموجودة في هذه الطبقات العميقةوالتي يصلهاضوءالشمس تطلق الاوكسجين كجزءمن عملية التنفس.
كان أيان هاوز- وهو باحث في جامعة كانتربيري/نيوزيلاندا- يقوم بالغوص مع تايلر ماكاي - الطالب المتخرج من جامعة كاليفورنيا/ديغز- عندما لاحظ الاثنان مساحات خضراء من البكتيريا الزرقاء، وهي نوع من البكتيريا تستخدم التركيب الضوئي لتبقى على قيد الحياة. كما وجد الاثنان أن البكتيريا كانت تولد طبقة من الأكسجين بسماكة 0.08إنش (2ملم)في المياه الخالية من الأكسجين.
وبهذا الشكل يمكن للبحيرة القطبية الجنوبية أن تكون مختبراً طبيعياً لدراسة مؤشرات جيوب الأوكسجين الموضعية،وذلك حسبما جاء في تقرير للخبراء نشر في مجلة الجيولوجيا بتاريخ 21 آب 2015. وعندها يمكن لعلماء الجيولوجيا البحث عن نفس تلك المؤشرات في الصخور القديمة، وربما تلك التي يعود عمرها إلى ما قبل حادثة الأكسجين.
أما بالنسبة للوقت الحاضر، فيخطط الباحثون لدراسة تأثير واحات الأكسجين الموضعية على المياه الخالية منه حولها، وكذلك الترسبات في البحيرة.
طبقات الجليد في القطب الجنوبي المتنامية قد تكون سبباً في بداية العصر الجليدي:
ربما تكون أسباب بدايات العصر الجليدي الأعظم الأخير، والذي غطى نصف الكرة الشمالي بأنهار جليدية ضخمة، مفاجئة: وهي تراكم طبقات الجليد في النصف الآخر من الكوكب، أي في القارة القطبية الجنوبية.
في نهاية العصر الحديث القريب، قبل حوالي 2.6 مليون سنة، بدأت طبقات الجليد بتغطية أوروبا وأمريكا الشمالية.ومنذ ذلك الحين، ازدادت تلك الطبقات الجليدية وانكمشت دوريا أكثر من 50 مرة مسببة الارتفاع والانخفاض في مستوى البحر لأكثر من 330قدم (100م).
إلا أن المحرك الحقيقي للتبريد خلال العصر الحديث المتأخر، والذي أدى إلى تشكل هذه الأنهار الجليدية، مازال غامضاً. ويعتقد بعض الباحثين أن الظواهر التكتونية التي أدت إلى نشوء القارات، مثل إغلاق ممر بنما المائي، وارتفاع جبال روكي، ربما لعبت دوراً لأنها قد تكون السبب في تحويل أنماط الجريان في المحيط أو في جو نصف الكرة الشمالي.
وجد الباحثون في الدراسة الحديثة دليلاً على أن طبقات الجليد القطبي بدأت بالنشوء قبل مابين 3.1 – 2.7 مليون سنة. وهذا الإطار الزمني يعني أن نشوء الأنهار الجليدية قد سبق ظهور البحيرات المتجمدة العظمى عبر أمريكا الشمالية- كانت البراهين السابقة تبين أن الأنهار المتجمدة الشمالية بدأت بالظهور قبل حوالي 2.7 مليون سنة.
توحي هذه النتائج أن نشوء معظم الجليد الأول قد ظهر في القطب الجنوبي. وقد أظهرت النتائج أيضاً أن تغيراً في نقل الحرارة في أعماق البحر كان له التأثير الكبير على مناخ الأرض- وذلك حسب رأي رئيسة الباحثين ستيلا وودوارد- وهي عالمة كيمياء جيولوجية وعلم المحيطات القديمة في جامعة رودجرز/ نيوجيرسي التي تقول : " إن تيارات أعماق البحار هي المسؤولة عن حوالي 30 – 50 % من تخزين ونقل حرارة الكوكب".
ووجد الباحثون أيضاً أنه في وقت متأخر من العصر الحديث تبردت المياه العميقة شمال المحيط الأطلسي سريعاً بحوالي 4درجات فهرنهايت (درجتين مئويتين) . وأصبحت المياه العميقة شمال المحيط الهادي دافئة بحوالي 3 درجات فهرنهايت (1.5 درجةمئوية). مما يعني أن نمو الطبقة الجليدية في القطب الجنوبي قد تصادف مع درجات حرارة متساوية بين قاعي المحيطين الأطلسي والهادي، مما يؤشر لوجود تدفق حراري بينهما.
ويعتقد الباحثون أن نمو طبقات الجليد في القطب الجنوبي، قد بدل تيارات المحيط في كل أنحاء العالم. إن المزيد من جليد بحار القطب الجنوبي قد يعني وجود مياه مالحة أقل دفئاً شمال المحيط الأطلسي والتي ارتفعت تدريجياً واختلطت بالمياه السطحية التي تحيط بالقارة القطبية الجنوبية.
بدلاً من ذلك، لابد أن يكون هذا الحزام الناقل للحرارة قد غير اتجاهه إلى المياه العميقة في المحيط الهادي. قد تكون هذه التغيرات في الحرارة هامة جداً إلى حد أنها بدأت بتشكيل الأنهار الجليدية في نصف الكرة الشمالي.
وبالضرورة لا تستبعد تلك النتائج التفسيرات الأخرى حول تبريد العصر الحديث المتأخر، ومع ذلك، فإن التغير السريع إلى حد ما في درجات الحرارة والجريان الذي يقترحه الباحثون، يوحي فعلاً بأن عملية بطيئة مثل إغلاق ممر بنما المائي، ربما لعبت دوراً غير مباشر في تبريد المناخ قبل حوالي 2.73 مليون سنة.