ما الوظائف التي ستختفي في المستقبل القريب؟
يسير التقدم في طريق لا نهاية له، إلا أنه يبدو كخطوة إلى الوراء بالنسبة للموظفين، إذ يتوقع أن تبتلع الأتمتة حتى 6% من الوظائف في الولايات المتحدة وحدها بحلول عام 2021.
وتشمل هذه الأتمتة الروبوتات الآلية وبرامج الذكاء الصناعي، القادرة على انجاز المهام أسرع من البشر وبشكل أكثر أماناً.
يقول الدكتور فيل بيرتون ـ كارتلدج رئيس برنامج علم الاجتماع بجامعة ديربي في المملكة المتحدة أنه حين يتعلق الأمر بالتعليم العالي فإنه قد ينصح الطلبة بأن يحاولوا الالتحاق بالكليات ذات المهارات المتعددة مقابل الكليات التخصصية سواء في مجال العلوم الإنسانية، الطبيعية أو الحواسيب، لأن المجال المتنوع من المهارات والكفاءات هو السبيل الأفضل لمواجهة المستقبل والتحديات القادمة.
فيما يلي الوظائف التي قد تختفي في السنوات القليلة القادمة:
1- أمناء الصندوق ووكلاء المصارف:
لقد تدخل الصراف الآلي (ATM) بشكل واسع بالوظائف المصرفية التي يديرها البشر، وتقوم تطبيقات الهواتف الذكية حالياً بالكثير من العمل بل وحتى الموافقة على الإيداع.
لم يعد لدى المرء أي سبب للذهاب إلى المصرف بعد الآن، ، حيث يمكن للصراف الآلي إنجاز 90% مما يمكن لأمين الصندوق أن يفعله ولن يطول الوقت قبل أن تتمكن هذه الأنظمة من تقديم الحلوى للأطفال أيضاً.
2- المحللون الماليون:
يبرع بعض المحللين الماليين في اكتشاف التوجهات المالية واستخدام تلك المعلومات لتوجيه المؤسسات والأفراد بالتعامل بالأسهم او السندات المالية بطريقة مربحة للغاية.
إلا أن ذكاء البشر مهما بلغ لا يمكنه أن يضاهي قدرة المعالجة لبرامج التحليل المالي التي تعتمد على الذكاء الصناعي، إذ يمكن لتلك البرامج أن تسترجع التوجهات من بيانات قديمة جداً للتنبؤ بتحركات السوق المستقبلية وكل ذلك خلال ثوان فقط.
من هنا فإنه من المتوقع أن تخسر الوظائف في القطاع المصرفي لغاية 30% لصالح الذكاء الصناعي خلال السنوات القليلة القادمة.
3- موظفو التأمين:
لا شك أن الحواسيب جيدة جداً في مجال الأرقام، ومهنة التأمين تدور كلها حول الأرقام، مثلاً في اليابان تم الاستغناء عن خدمات عشرات المندوبين المتخصصين بمطالبات التأمين الصحي حين بدأت الوكالة باستخدام نظام الذكاء الصناعي على أساس برنامج Watson Explore من شركة IBM.
يقوم هذا البرنامج بتحليل وترجمة كل البيانات المتعلقة بزبائن الشركة، وليس الأرقام فحسب بل النصوص والفيديو والصور الثابتة، الصوت، من أجل تحديد المبلغ المناسب الذي سيدفع.
يتم ذلك بالطبع بسرعة أكبر مما يستطيعه الإنسان، ونظراً لازدياد استخدام الذكاء الصناعي، سيتم التسريح بالجملة للعاملين في مجال التأمين.
4- المسؤولون عن المخزون وعمليات الجرد:
لا يمكن لأي روبوت حتى الآن إعادة تجهيز الرفوف، إلا أن هناك واحدا على الأقل باستطاعته إجراء عملية الجرد عبر مسح الرفوف لمعرفة المواقع الفارغة والمواد غير الموجودة والمواد الموضوعة في غير مكانها وكذلك أخطاء التسعير. ويستخدم الروبوت (تالي) الذي يعمل في المستودعات حساسات متعددة لفحص الرفوف في كل أنحاء المخزن ثم تقديم النتائج إلى الإنسان.
على الرغم من أن هذا النوع من الروبوت يكلف مبالغ طائلة، إلا أنه على المدى الطويل يمكنه توفير أكثر من ثمنه عبر العمل دون توقف خلال أيام العطل الرسمية أو العطلات.
5- عمال البناء:
تستمر المسيرة البطيئة باتجاه الاستخدام المطلق للآلات في مجال التصنيع، ولا يستثنى من ذلك مشاريع البناء.
ونظراً لكون العمل في مجال البناء قد يكون خطراً في بعض المواقع ، فإنه يوشك أن يكون محظوراً فيها حيث بدأت الروبوتات بغزو مواقع البناء. ويمكن للروبوت ( سام ) وهو (نصف آلي) أن يضع 1200 قطعة من الطوب في اليوم الواحد، في حين أن متوسط استطاعة العامل من البشر ما بين 300 ـ 500 قطعة فقط.
سيخفض هذا الأمر من القوة العاملة البشرية بحوالي الثلثين، حيث ستكون الحاجة إلى عامل واحد فقط (بدلاً من ثلاثة) للعمل إلى جانب (سام) وإنهاء المهام الأبسط.
