هل يوجد انسان في العالم يشبهك تماماً؟
من المعروف أن لكل إنسان في العالم بصمة DNA فريدة من نوعها تميزه عن غيره. لكن علماء من جامعة ميونيخ للتقنية يقولون ان تأثير هذا الاختلاف بين الناس لم يوفى حقه من الاهتمام، وانه يمكن للرؤى الجديدة حوله أن تؤثر بشكل كبير في مسار التقدم في ما يسمى "الطب الشخصي". ويقول العلماء في تقرير عن دراستهم نشرته مجلة Scientific Reports أنه من المعروف أن البروتينات هي آليات الحياة، فلا يمكن للخلية أن تعمل بدونها. ويوجد في جسم الإنسان نحو 20 ألف نوع من البروتينات مسؤولة عن عمليات الأيض والنمو والتجدد. واللبنات الأساسية لبناء البروتينات هي الحموض الأمينية، والتي يتم تجميعها معاً لتكوين البروتين تبعا للبصمة المحددة في DNA.
في دراستهم، عمل العلماء على فحص عينات دم أخذت من 60 ألف شخص، ليتبين لهم وجود اختلافات واسعة بشكل مثير للدهشة بين بروتينات الأفراد الأصحاء. ففي فردين لا صلة بينهما يوجد في المتوسط اختلافات في 20 ألف حمض أميني، وهي ما يسمى: متغيرات الحمض الأميني الواحد SAVs. وقد جمع مختبر ماك آرثر الأمريكي نحو 10 ملايين من هذه المتغيرات. ويقول العلماء: حتى الآن يعتقد كثير من الخبراء أن معظم هذه المتغيرات ليس لها تأثير كبير على وظيفة البروتين، لكن هذا افتراض يصعب إثباته. إذ لا يمكن إجراء دراسات تجريبية على مثل هذا العدد الهائل من متغيرات الحمض الأميني الواحد. وفي الواقع توجد بيانات تجريبية ذات صلة لأقل من 0.01 من هذه المتغيرات.
طوّر العلماء طريقة تمكّن من التنبؤ بتأثير هذه المتغيرات من خلال المحاكاة الحاسوبية. وباستخدام البيانات التي تم الحصول عليها من التجارب المخبرية تمكن البرنامج من التنبؤ بالتأثير المحتمل ل 99.99% من المتغيرات حول ما لا يعرف حتى الآن. ويقولوا انه جنباً الى جنب مع الطرائق الإحصائية والذكاء الصناعي يمكن تكوين نماذج. ويضيفوا بأن النتائج التي حصلوا عليها من تجاربهم تنبأت بأن التنوع في تسلسل الحموض الأمينية الذي لوحظ في أكثر من 5% من الناس له تأثيرات كبيرة على وظائف الخلية.
غير أن العلماء لا يستطيعون تحديد الطبيعة الدقيقة لهذه التأثيرات. فقد تكون مثلاً التأثير في القدرة على كشف الروائح، أو اختلافات في عمليات الأيض. أو التأثير في الاستجابة لمؤثرات البيئة أو الأدوية. ويقولوا انه لا يمكن الكشف عن هذه التأثيرات في الحياة اليومية، لكن في ظروف معينة يمكن لبعضها أن يكون مؤثراً، ومن ذلك عند أخذ دواء معين، أو التعرض لمؤثر معين لأول مرة. ويقول العلماء انه لا يمكن ببساطة وصف التنوع البروتيني بأنه جيد أو سئ، فالمتغيرات التي قد تكون مضرة اليوم يمكن أن تكون مفيدة مستقبلاً عند تغير ظروف البيئة.
ويشير العلماء الى أن البحث في تأثير تغيرات الحمض الأميني الواحد على تركيب ووظائف البروتينات قد بدأ، وأن الرؤى الجديدة في هذا المجال ستمهد الطريق لتقدم مهم في مجال الطب الشخصي. وبالتالي فإنه سيكون بالإمكان مستقبلاً استخدام المعلومات المستقاة من هذه التغيرات في تحديد أفضل الأطعمة والأدوية لكل فرد.