لا ينحصر الضغط على عمال البناء بالآجر فحسب، بل من المرجح أن لا يمر وقت طويل قبل أن يخسر عاملو الروافع وسائقو البلدوزر عملهم لصالح الآلات التي تعمل بوساطة الذكاء الصناعي.
6- عمال الصناعة:
توجد في الصين غالبية الصناعة العالمية، ولكن هناك يخسر العمال الآف العمال وظائفهم لصالح الآلات. فشركة فوكسكون (Foxconn) وهي الشركة الصانعة للأجهزة المعروفة آيفون وإكس بوكس (I Phone ـ Xbox) قامت باستبدال 60000 عامل بالروبوتات.
7- سائقو التاكسي:
على الرغم من أن السيارات ذات القيادة الآلية لم تصبح موثوقة حتى الآن، إلا أن الكثير من الآليات ذاتية القيادة موجودة حالياً على الطريق. بعد أن شعر سائقو التاكسي التقليديين بالضغط من شركات مثل (أوبر Uber) و (ليفت Lyft) فإنهم على وشك الإصابة بأكثر من ذلك بسبب وجود السيارات الروبوتات.
ولم يعد بوسع تلك الشركات الانتظار لإحلال السائقين بالذكاء الصناعي محل السائقين من البشر مما سيفسح المجال أمام مكاسب أكبر وتكاليف أقل بالنسبة للزبائن.
لقد أطلقت شركة (أوبر) مؤخراً برنامجاً آلياً لقيادة السيارات، أما سنغافورة فقد وضعت العشرات من سيارات التاكسي ذاتية القيادة على الطرق وتعمل بصورة منتظمة.
8- المزارعون:
ربما سيتواجد دائماً بعض البشر لإدارة المزارع، إلا أن الكثير من الأعمال اليدوية يمكن أن تنفذها الروبوتات.
يوجد حالياً آلات مؤتمتة يمكنها تنظيف الحدائق أو أرصفة الشوارع من الأعشاب أو أوراق الشجر المتساقطة، لذلك فإن الزمن ليس ببعيد الذي ستتعامل فيه التكنولوجيا مع تلك الوظيفة على نطاق أوسع.
تقوم المزارع حالياً في ألمانيا وكندا والولايات المتحدة باستخدام تقنية "نظام الحلب الاختياري" الذي يسمح للأبقار بالتوجه إلى الآت الحلب حين ترغب أن يتم حلبها، وبالتأكيد سيمنح هذا الأمر نوعية حياة أفضل للأبقار كما سيختصر العمل بالنسبة للمزارعين.
يتوقع أن يتطور المزارع الروبوت بشكل أسرع في المواقع حيث يكون العمل قاصماً للظهر ويصعب إيجاد العدد الكافي من العمال خلال فترات الحصاد القصيرة.
9- المحررون الفنيون:
لقد استخدمت وكالة الأنباء (أسوشيتد برس) منذ عام 2014 برامج الذكاء الصناعي لكتابة تقارير الإيرادات الربعية. ويتم في الوقت الحاضر إنجاز 3000 تقرير بهذه الطريقة كل ربع. وحتى هذه اللحظة لم يفقد أي من الكتاب وظائفهم لصالح الكمبيوتر.
10- نجوم السينما:
وهذا الأمر موجود أيضاً. ربما سنحتاج للبحث عن وجوه جديدة لإمتاعنا، إلا أنه بسبب التقدم في مضمار تكنولوجيا الصور التي يولدها الكمبيوتر (CGI) لن نضطر لوداع نجومنا المفضلين القدامى.
لن يشكل الموت عقبة أمام صانعي الأفلام إذا تعلق الأمر بممثل محبوب، وأحدث مثال على هذا هو فيلم حرب النجوم (Star Wars: Rogue One) حيث كان باستطاعة الممثل بيتر كوشنغ أن يلعب دور موف تاركن الكبير بالرغم من وفاته منذ عام 1994.
وبنفس الحركة الخاطفة ظهرت الممثلة كيري فيشر بدور الأميرة ليا ذات الواحد والعشرين عاماً (كانت على قيد الحياة في وقت الفيلم ولكنها متوفية الآن).
عما قريب سيكون هناك الكثير من الممثلين والممثلات الذين لا نميز وجوههم لأنهم يؤدون أدوارهم من خلال تقنية التقاط الحركة ويتم حذفهم من الفيلم لاحقاً.
وأخيراً على الرغم من أنه من المرجح كثيراً أن يتم دفع البشر جانباً في وجه الاندفاع القاسي تجاه تحقيق المكاسب الضخمة، الا أنه يجب أن نعرف بأن هذه الدورة ستصحح نفسها إلى حد ما في نهاية الأمر، لأن الآلاف بل الملايين من البشر الذين تم استبدالهم بالروبوتات سيصبحون فقراء لدرجة عدم تمكنهم من شراء العدد الضخم من السلع المنتجة آلياً.
ومع ذلك لأنه ليس للإنسان الحرية في أن ينقطع عن فعل أشياء كتناول الطعام، سيكون من الضروري في السنوات القادمة أن تقوم بتنويع مهاراتك وأن تراقب بعناية الوسائل التي يمكنك عبرها المساهمة في هذا العالم الذي تحكمه الحواسيب.